في استراحة الجمعة....التفـــاؤل بقلم محسن طاحون
محسن طاحون المصريين بالخارجلاحظت من حوارات كثيرة مع الكثير من الاخوة أن هناك حالة من الإحباط
فمن قبل جائحة كورونا سقطت مجالات عمل كثيرة و تأثر سوق العمل و مع الجائحة تبدلت الكثير من الأمور في حياتنا ، و البعض إنقلبت معهم الموازين حتى أن البعض تحول منحنى الحياة عنده من نهاية عظمى الى نهاية صغرى .. و طفت على السطح آثار عجيبة و مشاكل كثيرة .. لذا ساد الاحباط و التشاؤم .
و لا يختلف اثنين أن السعادة غاية ننشدها جميعاً ، فهي الهدف الأسمى الذي نسعى لنيله، وهي الدافع النابع من أعماقنا ، والحامل لنا على تصرفاتنا وأفعالنا ، سواء شعرنا بذلك أو لم نشعر.
والسعادة مثلها كمثل سائر الأمور الأخرى لها أسباب تُسلك لنيلها، ومن أهم هذه الأسباب التي تبعث على السعادة و انشراح ...التفاؤل!
نعم...التفاؤل ذلك الخُلق الذي يحمل الإنسان على ما يسمى في وقتنا هذا بالإيجابية فيعيش سعيداً مسروراً،
لذا فقد حضَّ ديننا الحنيف عليه وحذَّر من ضدِّه وهو الاحباط ، ذلك الخُلُق الذي يُوقع الإنسان في الهمّ والحزن، وقد ورد في كِلا الأمرين أحاديث وآثار كثيرة...
و التفاؤل له صلة وثيقة وارتباط كبير بحسن الظن بالمولى عز و جل ، فالمتفائل يتوقع الخير من الله، بخلاف الانسان المحبط ،
والله سبحانه وتعالى يقول كما في الحديث القدسي: وأنا عند ظنّ عبدي بي. (متفق عليه)
و تعود اهمية التفاؤل لما يعود علينا بانشراح الصدر وطمأنينة النفس،
و فيه تدريب للنفس على الثقة بأقدار الله سبحانه وتعالى،
فالمتفائل يحسن الظنّ بالمولى سبحانه ويرجو منه الخير والبركة.
و التفاؤل يمنحنا الإيجابية والفعالية في الحياة، و يجعلنا مقبلين على الدين والدنيا.
و للتفاؤل ايضا آثار تنعكس على صحتنا البدنية، فالتفاؤل يَحُدُّ من مخاطر أمراض القلب، ويقلل التوتر، ويحسّن النوم.
كونوا على ثقة أن الله الواحد الاحد .. ذو الحلال و الإكرام .. الحي القيوم .. قريب منكم و يعلم احوالكم و كونوا على يقين من فرجه القريب .. و حفظه و عنايته لكم
و يحضرني قصة الغار والأخطار محدقة برسولنا الكريم صلَّ الله عليه وسلم هو وصاحبه أبي بكر الصديق , فيقول أبو بكر لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم :
لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَنْظُرُ إِلَى قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ ، قَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا. « يَا أَبَا بَكْرٍ ! { لا تَحْزَنْ إِنَّ الله معنا }.
وفي نهاية المطاف علينا أن نعلم
أن التفاؤل ينبع من داخل النفس ,
فصاحب النفس الصحيحة ينظر إلى الحياة بمنظار مستقيم جليّ , فلا يرى فيها إلا كل جميل باعث على الأمل ,
وأما صاحب النفس السقيمة فإنه ينظر إلى الحياة بمنظار أسود كئيب , فلا يرى منها إلا كل سيء باعث على القنوط والتشاؤم واليأس ,
قال الشاعر في ذلك :
أَيُّهَــذَا الشَّاكِي! وَمَا بِكَ دَاءٌ
كَيْفَ تَغْدُو إِذَا غَدَوْتَ عَلِيلا!
إِنَّ شَرَّ الْجُنَاةِ فِي الْأَرْضِ نَفْسٌ
تَتَـوَخَّى قَبْلَ الرَّحِيــلِ الرَّحِيلا
وَتَرَى الشَّوْكَ فِي الْوُرُودِ وَتَعْمَى
أَنْ تَــرَى فَوْقَهــا النَّـــدَى إِكْلِيـلا
وَالّذِي نَفْسُــهُ بِغَــيْرِ جَمَـــالٍ
لَا يَرَى فِي الْحَيَاةِ شَيْئاً جَمِيل
وعلينا في النهاية
أن نضع نصب أعيننا,
وأن يكون شعارنا قول الله عز وجل :
" وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216) سورة البقرة .