×
12 شوال 1445
20 أبريل 2024
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي
مقالات

القدس تتكلم.. بقلم/ د. صلاح شفيع

المصريين بالخارج

يحمل حاجياته على كتفه ، ويقف على حدود القدس ، ينظر إليها طويلاً كأنه يتشبع منها قبل الرحيل الطويل ، وربما الأبدي ، يقول لها:
ــ والله لأنتِ أحب بلاد الله إلىّ ، ولولا من حولوك جحيماً ما خرجت .. وداعاً .
يسمع صوتاً ، يلتفت ، لا يجد أحدا ..
ــ لا تلتفت فلن تراني ، لأنك في كل مكان تراني ، أنا المكان الذى تحبه وتهرب منه ، أنا أحب بلاد الله إليك ، أنا الذى إذا ودعني ابنى وجدتني في حنايا صدره . استحلفك بالله ، ألا تحملنى الآن داخلك وأنت ترحل عني ؟؟
ــ والله هو ذلك ..
يتواصل الصوت :
ــ أنا الوطن الوحيد الذى يعيش في أبنائه إذا تعذر أن يعيشوا فيه . فاسمعنى قبل أن ترحل ..
مباركة أنا ، لا يدوم في أرضى ظلم .. من عندي باب السماء .. فإن كنت لابد راحلاً ، فاسمع قصتي .. لم يرحل عني حبيب إلا كنت معه .. وحكيت له قصتي .. لأظل معه .
كنت أرضاً كأى أرض ، لا أدرى بما ينتظرني ، سكننى العرب وأعطوني اسمى ، أورسالم أى مدينة السلام ، فرحت بالاسم ، فالله هو السلام ، والناس لا تطلب في حياتها سوى السلام ، سأصبح إذن قبلة الراغبين في السلام ، ولم أدر أن كل من يحمل ميزة فهو مطمع للحاسدين . إذا عانيت أكثر من غيرك فاعلم أنك منعم عليك أكثر من غيرك .
وظللت هكذا حتى جاء إبراهيم خليل الله ، ليعطيه الله عهده : ويقول له:
ـ هي لك شرقها وغربها ..
فرحت وحزنت .. فرحت أن أكون لإبراهيم ، وحزنت أن يأتى من أولاده ما لا يستحقنى .. لكن الخليل كأنه سمع صوتي كما تسمعه الآن ، فسأل ربه :
ـ ومن ذريتي ؟
ـ إذا لم يكونوا ظالمين . فهذه الأرض لا يعمر فيها ظالم .
وحمدت الله ، فقد أصبحت ورثاً لآل إبراهيم ، لكنى لم أدر إلى أى فرعيه سأكون ، هل سأكون لأبناء إسماعيل البعيدين عنى ؟ أم سأكون لأبناء إسحاق ، لا أدرى ولكنى أحس أن أبناء إسحاق هم الأقرب إلىّ، فهاهو يعقوب ابن إسحاق يعيش قريباً مني ..حتى إذا اشتد الجوع ، إذ به يرحل إلى مصر هو وأبناؤه ، يستقرون هناك . قد خاب ظني إذن ، فقد مضى أبناء إسحاق ، فلعل أبناء إسماعيل يخرجون إلي .. لكنى ظللت لا أظفر بشيء ، لا أفعل سوى أنى أنتظر القادم .
ولا يطول انتظارى ، أسمع أن موسى حفيد يعقوب يخرج بقومه من مصر ، ويعبر بهم البحر ويغرق فرعون ، فرحت وتهيأت كأنى عروس ، قد جاء عريسها في الطريق ، لكن الطريق يطول ، يطول ، وتصلني الأنباء ، لقد خالف قوم موسى أمره ، وقالوا له اذهب وحدك .
ما ألعنهم من قوم !
لقد غضب الله عليهم وعاقبهم بالتية أربعين سنة ، يقولون حكم عليهم أن يبقوا في الصحراء ، يحاولون الخروج منها فيجدون أنفسهم في قلبها ثانية ..
