كورونا..وانكماش اقتصادي كبير من واشطن إلى برلين
بقلم : د.محمد حجازي
أدى تفشي وباء كورونا المستجد خلال أسابيع قليلة إلى إضعاف الاقتصاد العالمي بدرجة كبيرة دفعت معظم الخبراء الاقتصاديين إلى القول بأن دول العالم قاطبة من واشنطن إلى برلين ستشهد انكماشًا اقتصاديًا كبيرًا يفوق كل سابقيه من أزمات اقتصادية كالكساد الكبير في ثلاثينات القرن العشرين والأزمة المالية العالمية التي عصفت بكبريات البورصات العالمية في مطلع الألفية الثالثة في عام 2008م.
ويذهبون في توقعاتهم إلى أن الأزمة الكورونية الراهنة لم تقتصر آثارها الاقتصادية علي القطاع المالي وانهيار البورصات العالمية كما حدث عام 2008م ، بل امتدت آثارها لتمس وبقوة الاقتصاد الحقيقي مع انهيار الإنتاج وبالتالي انهيار العرض الكلي الحقيقي من السلع والخدمات بسبب العزل المفروض علي ملايين الأشخاص ومن بينهم قطاع العاملين في المشروعات الإنتاجية.
كما يثير انتشار فيروس كوزونا كثير من الشكوك حول تغير مستوى أسعار المنتجات في ظل مخاطر الانكماش الاقتصادي إذا ما استمر انهيار الطلب الكلي في ظل عدم فعالية السياسات المالية والنقدية في تحفيز وتنشيط الطلب الكلي.
ونحن نرى أنه في الأجل القصير ومع نقص أو قصور العرض الكلي فإنه (ينكمش الاقتصاد وتزيد معدلات البطالة) وفي نفس الوقت (ترتفع الأسعار ويتزايد معدل التضخم) وهذا ما يقود إلى ظاهرة (الركود التضخمي : وهو بطالة مصحوبة بإرتفاع أسعار السلع والخدمات).
نحن إذن أمام ظاهرة اقتصادية عالمية (الركود التضخمي) سيعيشها العالم المتقدم والمتخلف علي السواء ولكن بدرجات مختلفة وفقًا للقدرة الإنتاجية لكل اقتصاد ومدى صموده في مواجهة الأزمة الكورونية..وكل هذا مرهون بمدة الأزمة الكورونية.
بعض المتفائلين يتوقعون انتهاء الأزمة الصحية في يونيو 2020م، والبعض يتوقع انتهاءها بنهاية صيف 2020م، وبين هذين التوقعين تتزايد وتنخفض الآثار الاقتصادية السلبية للأزمة الكورونية من واشنطن إلى برلين.
نبدأ بـ ( واشنطن) :
ستشهد أمريكا أسوا انكماش اقتصادي لها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث ستشهد انكماشا يقدر بـ(سالب 2 في المائة) مع تزايد معدلات البطالة بشكل غير مسبوق في الولايات المتحدة الأمريكية.
الاتحاد الأوروبي :
سيشهد الاتحاد الأوروبي انكماشًا يقدر بنحو (سالب 2.2 في المائة) مما يشكل تراجعًا بنسبة (5 في المائة).
- المملكة المتحدة شهدت تراجعًا يقدر بنسبة( 2 في المائة) قد يصل إى الضعف في يونيو 2020 م مع تزايد معدل البطالة بنسبة (30 في المائة).
- منطقة اليورو ستشهد تزايدًا في معدل البطالة بنسبة قد تصل إلى ( 12في المائة) في يونيو 2020م، ولعل هذا ما دفع رؤساء دول منطقة اليورو لعقد احتماع استثنائي في بروكسل الخميس 27 مارس للتوصل إلى قرارات استثنائية للتعامل مع الأزمة الكورونية والتي أدت إلى وفاة أكثر من عشرة آلاف شخص حتى الآن.
العالم أمام أزمة كورونية فرضت ضرورة الحظر المنزلي للقوي المنتجة في شتى بقاع العالم مما أدى إلى توقف الإنتاج وانهيار الشركات العاملة في قطاعات السياحة والنقل والتوزيع وباتت قطاعات منكوبة وبالتالي حدوث خلل في هيكل البنيان الإنتاجي، ربما يحمل الأسوا في حال استمرار الأزمة الكورونية حتى مطلع 2021 م.
يبقى السؤال من سيعيد ترتيب العالم بعد كورونا؟
كورونا سيعيد هندسة المكان سكانيًا ، اقتصاديًا ، سياسيًا، اجتماعيًا، وربما جغرافيًا وغيرها، الموضوع أكبر من وباء عالمي وانعكاساته شاملة لكل الجوانب، والأيام القادمة ستحل كل الألغاز.


















