تعزيز دور المرأة في الدراما العربيه
بدايه وفى معرض سطورنا لابد أن نسلط الضوء جليا على دور الفن برمته فى فرض هوية المجتمع ، وهذا بالطبع لن يتأتى الا من خلال إبراز المحور الأساسي الذى تدور فى كنفه العلاقه الكائنه بين الفن والمجتمع وأيهما يلعب الدور الأبرز تجاه الآخر.
-مما لاشك فيه أن كلا من الفن والمجتمع يربطهما محركا واحدا يستنبطان دورهما الأساسي من خلاله الا وهو "الفرد "
-فالفن بطبيعته وسيله للحوار الحسي بين كافة أطياف المجتمع ، والذى يستطيع من خلاله الفرد ان يبث رسائل مفهومه لكل أصناف البشريه ، دون أن تقف أمامه عثرات أو حواجز تعيقه كحواجز الزمان والمكان ، فضلا عن ذلك فإن الفن بطبيعته رساله وليده مرتبطه بحركات الفرداليوميه ،تجدها تارة فى حركاته بالمأكل والمشرب، وتارة أخرى تجدها فى علاقاته مع شركائه داخل المجتمع ، إلا أنها تختلف محورها حسب النهج والسلوك النابع من الفرد ذاته ،فقد يتبلور هذا السلوك فى شكل من أشكال الابداع الحسي وذاك هو الفن المعنى محور الإشكالية التى نحن بصددها.
-واذا كان المجتمع بطبيعته " نظاماشبه مغلقا" تشكله مجموعة من الناس، بحيث أن معظم التفاعلات والتأثيرات تتأتي من أفراد من نفس المجموعة البشرية، فإن علاقات الأفراد تلك هى فى حد ذاتها فنا تنظمه ظروف الحال وطبيعة تلك العلاقات.
اقرأ أيضاً
أول تعليق من بهاء سلطان بشأن انضمامه لنقابة القراء
محجوب: التعليم الفني ركيزة أساسية لتنمية أي مجتمع
القباج: تخصيص 90 مليون جنيه لدعم مدارس التعليم المجتمعي
وزير التعليم العالي يتفقد المتحف الفني المعاصر بجامعة حلوان
كيف ساهم عملها بالإذاعة في التحاقها بالفن؟ سلوى عثمان تجيب.. فيديو
وفاة الفنان فايق عزب بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 77 عاما”160 دولارا للابتدائى”.. تعرف على رسوم التقدم لامتحانات ”أبناؤنا فى الخارج”
سفيرا مبادرة «حلم» يرويان تجربتهما لدمج ذوي الإعاقة في المجتمع.. فيديو
أصالة تشوق جمهورها لأحداث أعمالها الفنية
بادرة منح جائزة الدولة التقديرية في الفنون لملك الدراما العربية
رئيس الوزراء يبحث مخطط تطوير المنطقة الفندقية خلف المتحف المصري الكبير
السيسي يتفقد مدينة الفنون والثقافة ودار الأوبرا بالعاصمة الجديدة
..بناء على ما سبق لا نجد غضاضة اذا جزمنا يقينا بالمد الايجابى لدور الفن فى التأثير على المجتمعات " فإذا أردت أن تقيس قيمة مجتمع ما فانظر إلى فنه"..
-ولما كانت الفنون بطبيعتها تتعدد وتختلف فيما بينها، إلا أن مايهمنا فى هذا السياق هو ذاك النوع من الفن الذى يحدث الأثر الاكبر فى التأثير النفسي على كيان الفرد وفكره وينعكس بدوره على رقى وتقدم المجتمع ألا وهو " الفن المرئى والمسموع"..، وأخص بالذكر هنا المجال الدرامى لأنها تدخل إليهم من الباب الصغير " التلفاز ".
وهنا يبرز تساؤلا هاما تتبلور حوله ماهيه العرض وهو " هل تلعب القوى الناعمه " الفنون" دورا هاما فى تشكيل هوية الفكر المجتمعى ؟".
..ان الاجابه على هذا التساؤل تبرز جليا عند الوقوف على طبيعة الهدف الذى تقره الأعمال الفنيه ،فمما لا شك فيه أن احد أهم أهدافها، هو تسليط الضوء على قضايا المجتمع وما فيه من مشكلات تحتاج إلى دراسة وتوعية لأن تسليط الضوء عليها وكشف خباياها والتعرف الى أبرز نتائجها ومعرفة إفرازاتها وتجنبها يحقق مصلحة مجتمعيه عليا.
وإزاء هذا الدور الهام للقوى الناعمه فى فرض الهويه المجتمعيه، يجب الاشاره إن هذا الدور محوره الأساسي طبيعة ما يقدم من أعمال، فطبيعة العمل ذاته تلعب الدور الأبرز فى تشكيل الفكر المجتمعى ايجابا و سلبا ، ولا اعنى قطعا بطبيعة العمل هنا فكرة العمل فحسب ، بل المحتوى العام للعمل بدء من فكرة العمل مرورا بصناعه وجميع القائمين عليه؛ وتباعا بالدور المنوط بالدولة فى توفير المناخ الخصب، من أدوات وإجراءات تسهم فى تقديم فكرة راقيه من خلال عمل مميز يعود بالايجاب مستقبلا على المجتمع ، ولنا فى قطاع الإنتاج المصرى نموذجا يحتذى به.
