حسن بخيت يكتب عن : ” مصر تتحدث عن نفسها “
بقلم/حسن بخيت
وقــف الخلــق ينظـرون جميعا كيف ابني قواعد المجد وحدي
وبناة الاهرام فى سالف الدهر كفوني الكلام عند التحدي
أنا تاج العلاء فى مفرق الشرق ودراتـه فرائـد عقــدي
إن مجــدي فى الاوليات عــريق من له مثل أولياتي ومجدي
أنا إن قدَّر الإله مماتي لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي
ما رمــاني رامٍ وراح سليماً من قــديم عناية الله جندي
كـم بغـت دولـة عليّ وجـارت ثم زالت وتلك عقبى التعدي
إنني حُــرة كســرت قـيودي رغم أنف العدا وقطعت قيدي
" مصر تتحدث عن نفسها ". قصيدة خالدة سطرها الشاعر الكبير " حافظ ابراهيم "،، فقد كان يفاخر بمصر العظيمة إيان وقفات التحدي الشامخة أمام المستعمر البريطاني، ويبرز الحضارة المصرية قديمها وحديثها .
وتغنت بهذه الكلمات كوكب الشرق "أم كلثوم " بداية الخمسينيات من القرن الماضي، وكأنها تقول للجميع، إن مصر خالدة بخلود نيلها وبقاء أهراماتها، وقوة جيشها ، وصمود وعزيمة شعبها .
بالفعل، مصر تتحدث عن نفسها، فهي التاريخ ، وهي الحضارة والمجد، وهي مقبرة الغزاة على مر التاريخ ، هي أم الدنيا التي مهما قلت عنها لا يمكن أن أوفيها حقها ، وعندما أكتب عن تاريخها، فلا أستطيع أن أصف قدرها ومكانتها ..
ظلت مصر وستظل جيشا يعيش في شعب وشعب يعيش جيشا تحت الطلب.. ظلت مصرنا عزيزة غالية لا ترضى الذل ولا الهوان ما تجرأ عليها أحد إلا وقسمته ، ولقنت كل من سولت له نفسه محاولة النيل منها درسا لا ينساه عبر التاريخ.
وإذ يشكل يوم السادس من أكتوبر يومًا تاريخيًا فارقًا في حياة مصر الحديثة دولة وشعبًا ومجتمعًا، فإن يوم السادس من أكتوبر يحمل لكل أبناء مصر معاني ودلالات ومشاعر فيّاضة تتجه نحو جيش مصر ، حيث تحيط به القلوب وأفئدة أبناء وطنه عرفانًا وحبًا وولاءً وشعورًا أيضًا بحجم وقيمة وأهمية ما قام به جيشنا العظيم في استرداد كرامة وعزة شعب مصر ، بل كرامة وعزة شعوب المنطقة العربية .
وإذا كانت الشعوب تتخذ من أعيادها الوطنية وقفة تستعرض فيها تاريخها ومنجزاتها وتشحذ هممها وتعيد النظر في بعض جوانب مسيرتها، فإذا كان ذلك ضروريًا، فإن الشعب المصري يقف في هذه المناسبة الوطنية، مؤكدًا استعداده للتضحية بالغالي والنفيس فداءً لوطنه وحماية لمنجزاته وسيرًا خلف جيشه، لتعود مصر وتتحدث عن نفسها، وتؤكد أنها الشمس التي لا تغيب، وإن حجب شعاعها بعض السحاب، فما هو إلا سحاب صيف لا يخفي جمال مصر، وحلاوة شعب مصر، وقدرته على الوقوف على أقدامه مهما كثرت التحديات وازدادت الصعوبات.
تتجلى عظمة المصريين في الشدائد، فكان هناك جيش مصر العظيم وشعب مصر الصامد الأبي في وقت الشدة حاضرين مكافحين، فقد استهدف الغزاة مصر منذ بداية التاريخ لأنها من البلاد التي أنعم الله عليها بالخيرات وبالكثير من الموارد الطبيعية، فكانت مطمعا للجميع، حيث ينظرون إليها بعين الجشع والطمع، وجاءت حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 لتبرهن أن الشعب المصري منذ عهد الفراعنة حتى الآن يتمتع بالشجاعة ويأبى الذل والهوان مهما مرت به المحن والشدائد عبر التاريخ فهو أصلب من الشدائد وأقوى من المحن.
لقد أعادت حرب أكتوبر المجيدة الثقة إلى الجيوش المصريّة، بل وإلى الشعوب العربية بعد أن فشلت في حروبها السابقة، فاستطاع الجيش المصري تحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلي المجهز بأحدث الأسلحة، وأحدث الأجهزة والمعدات ،، لتثبت للعالم أنها مصر القوية الشامخة مهما عصفت من حولها العواصف ، وستظل دائما مقبرة للغزاة ، وسوف تزول المحن والأوجاع والمخاطر والمكائد والمؤامرات والتحالفات والآلام بحماية الله لها، وبقوة جيشها ، وتكاتف شعبها وتسامحه وهذا التاريخ الطويل من النسيج الاجتماعي العميق والمتميز... حفظ الله مصر من كل سوء ومكروه ،، وكل عام والجميع بخير .


















