قصف قوات البحرية المصرية لمنطقتي رمانة وبالوظة
كتب : سامح طلعت
من بطولات حرب الاستنزاف المنسية
التي تمت في شهر نوفمبر عام 69
بطولة خارقة ... لم يكتب عنها
عملية قصف القوات البحرية المصرية لمنطقتي رمانة وبالوظة وما صاحبها من تخطيط
و التنسيق بين القوات البحرية و القوات الجوية
تفاصيل العملية.
التاريخ :صباح 8 نوفمبر 1969
في الميناء الحربي بالاسكندرية ،تستعد المدمرتين دمياط والناصر للابحار في مهمه تدريب قباله سواحل مرسي مطروح ، وهو شئ عادي متكرر الحدوث ، لكن انباء زياره قائد القوات البحريه للقطع المغادره اضفت نوعا من الاهميه علي ذلك التدريب .
الرجال علي متن المدمرتين يعطون تمام الاستعداد ، تم ملئ مخازن الذخيرة ، تم التاكد من مخازن الغذاء والوقود، الماكينات في استعداد تام ، اطقم المدفعيه والمدفعيه المضاده للطائرات تعطي تمام الاستعداد ، الرادار جاهز لرصد الاهداف المعاديه ويعمل بكفاءه ، معدات واسلحه مكافحه الغواصات في اتم استعداد ، عيادات المدمرات جاهزة والاطباء والمسعفين استعدوا لكل الاحتمالات ، فرق الاطفاء جاهزة للتعامل مع اي حريق .
كل شئ تمام وفي انتظار وصول قائد القوات البحريه
قاعده المنصورة الجويه
النقيب سمير عزيز ميخائيل
يعود الي غرف المبيت خارج المطار ، فهو احد ابرز طياري السرب 46 الليلي ، والمكلف بعمليات الحمايه والاشتباك الليلي مع طائرات العدو التي قد تحاول مهاجمه قواتنا ، لذلك فهو يبدأ عمله مع حلول المغرب وحتي تباشير الصباح ، ومع حلول اول ضوء يستلم زملائه من سرب اخر مهمه الاستعداد والطيران في مناطق المظلات الجوية .
ميناء الاسكندريه :
المقدم عدلي عطيه قائد المدمرة دمياط يقف في غرفه قياده المدمرة منتظرا وصول قائد القوات البحريه ، وعقله يعمل في اتجاه اخر تماما ، هل يخبر قائده بوجود اعطال في بعض المعدات ام يكتم هذا السر ؟ فرجاله قادرين علي العمل بدون تلك الاجهزة او ببدائل متاحه ، الامر لا يبدو انه مجرد تدريب لكن رجاله قادرين علي العمل بكفاءه ،فلديه احساس غريب جدا بأن في الامر شئ ما ، وان هذه العمليه ليست تدريب فقط انما هي عمليه حقيقيه ، وهذا الاحساس ملازم له منذ الليله السابقه وهذا الاحساس هو ما دفعه من الصباح في اعطاء اوامرة لقائد الاشاره علي المدمرة دمياط بعمل فلندره طويله طولها حوالي عشر امتار ، والفلندره هي عباره عن علم رفيع يتم رفعه اعلي ساريه السفينه عند الدخول في مهمه والعوده بعد تنفيذها بنجاح، انه علم النصر .
احساس غريب تملكه وهو يأمر قائد الاشاره بعمل تلك الفلندره الطويله ، وها هو يقف الان في غرفه قياده المدمرة منتظرا قائد القوات البحريه للوصول لحضور التدريب .
وعلي بعد امتار قليله من المدمرة دمياط ترسو المدمرة الناصر تستعد هي الاخري للابحار ، ومنذ لحظات اعطي النقيب امجد فهمي قائد مدفعيه المدمرة تمام الاستعداد لقائد المدمرة المقدم عادل الشراكي والذي يصاحبه العقيد مصطفي كامل منصور من قياده المدمرات للاشراف علي التدريب.
وفي الموعد المتوقع لحضور قائد القوات البحريه اللواء محمود عبد الرحمن فهمي ، لم يحضر القائد انما حضر سكرتيرة العسكري العميد جلال فهمي حاملا ظرفا مغلقا ، وسلمه لقائد المدمرات المتواجد علي متن المدمرة دمياط للاشراف علي التدريب المتوقع و قد كتب فى المظروف من قائد القوات البحرية الى العقيد جلال فهمى قائد لواء المدمرات شعبان 8 نفذ اليوم بالتوفيق باذن الله
و كان لفظ شعبان 8 هو الاسم الكودى للعملية وبعدها ابحرت المدمرتين الى الغرب حيث الموقع التدريبى قبل ان تلتف للاتجاه الى الشرق حيث سيناء
بدأت المدمرة دمياط ابحارها مغادره ميناء الاسكندريه ومن خلفها المدمرة الناصر ، حيث وضع تواجد قائد لواء المدمرات علي متن المدمرة دمياط شرف ان تكون هي مدمرة القياده لهذا التدريب .