يصلنى أن هؤلاء القوم جاسيون كالحجارة ، لذلك يعاملهم الله من جنس فعلهم ،يقول لهم : ادخلوا المدينة المقدسة ، أنا .. يرفضون ، تحرم عليهم أربعين سنة ..
أعطوا العهد ، يقولون سمعنا وعصينا .. يرفع جبل الطور فوقهم كأنه ظلة . فيخافون ويعطون العهد وهم يسجدون على خد واحد ، والثاني ينظرون به إلى الجبل .
لا إله إلا الله .. لكنهم يتخذون عجلاً في غيبة موسى .. فأنزل الله عليهم الغمام ، وجاء الأمر الإلهي : اقتلوا أنفسكم لأتوبوا عليكم ..
يحتالون للصيد في يوم السبت المحرم عليهم فيه العمل ، فيمسخهم الله قردة خاسئة .
نريد أن نرى الله جهرة .. يصعقهم بالموت .
مجهدون هم .. لكنى كنت على استعداد لتحملهم من أجل نبي الله موسى الذى يقف ينظر إلى ، يشتاق إلى الدخول إلي ، وأشتاق ،لكنه قدر المحبين الصادقين : الفراق .
يموت موسى ويفنى الجيل الخانع الذى اعتاد على الذل في أرض العبودية عند فرعون ، ما أعظم اعتناء الله بي ، يطهرهم من أجلي ، يريد هلاك الجيل الخانع الجبان ، وأن يأتى جيل آخر ، منهم نعم ، لكنه جيل تربى في الصحراء ، فلم يعرفوا الذل . جيل حرقت نار الصحراء خنوعهم وذلتهم ليقودهم يوشع ويبدأ القتال . وينتصر يوشع بعد أن توقفت الشمس له في كبد السماء حتى يفرغ من المعركة قبل أن يبدأ يوم السبت .
وأحسست أن الوقت قد اقترب ..
لكنهم يدخلون إلى الأرض ، ويظلون بعيدين عنى .. كأنى ظمآى والماء قريب منها .
ثم يختار الله لهم طالوت ملكاً ، ويمضى بمئات الآلاف ليحارب العماليق ، لكنه يريد المتقين ، يقف على النهر ، فيقول لا يصحبني إلا من شرب الماء بيده ، من نزل برأسه ليشرب ، فليس مني . من شرب كثيراً زاده الله عطشاً ، ومن شرب شربة بيده فهو من الصابرين الذين سيخوضون المعركة معي .. ويبمضى معه 314 رجلاً فحسب .. وينتصر أحفاد إبراهيم .. ويدخلون أرضى لأول مرة ، بعد أن هزموا العماليق بأعدادهم الغفيرة ، وكانوا هم فئة قليلة 314 .. وقتل الشاب الصغير داود عملاقهم جالوت ..
ويأتى داود بعد طالوت .. وما أروع هذه الفترة ، لقد عاش الناس عدلاً وحباً وسلاماً . ورجّعت الجبال صوت داود وهو يرنم تسابيح الله .
كان شهر عسل طويل ، استمر سبعين سنة ، من طالوت إلى داود إلى سليمان ، ظللت فيها في أزهي ثيابي ، سبعون سنة من السلام ، فكنت اسماً على مسمى .
الناس في رحمى يعيشون في سلام ، وخارجي كنت قبلتهم . وظننت أنها السعادة الأبدية ، وقد تحقق الوعد الإبراهيمي . لكن خاب ظني لم يكد سليمان يرحل حتى تفرق الناس وانقسمت المملكة ، وتقاتل الأخان ، وانتشر الظلم ، وأصبحت مرتفعاتي تحمل معبودات من دون الله ، كنت كالفتاة المغتصبة التى لا تحتمل عارها . أحمل آلهة زائفة ليعصى الله في أرضى وأنا من أنا .. ؟
وعلمت أنه ابتلاء ، كنت أتمزق وأنا أرانى استخدم ضد الله الذى حباني بالبركة ، وأيقنت أن هؤلاء هم الممنوعون من العهد ، وعلمت أنهم راحلون .. دعوت الله أن يعجل برحيلهم .. فهم ظالمون ، وعهد الله لا ينال الظالمين ..