وإزاء البحث حيال الدور الذى تلعبه الفنون فى بذر الهويه والإطار الفكرى والقيمى المجتمعى ، يجدر بنا الأمر أن نقف برهة امام ....قول "حطان ابن المعلى" :
وانما اولادنا بيننا.. اكبادنا تمشي على الارض. لو هبت الريح على بعضهم.. لأمتنعت عينى من الغمض.
- كلمات مأثوره تحمل بين طياتها عظم المكانه التى يشغلها النشأ فى المجتمع ، بل تكاد تكون حقيقة ضربت بجذورها أرض الواقع لما تمثله مكانة النشأ ،فهو طفل اليوم ورجل الغد وصانع أطر المستقبل..
-لاشك أنه فى ظل مسيرة الرخاء والتنمية التى يسوس دفتها فخامة الرئيس العظيم "عبد الفتاح السيسي" للمضى بنا قدما نحو آفاق جديده تواكب ركب الرقى والتقدم العالمى ، الأمر الذى يتحتم معه تضافر جميع الجهود لكافة مؤسسات وقطاعات الدوله للوصول بنا الى الهدف المنشود.
- وفى ظل تلك الجهود الرائده للوصول إلى مجتمعا مثاليا على كافة الاصعده السياسيه والاقتصادية والاجتماعيه ، نجد من هم دون المستوى بذات الركب ، يحاولون بشتى الطرق إفساد ما تم بذره من محاولات للتنميه والارتقاء المجتمعى ، عامدين إلى بث سمومهم فى أروقة الفكر المجتمعى المصرى.
- ما من شك مطلقا ، أن الفن هو البوابة الاولى للمتلقى ، و التى تنتقل بأفاقه حول العالم نحو البحث عن ثقافات جديده ، فهو بمثابة الموجه الاول للفكر المجتمعى .
-بيد أن ماتستحوذ عليه فرائض الفن واداراته من اهتماما مجتمعيا ، قد اضحى الشاغل الاول لقياس المد الفكرى على الصعيد المحلى والدولى ، ولما لا وهى تمثل كبرى قضايا تعزيز السلوك لدى النشأ سواء بالإيجاب أو السلب خاصة إذا ما تضمن المحتوى المعروض ما يؤثر حقا على تشكيل الهوه الفكريه لهذه الفئه من الأشخاص..
- ولعل أخطر انواع الفنون ووسائلها، هو ذاك النوع الداعى إلى انحطاط القيم والتدنى الخلقى و الداعم الاول لانحراف السلوك ، هذا الانحراف الذى تتعدد صوره بحسب طبيعة الفرد ذاته ، فقد يكون نشأ صغيرا او رجلا او امراه ..
ولعل فى قضايا المرأه ما نجد فيه المجال الخصب لمحور واشكاليه حديثنا ، خاصة بعدما اولتها القياده السياسيه الحكيمة مكانتها الغراء المستحقه تقديرا لدورها الرائد فى إرساء دعائم النهضة المجتمعية ..
الأمر الذى يبدو بنا إلى تساؤلا عاما الا
{ هل عززت الدراما المصرية مكانة وقيمة المرأه فى المجتمع ؟ }.
لعل الاجابه على هذا التساؤل تقتضى منا أولا " إبراز طبيعة المحور الأساسي الذى تدور فى كنفه الدراما " ..
فالدراما [ ما هى إلا مراه الرصد للواقع المجتمعى من خلال محاكاته بجميع تناقضاته ]
الا ان هذه الفكره وللاسف الشديد ،يستند إليها البعض فى تفسير الصوره غير المقبوله للأعمال الدراميه التى تشوه الحقائق وتسيئ للمجتمع العربى ولاتخدم القضايا الانسانيه .
- ولعل فى الماده الدسمه التى تشكلها "قضية مكانة المرأه فى الدراما المصريه " مايدعونا حقا للوقوف على هذه الإشكالية التى باتت تؤرق الواقع المجتمعى خاصة :
١- انه لازالت الدراما العربيه على اختلاف اشكالها تكرس الصوره النمطيه للمرأه على اعتبار انها " المرأه الجاهله ، ضعيفة الشخصيه ، التى تسعى دائما لافتعال المؤامرات والمكايدات ، وتضع كافة اهتماماتها فى جلسات النميمه والشعوذه ".
تلك الصور السلبيه التى عمدت الدراما إلى تعميمها وتضخيمها باعتبارها الصورة الحقيقيه للمراه العربيه ، فى تجاهلا تاما للنماذج الناجحه للمراه داخل مجتمعاتنا العربيه .
٢- كذلك لم تخلو الدراما العربيه فى السنوات الاخيره من مظاهر العنف الواضح ضد المرأه سواء بالتعدى اللفظى او المادى او من خلال ممارسة العنف المعنوى عليها ..
هذه الصور السلبيه التى لها مدا تأثيريا سلبيا واضحا على الوعى المجتمعى خاصة المستقبلي لفئات عمرية صغيره تجاة قيمة ومكانة المرأه .