تحركت السفن ببطء مغادرة الرصيف ومتجهه الي بوغاز الميناء ومن خلفه البحر الواسع الممتد الي ما بعد نظر الرجال .
انه صباح الثامن من نوفمبر 1969 ، المدمرة دمياط ومن خلفها المدمرة الناصر تبحران تجاه الشرق في مسار وسرعه معتاده .
لقد قامت تلك المدمرات بدوريات كثيرة قباله سواحل بورسعيد ودمياط من قبل والعدو يعرف ذلك تماما ، وكانت التعليمات ان تكون السرعه ومسار الابحار مماثل لما قاما به من قبل في دوريات القتال المتعدده لمفاجأه العدو .
وبعد ان استقرت المدمرات في اتجاههم ، بدأ قائد المدمرات شرحه للمقدم عدلي عن المهمه .
المدمرة دمياط :
مكلفه بقصف مناطق تخزين تشوينات ذخائر وعتاد العدو في بالوظه علي عمق 40 كيلو متر من ساحل البحر وهي مناطق هامه لكنها بعيده عن مدي مدفعيه الجيش المصري علي القناه لذلك تم تكليف القوات البحريه بتلك المهمه الحيويه .
المدمرة الناصر :
تقوم المدمرة بقصف بطاريات الدفاع الجوي من طراز هوك والمتمركزه في منطقه رمانه علي عمق 50 كيلو متر من ساحل البحر .
والذي لم يعلمه احد علي متن تلك القطع البحريه ، انه في مبني قياده القوات البحريه يتواجد اللواء محمد صادق مدير المخابرات الحربيه ، فقد كان هذا اليوم يوما حافلا للقوات البحريه المصريه ، حيث كُلفت القوات البحريه بحمل رساله للعدو الاسرائيلي مفادها
(( ان القوات البحريه المصريه قادره علي الوصول الي عمق قواتكم في الشمال والجنوب ))
فرجال الضفادع البشريه علي وشك ان يبدأوا في ابحارهم من الحدود السعوديه الاردنيه لتدمير سفن العدو في ميناء العدو في ايلات .
التوقيتات محسوبه بالثانيه ، الاهداف محدده تماما ، القلق يعصف بالرجال في مبني القياده
استمرت المدمرات في ابحارها بجوار الساحل المصري متخطيه رأس البر ودمياط ، وفي سرعه متوسطه لا تنذر العدو والذي لو رصدها رادارة لتوقع
ان تكون مراكب صيد عاديه من التي تكثر في تلك المنطقه .
وقف امجد فهمي وسط رجاله من رجال مدفعيه المدمرة الناصر ، يبث فيهم الحماس والفداء ويخبرهم بعبارات لا تحمل معاني مستترة .
(( ان المدفعيه هي عصب عمل المدمرات ، نجاح المهمه يتوقف علي دقه اصابه الاهداف ومن اول قصفه ، اي تأخير معناه دخول طائرات العدو او لنشاته في المعركه مما سيصعب علينا العوده ، تنفيذ المهمه لا يختلف عن التدريب في شئ ، فقط قاتلوا كأنكم تتدربون ))
المقدم عدلي عطيه يتابع عمل الرجال علي المدمرة دمياط ، كل الاقسام جاهزة للاشتباك كما تدربوا اكثر من مرة ، هذا هو الوقت الحقيقي لمعرفه نتاج التدريب المجهد المتواصل في الفترة السابقه ، اخفي علي قائد المدمرات تعطل بعض الاجهزة بالمدمرة ، تلك الاعطال لن تثني الرجال عن تنفيذ مهمتهم بنجاح لكن اعلان الاعطال قد يؤجل تنفيذ المهمه وهو اخر شئ يريده .
ضوء الشمس يكاد ينتهي بعد ان غربت الشمس واقتربت المدمرات من بورسعيد ، اخر حدود الامان ومن بعدها سيكونون في مناطق عمل العدو وبدون دعم من المدفعيه الساحليه او الدفاع الجوي المصري.
قرب بورسعيد ظهر علي الرادار نقطتين صغيرتين تخرجان من بوغاز ميناء بورسعيد ، انه سرب من لنشات الصواريخ ( كومار ) مخصص لحمايه المدمرة دمياط والتي ستكون اكثر تعرضا لهجمات العدو نظرا لقربها من مواقعه اكثر من الناصر والتي ستكون اكثر بعدا عنها .