وأسمعهم يتكلمون عن ملك قادم .. اسمه نبوخذ نصر ..
وأسمع نبي الله يقول : لقد قضى الله على بنى إسرائيل بعلوين ، تصبح المملكة عظيمة مزدهرة ، ويعقب ذلك طغيان وفساد وظلم من بني إسرائيل وهنا يسلط عليهم عدوا لا يرحمهم . وأن العلو الأول كان في عهد داود وسليمان ، وأنهم بعدها طغوا وأفسدوا في الأرض ، فوجب أن يرسل عليهم عدواً لا يرحم ، وأن هذا العدو هو نبوخذ نصر هذا ..
إذن اقترب الهلاك الأول للظالمين .. أسمعهم يترقبون ميلاده ، ويعرفون موعد ومكان ولادته .. وأسمعهم يرسلون من يقتله .. ووضعت يدى على قلي ، فلو نجحوا في قتله ، فهذا يعنى أن أستمر في رحلة الموت التى أعيشها منذ زمن : وأن أتنفس طغيان هؤلاء القوم .
لكن داود الذى أرسلوه يرجع دون أن يقتله ، يقولون قابله جبريل عليه السلام ..
وقال له :
ـ لماذا تقتله ..
ـ لأنه سيدمر شعبي .
ـ فلو قتلته ، فإنه لم يدمر شيئاً فيكون ليس هو المقصود .
ـ لكن كلام الأنبياء صدق ..
قال جبريل : إذا كانت النبوءة صدقاً فالله سيحميه لتتحقق ، وإذا كانت النبوءة كذباً فلا خطر على قومك .
ويعود الرجل دون أن يقتله .. ويوصيهم بالصلاح ، فلا ينقذهم سواه ، ووالله تمنيت لو يصلحون .. لكنهم لم يفعلوا . حتى جاء نبوخذ نصر ، بأعداد هائلة ، وأكاد أن أنفجر في نفسي ، وأحطم أسواري له تشوقاً لمصرعهم . ويهرعون إلى نبيهم عزير . فيرق لهم ويدعو الله إلا يهلكهم ، فجعله الله حكماً عليهم ، كنت أتمنى لو جعلنى الله أنا الحكم إذن لدعوت عليهم أن يأخذهم أخذة عزيز مقتدر .
وطمئنهم النبي : لن أدعو الله عليكم ، وسأعطيكم فرصة للصلاح، لكن الله يرسل له ملاكه ، يصف له أفعال القوم ويطلب منه أن يحكم عليهم ، وكل مرة يقول له النبي فزد في إحسانك علهم يصلحون ، فلما جاءت اللحظة ، استجاب النبي لطلب الملاك غيظاً من هؤلاء القوم الفاسدين ، وقال له محتاطاً : اللهم إن كان قومه كما يقول فعاقبهم بما يستحقون .
وصرخت في النبي ، فقومك كذلك . فقومك كذلك .
فإذا بالسائل يقول له : فقومك كذلك ، لقد دعوت على قومك ياعزير .
ويدخل نبوخذ نصر . فيقتل منهم ما يقتل ، ويأخذ الباقين سبايا ، ولا يبقى منهم أحد ، ولكنه يحيلنى إلى أرض ميتة ، حرق كل شيء كأنه يريد أن يمحونى من الوجود .
كنت أتألم ، ولكني أحتمل النار ، كأن الله يطهرني من الرجس الذى كان بي .
ويعود بعد أيام بعد أن أصبحت مقبرة ، لا أثر فيها لحياة ، كلها ما فيها جثث ، حتى الأرض أصبحت بلون الدخان . لا تصلح لزرع أو شيء .
