م.أشرف الكرم يكتب ”“حياة الماعز والفيلم العاجز”“
م اشرف الكرم المصريين بالخارجحياة الماعز والفيلم العاجز
===========
تابعت باهتمام متوازن، الكثير مما كتب عن فيلم حياة الماعز، وهو فيلم سينمائي من الإنتاج الهندي، والذي يحكي عن قصة تدور حول العامل الهندي والكفيل حيث يتعرض العامل الهندي لأحداث تراجيدية تستدر الحزن وتستعطف العواطف معه بشكل مبالغ فيه جدًا.
وبحكم أنني عشت في المملكه السعودية 27 عامًا رأيت فيها الكثير وأكثر، من التعامل مع طبقات متنوعة من السعوديين، بدءًا من البدو ،وما بهم من شدة بحكم الصحراء وقساوتها ومرورًا بالمثقفين والمتعلمين وأصحاب الأعمال، فضلا عن الجيران السعوديين طوال هذه الحقبة الزمنية الطويلة من حياتي.
وفي الحقيقه وجدت أنه لزامًا عليّ أن أقول كلمة حق ليس لمثلي كتمها، والتي أوجزها فيما يلي،
أولًا:
لا يوجد تقنين للظلم باسم الدولة أو حض على ذلك او تشجيع لظلم جنسية محددة أو عمومًا، أو حضٌ على تعدٍ ضد الوافدين أو المقيمين.
ثانيًا:
طوال هذه المدة لم أصطدِم بأي مشكله تؤدي إلى دخول قسم شرطة -حتى على سبيل الشكوى- أو تستدعي أن أصطدم بالنظام المعمول به، ولم يحدث أن استشعرت وجودي كوافد يقع عليّ ظلم، ولم اشعر أيضًا بوجود كفيل يتعامل بتعدي أو طغيان بشكلٍ عام.
ثالثًا:
في كل قطاع من قطاعات العمل في أيٍ من البلدان، لابد وأن نجد البعض من الأشخاص الذين يتعاملون معاملة سيئة ، وهذا يكون سببه التربية داخل الأسر المسيئة والغير سويه وليست الدول المسؤول عن ذلك، وهذه التربية السيئة قد تنتج لنا أشخاصًا ذوي عاهات فكرية أو سلوكية، نعاني من آثارها كثيرًا في كل قطاعات العمل، وهذا يوجد في كثير من بلادنا في المشرق، ولا أعتقد أن الهند في منآى عن ذلك.
رابعًا:
بحكم معرفتي الجيدة للشعب السعودي فقد جلست مع الكثيرين من السعوديين وسمعتهم ينتقدون سلوك بعض الأشخاص الذين يتصفون بالصلافة والتعامل الفظ الغليظ مع من حولهم، حتى مِن السعوديين أنفسهم، وقد حكى لي صديق أن بعض هؤلاء الأشخاص قد يضللون السائل الحائر في الصحراء، ليبعدوه عنهم بأي شكل، وهذا مثال ناتج عن الطبيعة القاسية وهم قلة قليلة جدا يمثلون أنفسهم ولايمكن تعميم ذلك على كل المجتمع .
خامسًا:
الفيلم في معالجاته الفنية قد يعتبر عملًا ناجحًا، من حيث الشكل الدرامي وكادر التصوير والإضاءة والحركة والحبكة، وغير ذلك وأيضًا القصة تعتبر جاذبة ، إلا أنه ليس معبرًا إطلاقًا عن الواقع السعودي العام بالمملكة وافتقد لنقل الصورة الحقيقة عن المملكة العربية السعودية.
سادسًا:
ليس بالضروره أن كل تفاصيل الفيلم تكون مطابقة للواقع -كما يدعي التسويق الإعلامي للفيلم- حيث أن هناك من الدواعي الدرامية -مثل الحبكة الفنية والتشويق والإثارة وشد انتباه وعواطف الجمهور- تفرض أشياء قد تكون ليست مطابقة للواقع ويعترف بذلك كل من قاموا بتصوير سينمائي لقصة واقعية مثل فيلم "صلاح الدين" أو "وا إسلاماه" أو حتى قصة روائية أحيانًا مثل فيلم "شجرة اللبلاب" وغيره.
سابعًا:
أنا لست هنا بصدد نفي وجود حالات مغالاة في التعامل بين صاحب العمل والعامل وهو كما سردت سابقا موجود في معظم بلاد المشرق، إلا أن ذلك في إطار الأحداث الفردية الشاذة، التي تقع في كل بلادنا، لكنها ليست قاعدة التعامل هناك.
وفي الحقيقه أعتقد بأنه من الظلم الشديد أن نعمم قصه أحد السعوديين من البدو، ممن تجاوز في حق أحد الوافدين بان هذا هو النظام السعودي أو أنه يمثل فكرة الكفيل، حيث نحتاج إلى إحصاءٍ يوضح نسبة من تعرضوا لمواقف سيئة إلى عدد الوافدين الكلي بالمملكة،
ولا أعتقد أبدًا في أنه يمكن ضرب الوافد الهندي في مركز الشرطة بواسطة كفيله، أو أنه يمكن أن يدخل الوافد من بوابة المطار بدون وجود الكفيل الذي يتسلمه أمام القانون، ويكون مسئولًا عنه مسئولية كاملة، وبالتالي استشعر عجز الفيلم عن التعبير عن الواقع السعودي أو عن نظام الكفيل بشكلٍ عادل.
هذه كلمة للحق والحقيقة وحسب، حيث أنني متواجدٌ بمصر، وليس لي أي مصالح في المملكة العربية السعودية، ولا حتى إقامة سارية، ولا تربطني علاقة مصالح أو عمل بأيٍ ممن فيها، إلا أنها كلمة حق، نتاج المعلومات التي لدي، والتي يجب إعلانها خدمةً في بلاط الحقيقة، التي أكتب دائمًا كلماتي لإعلائها.