بركان خامد ومشاعر ثائرة
داليا زردق المصريين بالخارج
بقلم / محمد سعيد
ستظل أفة عصرنا ومرضه الجسيم هو الحكم على الاشخاص من المظهر الخارجى...
أو من صورة قاموا بنشرها... أو ملابس أنيقة ارتدوها فى مناسبة ما... أو طائرة حلقت بهم بعيدا إلى بلد ما... وهنا يتم الإعلان الشهير والمرسوم الرسمى أن هؤلاء فى رغد العيش يتنعمون وبالسعادة يسكنون.....
إن ما تراه أمامك يا من أصابك الخداع بالمظهر الخارجى هو بركان خامد لشخص تجسدت فيه سكينة خارجية كمن مر على جبل فرأه ساكنا فقال كيف يكون بداخله بركان وهو فى هذا الثبات... والحقيقه أن بداخله مشاعر ثائرة وبركان من الألم وزلزال من الحزن والبكاء الشديد... فأصعب البكاء ان تبكى للداخل وتتجمد الدموع فى مقلة العين فينفطر القلب حزنا وألما على ما أصابه..
ويضطر أن يعلن الثبات ظاهريا ولا ينهار لأجل اشياء كثيرة وأسباب عظيمة هو فقط من أدرى وأعلم بها..
إن فقدان الأحبة سواء بالموت أو بالفراق على قيد الحياة لهو أقسى أنواع الهجران الذى يسجله القدر بحروف من الدماء على شرايين القلب لتظل الشرايين تعانى من ذاك الألم مهما تظاهرت بالنسيان..
أو حاولت التخطى للأمام... إن كل فقد أو تجربة تحدث فى حياتنا تأخذ شيئا من أرواحنا وهى تمضى بعيدا دون أن تكترث بما خلفته خلفها من دمار وألحقته من أذى...
فكل ما تراه ياعزيزى من أجساد أمامك تنعم برغد العيش بداخلها أرواح مهشمة أصابها ما أصابها من خزى وحزن وفراق والم... حتى انت لديك ما يكفى من الألم وان تظاهرت بعكس ذلك...
ولكن برغم الحزن الذى يحتويه هذا المقال إلا وانا أوشك على خاتمته فإذا بصوت سيارة تمر من أسفل نافذتى يخرج منها صوت الحصرى مرددا بنغمات من الجنة (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا)
هنا انتفضت روحى وسطعت أمام عينى قصة أمنا مريم وهى ببالغ حزنها وتتمنى الموت عن حدوث هذا الأمر العصيب والحدث الجلل الذى أصابها... فإذا بالنداء السماوى ان كلى واشربى وقرى عينا... لا تحزنى يامريم... سيصبح الأمر عظيما... و يتلاشى كل حزن... سيعوضك الله ويصبح ذاك الأمر حديث الكون... وان الله رحيم بعباده.. وان رحمته وسعت كل شئ...
فالأحبة الذين نالهم الموت.. سندعو لهم حتى يجمعنا الله فى جنته...
ومن اختاروا فراقنا أحياء... سندعو أيضا لهم ونتمنى الخير لهم ويعوضنا الله بأفضل منهم طالما حملنا بداخلنا الخير لهم.... وكل مشكلة وكل حزن سينجلى اذا رفعنا قضيتنا إلى اعالى السماء...
و وكلت إلى من لا يعجزه شيئا فى الأرض ولا فى السموات...
ودوما ردد... ياربى ان ظهرت المحاسن منى فبفضلك وجودك وكرمك ولك المنة على... وان ظهرت المساوئ منى فبعدلك ولك الحجة على.... فجد اللهم مابكرمك حتى تمحو المساوئ بالمحاسن..ودوما ببابك نقف ونطرق.. ولن نبرح بابك حتى تمسح عن قلبنا كل حزن.. كما مسحته عن قلب امنا مريم بنت عمران.... والحمد لك بعدد أنفاس المخلوقات..