يذهل النبي مما حدث لأجلي ، ويترحم علي ، ويستبعد أن يحيينى الله ثانية .
فيموت في مكانه ، ويموت حماره . ويظل الطعاما كما هو كأنه في زمن آخر .
لا أثر للحياة عندي طيلة مائة سنة سوى طعام طازج ، لا يتغير ..
آمنت أنى هوائي مازال بخير ، فهو يحفظ الطعام طيلة هذه المدة دون أن يتأثر ..
لقد كان الطعام ثم جثمان النبي الونس الوحيد ، لا يسكني سوى ميت لا يشبه الموتى ، لا يتغير ، فجسمه كما هو كأنه نائم .
وبعد مائة سنة عشتها ميتة يبعثه الله ، ويدب الأمل في ، وأحس بالحياة تعود إلى .. وأنا أرى ميتاً من العمر الذى مت أنا فيه ، يعود إلى الحياة .. فقد تأذن الله بعودتي إلى الحياة أنا أيضاً .
أسمع الحوار ..
ـ كم لبثت ؟
ـ يوماً أو بضع يوم ..
ـ بل مائة عام .. طعامك لم يتغير ، لكنك أنت قد مت وأرجعتك إلىالحياة ، وسأريك كيف ، فانظر إلى الحمار الذى مات هو أيضاً ، وإذ بالحمار يعود إلى الحياة كما كان ..
الحياة تتوالى .. الموتى يعودون .. هى الحياة ..
وأسمع الله يقول لنبي الله : كما أرجعتك أنت وحمارك إلىالحياة بعد الموت كذلك أبعث هذه المدينة إلى الحياة بعد الموت .
وهكذا عادت الحياة .. وعاد الأحفاد من السبي ليعيدوا بنائي من جديد .
كنت سعيداً لأن الله أذن لي بالحياة ثانية .. لكنى تألمت أن يعود اليهود ثانية ، فقد يعودون للظلم ، ولا يتعظون ..
وفعلاً .. يعودون إلى الظلم أشد مما كانوا .. ولم يتعظوا .. أدرى أن لله غضبة ثانية عليهم تهلكهم كما حدث لهم من نبوخذ نصر ، لكنها مشروطة بقيامة دولة عظيمة مزدهرة مثلما كانت دولتهم في عهد داود وسليمان ، ثم طغيان ، وبعد الطغيان يأتى الهلاك . لكنهم لا يتمتعون بدولة عظيمة ، فهم تابعون لدولة إثر أخرى ، فلم يتحقق الازدهار والعلو ، فلا عقاب إذن .
ضايقنى ذلك ، لكن يخفف عنى .. نبوءة قالها نبي الله زكريا .. لا ليس ليس زكريا أبا يحيى ، يتوجه إلي .. بالحديث ..
ـ 9اِبْتَهِجِي جِدّاً يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ. هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ. 10وَأَقْطَعُ الْمَرْكَبَةَ مِنْ أَفْرَايِمَ وَالْفَرَسَ مِنْ أُورُشَلِيمَ وَتُقْطَعُ قَوْسُ الْحَرْبِ. وَيَتَكَلَّمُ بِـ/لسَّلاَمِ لِلأُمَمِ وَسُلْطَانُهُ مِنَ الْبَحْرِ إِلَى الْبَحْرِ وَمِنَ النَّهْرِ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ.
هى بشارة ، عناصرها : ملك يقدم إلي ، لكنه ليس مثل نبوخذ نصر ، عادل ، منصور ، وديع ، متواضع . يدخلني على بغلة ، سلطانه من البحر إلى النهر .
ابتهجت ولى الحق أن أبتهج .. وقررت أن أتحمل كل الصعوبات انتظاراً للمليك القادم .
وتمر الأيام ..
وأشهد ميلاد مريم . وأرى آية الله في ميلاد يحيى . وأمه عاقر ، وأبوه قد بلغ من الكبر عتياً .
