اشرف الكرم يكتب ”عالم أهلي وزمالك”
م.اشرف الكرم المصريين بالخارجمنذ قديم الأزل، ويعج العالم بانقسام الناس لفئتين كبيرتين، تشكِّلان كيانين ينجذب إليهما الكثير من العوام، لأسباب تتعلق بالعرق أو العقائد أو الأيدلوجيات أو الانتماءات السياسية وما إلى غير ذلك.
وتتعدد الأسباب التي تدفع الناس لهذا الانتماء، الذي ينتج عنه مريدين أو أتباع يشكلون قوة هذا الكيان دون الآخر، وتظل المنافسة والتدافع بين هذين الكيانين مستمرة وبقوة ذاتية، وقودها المنتمين أنفسهم إلى كل منهما.
ولو ألقينا نظرةً سريعة على تلك الكيانات التي تُكوِّن ثنائيات الزمن الواحد عبر السنين، فسنجد مثلًا في المدينة المنورة الأوس والخزرج، وكانت أيضا الفرس والروم في المجال السياسي، وفي الإطار الديني كان ومايزال في المسلمين السنة والشيعة، وفي المسيحيين الكاثوليك والأرثوذكس، بل وفي العصر الحديث وجدنا الإتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، وأيضا الحزب اليميني والحزب اليساري في دول أوروبا، والحزب الديمقراطي والجمهوري بأمريكا، وغير ذلك كثير.
تلك الثنائيات التي ملأت العالم عبر الزمان كانت ولاتزال، هي القوة الدافعة لتطوير الحياة وخلق التدافع الحضاري، والتي ينتج معها الكثير من التنافس في دروب الحياة العلمية والفنية والثقافية وغيرها، مما أفاد البشرية بخبرات تراكمية مفيدة عبر الأزمان.
ومع ذلك فإن البعض من هذه الكيانات، تنجرف أحيانًا بشكلٍ سلبي عن هذا الهدف الانساني والحضاري لتشكل خطورة على الكون في مرحلة ما، حين يتغلغل التعصب المقيت في مفاصلها وفي فكر إداراتها وعصب تكوينها، لتنزلق إلى التعدي والظلم تحت ستار قوتها الذاتية وضعف الآخرين، وعندها تخسر البشرية الكثير من مكتسباتها، وتتراجع المسيرة الحضارية بشكل دامي، مثلما نتج عنه الحروب العالمية التي خسر فيها العالم ١٠٠ مليون نسمة، وتكون حينها الخطورة.
والذي يحدث في وطننا مصر، من انتماء الكثيرين لفريقي الأهلي والزمالك، هو شيء إيجابي ومحمود بل وطبيعيّ، إذا ما نتج عنه تنافس شريف، يدفع فيه الجمهور إدارة الناديين لتقديم الأفضل والأكثر مهارة، ويشجع فيه المنتمون للنادي ناديهم بشكلٍ إيجابيّ، يصل بمصرنا إلى انتقاء فريقٍ وطني قومي ينافس فرق العالم،
لكن الذي يحدث من تشجيعٍ سلبي ومحاولة السخرية من مشجعي الفريق المقابل، والإساءات المتوالية والمتعددةِ الأشكال من النكات والتطاول بالصور والكلمات عبر المنصات، هو من قبيل التشجيع السلبي ولاشك، وهو الذي لن يصل بنا إلا إلى الفرقة والضغائن والكراهية فيما بين الأهل والأصدقاء، وبين أفراد الأسرة أحيانًا، وهذا يستدعي الإنتباه من الجميع، وأن يقوم كلٌ منا بمسئوليته نحو من هم حوله لينشر وعيًا واجبًا نحتاجه كثيرًا، وقبل أن نصل إلى نقطة الخطورة.