تشكيل وعي الاطفال
المصريين بالخارجبهجت العبيدي
إن انطلاقة أية أمة تسعى إلى تغيير حالها إلى حال أفضل لا يمكن أن تكون إلا برعاية الطفل، والعمل على تعليمه بالشكل الذي يضمن لنا إنتاج شاب يطّلع بمسؤولياته في النهوض بذلك الوطن، وإنشاء أجيال تتمتع بالوعي بالواقع الذي تعيشه مرة، وبقدرات أفراد تلك الأجيال الذاتية الفردية مرة أخرى، والقدرات الجمعية مرة أخرى.
إن الطفل يولد وهو صفحة بيضاء خالية من كل شيء، تقوم الأسرة والمؤسسات التعليمية المختلفة، والمؤسسات الدينية كذلك، بالإضافة للموروثات الشعبية في كل بيئة من البيئات بخط السطور الأولى في تلك الصفحة البيضاء، يعقبها شعور الطفل ومن ثم الشاب، وبعد ذلك الرجل بالإتيان بالبصمة الشخصية الخاصة به، ذلك من خلال الجهد الذي يبذله، والاطلاع الذي يختاره، والموهبة، إن وجدت.
وفي الأعوام الأولى التي يستشعر فيها الصبي بذاته، بداية من فترة البلوغ، يبدأ في السعي للتميز عن غيره، كما يجتهد في إثبات ذاته، والتعبير عن تلك الخواطر، وهذه الخلجات التي بدأت تدب في ذهنه، بعدما اقتحمت مشاعره، وهنا نجد اندفاعا هائلا عند الأطفال والصبية وكثير من الشباب لتقديم ما يظنون أنه يدخل في باب الإبداع، وما هي إلا محاولات بدائية، في تصورنا، للتعبير، تفتقد بكل تأكيد لمفهوم الإبداع، وتفتقر إلى نضج التجربة، كما يعدم فيها، في الغالب الأعم، تلك الأصول والقواعد التي لا يمكن لعمل أن يوصف بالإبداعي إذا أفتقر لها، أو لإحداها، ولا يندرج في جنس الإبداع إلا إذا تحلى بها.
اقرأ أيضاً
- هالة السعيد: المشاركة المجتمعية تسهم فى تسريع عملية تنفيذ الأجندة الوطنية والأممية
- سلبية مسحة أحمد فتوح
- وزير الإعلام العُماني: سلطنة عُمان المعاصرة تأسست على مشاركة الجميع في بناء الوطن
- أمير الكويت يعود إلى الوطن بعد إجازة خاصة في الخارج
- رئيس الوزراء يصل العاصمة الأردنية عمّان
- وزير الإسكان يلتقى ممثلى إحدى الشركات لبحث تنفيذ ”حياة كريمة” لتطوير الريف المصرى
- الأمن الوطني العراقي يعتقل 11 ”داعشيا” في نينوى
- بعد انضمام محمد صلاح ....المنتخب يُطبق نظام ”الفقاعة الطبية”
- وزير الإسكان: ”المجتمعات العمرانية الجديدة” تمنح العملاء المُخصص لهم قطع أراضٍ سكنية صغيرة بمشروع ”بيت الوطن” مهلة 6 أشهر للاستلام
- فى عيد الام...السيدة انتصار السيسى: أنتِ أصل الانتماء الراسخ فى وجدان الوطن
- السيسي يهنئ الأم المصرية فى عيدها: أنتن مفتاح الحياة وضمير هذا الوطن
- الطفلة ”مايا” تحقق امنيتها فى مقابلة الرئيس عبدالفتاح السيسي
في هذه الفترة المُبْكرة من العمر لا يستطيع الطفل أو الصبي أن يقيّم تلك التجربة التي يخوضها، وذلك نظرا لقلة الخبرة لديه من ناحية، بالإضافة لقلة العلم والدرس والمعارف بصفة عامة، ودائما ما يرتبط الاندفاع في التقييم بعدم امتلاك الأدوات العلمية والمنهجية الخاصة التي هي الميزان الذي يوزن به العمل، والسبيل الوحيد لصواب التقييم. وهنا يأتي دور المؤسسات والكتاب والمثقفين.
إن الصحافة، والإعلام عامة، هي إحدى أهم الجهات التي يمكن أن تلعب دورا حاسما في توجيه وتقييم ونصح هؤلاء الذين يخطون خطواتهم الأولى في المضار التعبيري الإبداعي، الذي هو أكثر ما يستهوي الجديد من الأجيال.
ولعله من الحكمة أن نعترف أننا، أعني الكتاب والمثقفين والمتخصصين المنوط بهم التوجيه والتقييم، نواجه الآن أزمة عميقة في توجيه الجيل الجديد، ونصحه ووضعه على الطريق الصحيحة، ذلك أن وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تمنح الانتشار الواسع بسرعة كبيرة، هي إحدى المعوقات الكبيرة والعقبات الهائلة، ليس في توجيه الصغار فقط، بل الناضجين كذلك، حيث أن الانتشار الكبير يوهم هؤلاء بنجاح زائف، خاصة وهناك من يشنف آذان الصغار بمديح في غير محله، فيزيدون مهمة المتخصص والمثقف عموما صعوبة بالغة.
ومن هنا لابد أن يكون هناك تناغم في عمل المؤسسات المعنية بالثقافة والإبداع، ونعني هناك وزارة التربية والتعليم، ووزارة الثقافة والمؤسسات الإعلامية المختلفة: من صحف مطبوعة ومواقع إليكترونية وإعلام مرئي وإعلام مسموع بالإضافة للجامعات وروابط الكتاب والأدباء والفنانين، تناغم بين هؤلاء يقوم عليه الكتاب والمثقفون والمفكرون، في تقديم المحتوى المُشَكّل عن قصد ووعي للبيئة الصحية العربية التي هي الفضاء الثقافي الذي ينشأ فيه الطفل، ذلك الفضاء الذي يجب بالضرورة أن يتم تشييده بيئة صحية لكي ينشئ إنسانا سويا، يدرك لأهمية التعلم خطوة خطوة، والتلقي درجة درجة، والصعود سلّمة سلّمة، والنضج يوما بعد يوم، ويعلم أنه لم يشهد التاريخ بزوغ موهبة هكذا في الفراغ، أو من الفراغ، بل تلك الموهبة تحتاج الكثير من الجهد للتعبير عن نفسها، والمزيد من العمل لإنضاجها، والمستمر من الدرس لصقلها، كل ذلك في بيئة ثقافية صحية، وفضاء مشجع على الإبداع، دون تزييف، ودون المبالغة في التقييم: زيادة أو إنقاصٍ.