وأشهد المعجزة الكبرى . مريم تبشرها الملائكة بابن دون أب ، القصة كلها حدثت في يوم واحد ، الحمل والولادة ، كان في يوم واحد . أحست بالحمل ، مضت من المحراب تجرى ، لكن لم يسعفها الوقت ، بطنها تكبر أمامها ، والمخاض .. لا تجد سوى نخلة ، يجبرها المخاض إلى أن تأوى إليها . تنجب ابنها ، وتعود به إلى قومها الذين يتعجبون ، فليس هذا ابنها ، فقد كانت بالأمس صبية . قالوا لها هذا افتراء ، لم تنجبي ، لكنها كانت صائمة عن الكلام ، فأشارت إليه ، فتكلم ..
فانصرفوا عنها عندما علموا أنه من عند الله .
ويظهر المسيح . ويتوعدهم بأنهم إن لم ينصلحوا سينقل الله النبوءة إلى غيرهم . غضبوا عليه . كانوا يريدونه ملكاً يقودهم بالسيف ليقتلوا الشعوب الأخرى ويستعلون عليها .
ولما أصر على أنه ليس ملكاً ، انقلبوا عليه ، وتآمروا عليه وطالبوا الرومان بإعدامه .
ويضج الرومان منهم .. فيستمروا في عمليات تأديبية لهم ، انتهت بطردهم تماماً ، وعدم السماح لأي منهم بالرجوع إلى . ويهدمون الهيكل مرة ثانية .
وهكذا عشت مع وريث يلتصق بي ولا تتحقق فيه شروط الورث وهو الظلم ، وآخر يظل بعيداً لا يقربني .
حتى جاء يوم ، وجدت الدنيا كلها كأنها هنا ، كل الأنبياء هنا ، يقفون للصلاة ، وينتظرون الإمام ، ويأتى أصغرهم ليصلى بهم ، ثم يعرج من عندى إلى السماء ، فأنا كما قلت لك بوابة السماء .
ثم عاد ثانية ، ليأخذ البراق الذى تركه عندي وعرج إلىالسماء . ليمضى ثانية ، لحظة كالحلم ، لحظة واحدة لكنها تساوي العمر .
وعلمت أنه الجناح الإبراهيمي الثاني .. وتمنيت لو يأتى محمد ، فقد جربت بني إسرائيل ثلاثين قرناً فلم أر منهم سوى المعاناة ، وقد سئمت منهم ، وأيقنت أن الظلم هو وجههم الوحيد ، فهم المقصود من قولة الله لإبراهيم لا ينال عهدي الظالمين . ليس من حقهم الميراث ، فلم يعد لي سوى هذا الزائر الكريم ، لحظة كالبرق ، كرمشة العين ، أحسست بفرحة دامت وقتاً ..
لكنه لم يكررها ، لكن هذا الفريق الآخر بعد ثبوت عدم استحقاق الفريق الأول ، فإن هذا الفريق هو صاحب الميراث ، فمادام كذلك فما الذى يجعله بعيداً عني ، ماذا يؤخره ؟ وأين النبوءة التى وعدتنى بالابتهاج .
مازلت أنتظر ..
لاريب أن صاحب الميراث ، بعد أن ثبت أن الوريث الأول لا يستحق هو الوريث الثاني ، فلماذا لا يأتى ؟ وحتى عندما دخل دخل في زيارة سريعة .. لا علاقة بالحصول على الميراث ، يريد الصعود إلىالسماء ولا طريق إلى بوابة السماء سوى من عندي .
فريق لا يستحق مصر على التواجد عندي ، وفريق آخر ظل منذ البداية بعيد ، كأنه في خفر العذارى يستحيا أن يمد يده إلى حقه .
أسمع بتحركات غير عادية . هرقل يحرك قواته ، ليصد المسلمين .. رباه ، لم أسمع هذا الاسم منذ إبراهيم عليه السلام . اقترب الوعد إذن ..
علمت أن المسلمين هم رجال محمد ، الزائر لى تلك الزيارة الخاطفة .