ان الوقوف على إجابة صريحه للتساؤل السابق حول " دور الدراما فى تعزيز قيمة ومكانة المرأه " فى ظل ما تشهده الصور العاليه التى قدمت بها المرأه فى السنوات الاخيره ، يقتضى منا بداءة ان نعرض لآراء النقاد القائلين بالتأييد للطرح السابق وكذا آراء الرافضين لهذه المنهجية ، ومن ثم نعقب ذلك برأينا الخاص :
(اولا ) آراء أنصار الرفض لمنهجية سلبية وضع المرأه فى الدراما :
- الأستاذه الناقده "خيريه البشلاوى "
[ عبرت عن استيائها الشديد من تركيز الأعمال الدراميه على النماذج السيئه للنساء فى مصر ، وإظهارها بشكل غير لائق فى ثوب القواده وتجارة المخدرات ، خاصة أن الأعمال الدراميه الرمضانيه فى السنوات الاخيره تجاهلت تماما كل ماهو ايجابى من النماذج الراقيه للمرأه المصريه التى نجحت فى تحقيق الذات والوصول لمناصب الريادة بفضل ذكائها وطموحها].
- الدكتوره" إصلاح جاد - الأستاذ المشارك فى معهد دراسات المرأه بجامعه بير زيت"
[ ترى أن الدراما تحاول دائما تعزيز فكرة عمل المرأه فى منزلها على أنها تعيش قبل مائة عام فى صورة ربة المنزل التى تقوم بواجباتها تجاه زوجها وأبنائها متجاهلة تماما قدرة المرأه ونجاحها فى التوفيق بين الأعباء الداخليه لمنزلها وقدرتها فى إثبات الذات والطموح الخارجى ، وبالتالى فان هذه الأعمال تقدم وعيا مشوشا عن المرأه العربيه لدى الأجيال القادمه].
- السفيره " ميرفت التلاوى- رئيس المجلس القومى للمراه والطفل فى جمهورية مصر العربيه "
[ ترى أن الأعمال الدراميه فى السنوات الاخيره أساءت وشوهت تماما صورة ومكانة المرأه المصريه لأنها جعلت منها مسخا حقيقيا فى القواده لجمع المال وتجارة المخدرات ، وهذه الصوره السلبيه تنأى تماما عن صحيح الواقع لان مصر تعج بالنماذج المشرفه ، لكن للاسف الشديد هناك حاله من الإصرار لدى جهات التأليف فى تشويه تلك الصوره امام العالم ].
(ثانيا ) آراء أنصار التأييد لما تصدره الدراما عن المرأه فى السنوات الاخيره :
ـ الناقد الصحفى " ا. جمال فياض "[ يرى أن الانتقادات الموجه للاعمال الدراميه فى السنوات الاخيره ليس لها محل ؛ معللا ذاك بمقولة ان الدراما هى رصد للواقع الحياتى المجتمعى ؛ لأن دورها الحقيقى هو الواقعيه وليس مجرد رصد لأفكار خياليه علميه ..
فالدراما حسن تصور حقيقة العنف تجاه الزوجه تخلق حاله من الخجل لدى الزوج المشاهد حال قيامه بمثل هذا الفعل ، وبالتالى هنا تخدم القضيه بابراز بشاعة الفعل ].
- الناقده الأستاذه " ماجده موريس "
[ ترفض تماما الاساءه الموجه لسلبية دور الدراما فى تعزيز مكانة المرأه فى السنوات الاخيره ، لأنها ترى أن ما قدمته الدراما من نماذج سلبيه للمرأه هى ضرورة يقتضيها السياق الدرامى ، وليس الهدف منها الإساءة كما يروج البعض ..]
- الفنانه "الهام شاهين"
[ ترى أن تقييد الجانب الإبداعي من خلال تجاهل السلبيات والاشكاليات التى يعانيها المجتمع وتنخيتها لصالح الايجابيات فقط هو تمر غير مقبول تماما لان الدراما دورها الحقيقى نقل الواقع بما فيه وطرح حلولا لما يواجهه من مشكلات ].
ونحن من جانبنا نرى :
[ ان التبادليه فى محور العلاقه التى تربط بين الفن كمدلولا عريقا يهفو دوما صوب إعلاء قيم الفضيلة والفكر التى تطرح على العوام وبين ظاهر المجتمع من أفراد هم المحرك الأساسي المتفاعل جليا مع هذه القيم ..
يجب دائما ان يسير على نسقا طوليا صوب التميز والرقى دونما أن تنحرف عجلاته ولو بقدر ضئيل لان فى ذلك هدما حقيقيا للمغزى الرئيسى منه ..
فالدور الحقيقى للفنون لايقاس على وتيرة الإحساس بفرائض الجمال ولكن بالإعلاء بقيما اخرى كالفضيله والعلم وغيرها من القيم التى تمثل نهجا وعصبا حقيقيا للارتقاء باى مجتمع متحضر ..فالفن هو تكريس حقيقى لجمال الواقع ..لا ..لتقبيحه .


















