رامي علم الدين يكتب : السلام الإسرائيلي
مستشار الرئيس الأمريكي ترامب "جاريد كوشنير" ومبعوثه الخاص للشرق الأوسط "آفي بركوفيتش" ومسؤلون آخرون يصلون إلي إسرائيل بعد حوالي أسبوع لإقناع بعض الدول الأخرى بما أسموه "السلام الشامل" أو تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
هناك قضية شائكة وحساسة أؤجل طرحها منذ وقت مضى لكن لا أستطيع إغفالها لخطورتها، تمر دول المنطقة بمرحلة تاريخية حاسمة، هدفك الأساسي فيها البقاء، والبقاء فقط كدولة أيا كان الثمن والتنازلات، تزامناً مع أزمة اقتصادية طاحنة، أصابت الجميع، وتراجع أسعار النفط ، وبزوغ النظام العالمي الجديد، بآلياته وشروطه الجديدة، دولة رابحة .. دولة ناجية .. بقايا دول في مهب الريح، الصراع أقسي مما يبدو خلف الستار تدور حرب طاحنة تستلزم الثبات الإنفعالي والإتزان، والحكمة، فيجب أن نتهيأ لكل ما يخالف التوقعات، مع الإستعداد الكامل للتحديات والعقبات ومعركة البقاء.
شركة NSO الإسرائيلية التي تنتج برنامج بيكاسوس التجسس من المنتظر توقيع عقود مع عدة دول ، ويقال أن الحكومة الإسرائيلية تدخلت لمنعها من إقامة تعاقدات مع المقربة لديها قطر، لا شك أن الحكومة الإسرائيلية هي التي توسطت لدى شركة NSO الإسرائيلية لتبيع برنامج "بيكاسوس" الذي يسمح بإختراق الهواتف النقالة لدول معينة ، تمتلك شركة NSO على فريق متخصص يحمل جوازات سفر أجنبية ومختص بالعلاقات مع بعض الدول في المنطقة وهي السوق الأكثر ربحا للشركة حيث تدر عليها مئات الملايين من الدولارات سنويا.
قال مصدر مطلع على تعاملات شركة NSO المالية :" إذا كنا نبيع منتجنا بعشرة ملايين دولار في أوروبا فإن سعره يصل إلى عشرة أضعاف مع بعض دول الشرق الاوسط" ، ممثلون عن الحكومة الإسرائيلية شاركوا في "إجتماعات تسويقية" لبيغاسوس رؤساء شركة NSO الإسرائيلية، قام ممثلو شركة NSO الاسرائيلية بإختراق هواتف أجنبية بغرض التسويق لهم، حيث يقوم جهاز المخابرات بوضع رقم الهاتف المحلي المستهدف في البرنامج الذي تنتجه NSO وخلال ساعات يقوم البرنامج باختراق الهاتف وأخذ نسخة من محتواه كامل، لكن الشركة الإسرائيلية تفرض قيوداً على إمكانية تشغيل كاميرا الهاتف عن بعد دول الشرق الاوسط.
أرئيل مناشري رئيس قسم السايبر بمعهد حولون وأحد مؤسسي وحدة "حرب السايبر" في جهاز الأمن العام- الشاباك صرح :" هناك شبان إسرائيليون تخرجوا من الوحدة 8200، الإستخبارية يعملون الآن لصالح شركة أمنية تحمل اسم (Dark Matter)، المعروف عن الوحدة 8200، ويشار إليها أحيانا باسم وحدة (SIGINT) الإسرائيلية أنها وحدة الاستخبارات الإسرائيلية المسؤولة عن التجسس الإلكتروني وفك الشفرة في الجيش الإسرائيلي، تعتمد على الرصد، والتنصت، والتصوير، والتشويش حيث يتم التصنت علي الهواتف الأرضية والنقالة، وأجهزة اللاسلكي، وكذلك إختراق العناوين الإلكترونية التابعة لحكومات أجنبية ومنظمات دولية وشركات أجنبية ومنظمات سياسية إضافة إلى الأشخاص والأفراد.
إسرائيل تسعي لفتح أسواق جديدة لمنتجاتها التكنولوجية، والطرف الآخر يسعي لنوع من الحمايه عن طريق الرضا، نتيناهو يقول أن إتفاق التطبيع لا يتضمن إعطاء ضوء أخضر لواشنطن لبيع طائرات F-35 للدول التي تطبع معها، لأن بلاده تريد الحفاظ على تفوقها العسكري في المنطقة.
أرادت بعض الدول إعطاء ورقة إنتخابية لترامب كما يبدو للبعضوأوهمت الآخرين أن مقابل الإتفاق سيتم إيقاف الضم (نتنياهو جمدالضم ولم يوقفه)، هو جمّد الضم سابقاً بضغوط أوروبية وأمريكية ورفض عربي، بالتالي حصل اليوم على تطبيع جديد ، سيتضح مكسب تلك الدول بعد ٣ نوفمبر، وكذلك مكسب ترامب، الرابح حتى الآن هو نتنياهو، "الأجندة الأمريكية لإحلال السلام في الشرق الأوسط (صفقة القرن) لا يشير من قريب أو بعيد لدولة فلسطينية ولا لحدود 67 ولا لأي مما آمنا به لزمن ك "ثوابت عربية"، لسنا أعداء للسلام ولا رافضين له ولكن نحن فقط كنا نظن أنه "لا سلام حقيقي ودائم إلا إذا كان قائماً على العدل"، سواء إتفقت أو إختلفت مع ما فعله السادات، فالمقارنة بين ما جرى اليوم وما أقدم عليه رئيس مصر يومها لا مكان لها، فمصر كانت في "حالة حرب" وانتصرت وحررت الأرض المحتلة، وللحرب قوانينها.. وبعض الضرورات قد تبيح المحظورات وقتها لا مجال للمقارنة، بموجب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة هذه دولة "احتلال" هذه دولة "توسعية" لم تضع لها حدوداً واضحة ومحددة حتى اليوم، "الأرض مقابل السلام" كانت أساساً للمعادلة العربية للتعامل مع القضية، وكانت أساساً للإتفاق مع مصر والأردن (بعد حروب ومعارك)، ماهو المقابل هذه المرة "للتطبيع" الذي سعت إليه إسرائيل لعقود
وأخيراً..هل تعرفون أول من سيدفع ثمن هذا الإتفاق ؟ تلك هي إسرائيل التي تحاول فرض أجندتها على الجميع.
رامي علم الدين


