ينهزم هرقل هزيمة ساحقة ، ويهرب ..
ويتقدم الجيش لحصار المدينة ..
يقف الأنبا صفرنيوس يقول للجيش الغازي :
ـ إن لفاتح هذه المدينة علامات نعرفها فابرزوه لنا ، فإن كان هو فتحناها له ، فإن لم يكن فارحلوا سالمين فلن تفتح البلد لكم .
ينبرى قائد الجيش عمرو بن العاص .. فيقول له الأنبا صفرنيوس لست أنت صاحب العلامة . فأما إن كان لكم قائد آخر فابرزوه ، أو انصرفوا .
ويرسل عمرو إلى عمر بن الخطاب ليحضر ، لعل الله يفتح له القدس دون قتال ، لو كان هو صاحب البشارة .
ويحضر عمر بثياب مرقعة (18 رقعة ) يركب بغلة يتناوبها مع خادمه .
(عادل / منصور / راكب بغلة) حتى النبوءة تحمل الحروف الأولى من اسمه (عمر) .
ابتهجي .. يا أورشليم .. هاهو ملكك يأتى إليك . وقد أتى .. فلم يكن مني .. وهو ملك ..
سيمتد سلطانه من البحر إلى النهر ، وقد وصل ملكه إلى البحر بإسقاطه مملكة الفرس ، ولعله بعد طرد الروم من الشام يتجه إلى مصر ويستولى عليها . هذا أول حفيد لإبراهيم تكون مملكته من البحر إلىالنهر .
وبرغم هذا الانتصار على الفرس والروم معاً وتحويله جزيرة العرب إلى جزيرة عربية خالصة ، يأتى بثوب مرقع ، فما التواضع إذن إلا هذا ، أن تملك الكنوز ولا تستعملها .
عادل .. يشتد على أهله أكثر من أى مسلم آخر ، وما العدل إلا تنزيهه عن الهوى للأقربين .
وهذا أمير غسان يبحث عنه ، فيجده نائماً تحت شجرة . فيقول له : حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر .
منصور .. وهل بعد انتصاره على أكبر مملكتين معاً هناك انتصار آخر ..
ينادى الجيش من خارج الأسوار .. وأرقص فرحاً .. ابتهج فقد جاء ملكي .. عريسي .. عمر ..
ينظر صفرنيوس إلى عمر ، يركب بغلته ، بثيابه المرقعة .. يأمر بفتح الأبواب ..
فهو صاحب النبوءة ..
ـ افتحوا الأبواب لملك أورشليم ..
ولأول مرة يدخل ملك لي ، ولا يدمر البلد ، بل لا يريق قطرة دم واحدة ..
بل يكتب عهدة أمان لأهل البلد ..
وتأتي صلاة الظهر .. وعمر في كنيسةا لقيامة .. فيصر علىالخروج .. والأنبا يلح عليه صلى في الكنيسة ، فكلها أرض الله ..
يقول عمر :
ـ أخشى أن يأتى من بعدي من يقول : صلى هنا عمر ، فيحولها إلى مسجد ويهدم الكنيسة .
ما أروعك يا مليكي .. تنظر بعين الغد لعنصري الشعب اللذين يعيشان هنا ، فلا تريد لهما في الغد ما يتسبب في اضطرابات بينهما .
خرج وصلى بعيداً .. وبعد ذلك يأتى من بعده من أقام مسجدا وسماه مسجد عمر ، وابتسم .. ما أروع مليكي .. الذى بشرني به نبي الله زكريا ، وبعد ثمانمائة سنة تتحقق النبوءة .
لو أنه صلى في الكنسة لأخذها الملوك الذين حكموا بعد ذلك وحولوها مسجداً باسم عمر ، فإذا اشتد عود النصارى بعد ذلك هدموا المسجد وأعادوه كنيسة ، فإذا اشتد عود المسلمين ثانية أعادوا هدمها . لا .. لقد كان يحافظ على الطرفين ليعيشا متحابين .
