القراءة
لا يمكن لدولة أو أمة أن تخطو خطوات حقيقية في طريق التقدم إلا إذا تمتع شعب هذه الدولة وأبناء هذه الأمة بالثقافة المناسبة للعصر الذي يعيشون فيه.
وإننا - أعني المسلمين والعرب جميعا - نطلق على أنفسنا "أمة اقرأ" وذلك لكون الكلمة الأولى التي نزلت على نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم هي فعل الأمر "اقرأ" ذلك الأمر الذي حققناه في أزمان سابقة، وخاصمناه في أزمان ولم نحقق منه شيئا، فأصبحنا كما نرى الآن غير مساهمين في صنع الحضارة الإنسانية، مستهلكين لكل ما ينتجه العقل البشري في كل أمة من الأمم.
تظل القراءة هي الوسيلة الوحيدة للمعرفة الحقيقية والعميقة، ولا سبيل آخر لذلك، ولا يمكن لأية وسيلة أخرى أن تحل محل القراءة في التثقيف الحقيقي، ولا في صقل المواهب، ولا بالوصول إلى آفاق بعيدة في المعارف.
والقراءة الدقيقة في أي فرع من الفروع ليست بالأمر الهين اليسير، بل هي في حاجة إلى جهد كبير يزوَّر عنه الأغلبية من بني البشر، حيث أنها تحتاج إلى تركيز شديد، وإعمال فكر عميق، وحضور ذهن متوقد، ذلك الذي لا يستطيعه العوام من البشر، فضلا القراء البسطاء.
اقرأ أيضاً
السودان.. العثور على مقابر جماعية يرجح أنها لمفقودين إبان الثورةإبداعات الثورة السودانية تتألق على الجداريات لمكافحة كورونا
القراءة المفتقدة سبيل استعادة الوعي المفتقد
الكهرباء" تستثنى مدن القناة من تطبيق "القراءة الموحد"
الثورة الإصلاحية في أدب محمد حسن كامل ....حوار دكتوراة رانيا الوردي
الذكري ال 55 لانطلاق الثورة الفلسطينية
مؤتمر رابطة العلماء المصريين بأمريكا وكندا يناقش مجالات الثورة الصناعية الرابعة"إنجاز عالمي" الإمام النووى بالسعودية الأول على العالم العربى فى مسابقة تحدى القراءة فى نسخته الربعة
التعليم يهنئ المصرية أميرة نجيب الحاصلة علي جائزة "المشرف المتميز" بمسابقة تحدي القراءة العربي
طالب بالقليوبية يمثل مصر بمهرجان تحدى القراءة بدبى
الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يحتفى بمشاركة أكثر من 13 مليون طالب عربى فى تحدى القراءة
ظلال الثورة الفرنسية في أدب فيكتور هوجو
يظن البعض واهما أنه يمكن الاستغناء عن القراءة، أو استبدالها بأداة أخرى للمعرفة، خاصة بعد ظهور المذياع في نهاية القرن قبل الماضي وانتشاره بقوة شديدة في القرن الماضي، الذي شهد أيضا ظهور التلفاز الذي ظن البعض أنه قد يكون بديلا للمعرفة عن القراءة، وجاءت الثورة التكنولوجية الهائلة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات ليظهر أنواع أخرى تصلح لأن تكون مجرد أداة لمعرفة المعلومات، تلك التي يتخطاها بكثير فعل القراءة.
إن فعل القراءة هو عمل متكامل يحياه القراءة حياة كاملة، تلك الحياة التي تُنْتَزع روحها انتزاعا من أية وسيلة أخرى يظن البعض أنها يمكن أن تكون عوضا عن القراءة، التي لا يمكن لأمة من الأمم تهملها أن تجد لها موطئ قدم في عالم اليوم الذي يعلي من قيمة العمل المبني على العلم الدقيق والمعرفة العميقة التي لا سبيل لها إلا من خلال فعل القراءة.
إن هناك العديد من الأسباب تجعل الشباب وغيرهم يعزفون عن القراءة الجادة، منها ما هو جهل بأهمية القراءة، ومنها ما هو نفسي بعدم القدرة على إلزام النفس على ممارسة القراءة، ومنها ما هو اجتماعي في عدم وجود بيئات ثقافية مناسبة، ومنها ما هو لوجستي في ندرة المكتبات العامة في العديد من الأماكن خاصة القرى والعزب الصغيرة، ومنها ما هو اقتصادي متمثلا في ارتفاع سعر الكتاب في ذات الوقت الذي تقل فيها كثيرا الدخول في العديد من أقطارنا العربية، ومن ثم يكون من الصعوبة بمكان إيجاد مكتبة منزلية يعود لها أبناء الأسرة حال استطاع الأبوان غرس قيمة القراءة في نفوسهم.
إن عدم الفهم و الوعي بأهمية القراءة في حياة الفرد و الجماعة، يعد سببا هاما في العزوف عن القراءة، فكثير من الشباب، بل ومن الكبار أيضأ، يتساءل كثيرا عن جدوى القراءة، في ظل تلك المقاييس المعروضة في مجتمعاتنا عن مفهوم الشخص الناجح التي لا تضمن، ولو جزئيا، الثقافة والمعرفة.
ويظل أهم الأسباب عندي في العزوف عن القراءة هو عدم فتح المجال للمثقفين الحقيقيين في مجتمعاتنا العربية، وعدم الاحتفاء بما يليق بهم، ليصبحوا غرباء عن مجتمعهم، عديمي التأثير في بيئاتهم، قليلي الأهمية بالمقارنة بغيرهم من أصحاب المال أو المواهب في المجالات الأخرى كالرياضة أو التمثيل، ذلك الذي يعطي إيحاء بل ويرسخ مفهوما بعدم جدوى أن يصبح الشخص مثقفا، حيث أن المنفعة الذاتية تظل أحد عوامل الدفع نحو أي فعل ومنه فعل القراءة.


