عندما دخل داود وسلميان عشت سبعين سنة في سلام . بعد مليكى عمر عشت 500 سنة في شهر عسل طويل .
فالوعد الإبراهيمي كان ينتظر عمر ..
ويدخل جودي فرى .. ليعيد إلى الأذهان ما فعله نبوخذ نصر ، لكنه يقتل المسلمين فحسب .
وتذكرت مليكي عمر ، وأناأرى الدماء تصل إلى ركب الخيول تسبح فيها الأعضاء البشرية للمسلمين .
كان النصارى في المدينة عندما دخل عمر ، فلما فتحت المدينة له ، كتب لهم عهد الأمان . أما جودي فري فجاء ليرد له الجميل ، فلم يبق لأحفاد عمر أحداً .
تسعون سنة والآذان الذى سمعته 500 سنة لا أسٍمعه ، حتى يأتى حفيد لمليكى عمر ، اسمه صلاح الدين الأيوبي ..يدخل إلىالقدس فاتحاً ، ومرة أخرى يذكرني بجده عمر ، فلا يثأر لما فعله السفاح جودي فري . فلا يقتل أحداً ، بل عندما سمع أن امرأة ضاح ابنها بحث لها عنه .
وأعود ثانية إلى أبناء مليكي عمر .. وتمر الأيام .. ويبدأ اليهود ثانية في التسلل إلى أرضى ..
وأجتر ذكريات حزينة .. فقد ظلوا لا يدخلون إلى أرضي على مدى ثمانية عشرة قرناً ..
ويقيمون دولة .. وتتنامى الدولة بشكل كبير ..
وتذكرت مقولة غابت عني ، إن نبوخذ نصر كان العقاب الأول . وهذا العقاب مرتبط أن يحكموا ويصبحوا دولة عظيمة ، ثم يفسدون فيسلط الله عليهم جنوداً لهم بأس شديد . وقد تحقق لهم الدولة العظيمة أيام داود وسليمان ، وبعدها أمعنوا ف يالطغيان والعلو والإفساد .. فجاءهم نبوخذ نصر .
وحتى يتحقق العقاب الثاني لابد أن تكون لهم دولة عظيمة زاهية ، ثم يفسدون فيأتى العقاب ..
لذلك يا أيها الراحل .. أقول لك .. لقد اقترب الوعد ، فقد حققوا في خمسين سنة دولة عظيمة تناطح أكبر الدول ، ومع ذلك لم يتوقفوا عن الإفساد في الأرض .. فقد اقترب أحفاد نبوخذ نصر .. فلا أقول لك أنت وداعا ، فأنا معك أينما ذهبت ، لكنى أستعد لأقول للظالمين وداعاً . فلا يدوم ظلم بأرضي . وقد اقترب جداً وعد الآخرة . ولم يتجمعوا كلهم هنا إلا ليسهل القضاء عليهم في مكان واحد كما حدث عندما أجهز عليهم نبوخذ نصر وهم في مكان واحد .
فاذهب في أى مكان .. فمعك أنا أينما تذهب ..
يركع الراحل يقبل الأرض ، ويأخذ في راحته حفنة من ترابها ، ويمضى وهو يتنسم من التراب نفساً طويلاً .

الوطن سيدنا ابراهيم موسى القدس

استطلاع الرأي

أسعار العملات

العملةشراءبيع
دولار أمريكى​ 29.526429.6194
يورو​ 31.782231.8942
جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
100 ين يابانى​ 22.603122.6760
ريال سعودى​ 7.85977.8865
دينار كويتى​ 96.532596.9318
درهم اماراتى​ 8.03858.0645
اليوان الصينى​ 4.37344.3887

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

السبت 03:20 مـ
12 شوال 1445 هـ 20 أبريل 2024 م
مصر
الفجر 03:51
الشروق 05:23
الظهر 11:54
العصر 15:30
المغرب 18:25
العشاء 19:47