انضم لنشات الصواريخ الي المدمرة دمياط والتي بدأت تزيد من سرعتها ، وبدأ يتسع الفارق بينها وبين المدمرة الناصر ، ووسط ظلام الليل واظلام السفن ، اختفت دمياط من امام الناصر واصبحت كل مدمرة تري الاخري كنقطه علي الرادار .
*قاعده المنصورة الجويه
ما ان حل الظلام الا وكان سمير عزيز يحكم رباط اربطه مقعد الطائرة وبجواره العجمي احمد في طائرة اخري علي اول ممر الاقلاع مستعدين للاقلاع لتنفيذ اي عمليات ليليه وقد سلحت كل طائرة بصاروخين جو جو ، ولا يدريان ماذا يخبئ لهم القدر.
البحر المتوسط – شرق بورسعيد – المدمرة دمياط :
وقف المقدم عدلي يتابع بنظراته المعظمه الافق الاسود امامه وعقله يفكر بلا هواده ، الظروف مواتيه لتنفيذ عمليه ناجحه ، فاليوم هو يوم سبت مما يعني ان القوات الاسرائيليه في اقل درجات استعداداها ، وهو اخر الشهر العربي ، فالقمر محاق والسماء سوداء فلا كاشف لهم ، ورغم ان مسارهم من المؤكد انه سيخدع العدو الا انه فور اطلاق اول طلقه ، فان العدو سينقض عليهم بعد لحظات قليله بعد ان يكتشف موقعهم ، فكان يجب ان يكون في المكان المناسب تماما لاعطاء مدفعيه المدمرة القدرة علي العمل في ظروف مواتيه ، لكن السماء والبحر في سواد الفحم وتحديد المكان يحتاج الي اجهزة غير موجوده علي متن السفينه .
فبدأ المقدم عدلي بعمل حساباته من واقع خبرته في تلك المنطقه منذ فترة معتمدا علي فنار البردويل كنقطه تمييز يعرفها تماما لكنها غير موجوده الان لوجودها في نطاق قوات العدو، فبدأ في عمل حساباته وفقا للسرعه والاتجاه واخر نقطه تم رؤيتها بالعين المجرده ومستغلا بيانات رادار المدمرة في ضبط زوايا المدفعيه .
ووفق الخطه بدأت المدفعيه المصريه في بورسعيد وبورفؤاد في اطلاق النار علي قوات العدو فى حصن بودابست للتمويه ، وظهرت الحرائق في مواقع العدو وكان عليهم الانتظار لمده خمس دقائق كما هو مخطط وفي اللحظه المحدده ، توكل المقدم عدلي علي الله واعطي امرة بالبدء في اطلاق النار
وبدأت مدفعيه المدمرة دمياط في اطلاق نيرانها بتركيز شديد ، وبعد ثوان تحول الافق الي ضوء فالطلقات اصابت اهدافها اصابه مباشرة ، وانفجرت مخازن الذخيرة لتحيل ظلام الافق الي ضوء باهر يؤكد نجاح القصف ، واستمرت المدمرة دمياط في قصفها المتوالي .
وعلي مسافه 40 كيلو من المدمرة دمياط ، بدأت المدمرة الناصر قصفها بعد ان اصبح الافق مضئ بفعل ضربات المدمرة دمياط .
وفور بدء مدفعيه الناصر ضرباتها تعالت السنه اللهب من الافق مره اخري معلنه اصابات مؤكده وتحول ليل سيناء المحتله الي نهار وتعالي صوت الرجال حول امجد بالهتاف الله اكبر الله اكبر
واستمر القصف لمده دقائق ، ظهرت خلاله طائرة هليكوبتر اسرائيليه تقوم بالاستطلاع فوق المدمرة دمياط والمدمرة الناصر ومنذرة بأقتراب هجوم جوي معادي .
فصدرت الاوامر من علي المدمرة دمياط والمدمرة الناصر بسرعه انهاء الرصيد النيراني المخصص لضرب الاهداف وبدء الانسحاب والتفرغ لمقابله طائرات العدو المتوقع وصولها بعد دقائق .
فور اتخاذ المدمرات طريق العوده ظهرت الطائرات الاسرائيليه في سماء المنطقه مطلقه دفعات من المشاعل لتحيل ظلام السماء والبحر الي نهار ساطع .
فأتخذت دمياط مسارا تجاه عمق البحر في حراسه لنشات الصواريخ ، بينما اتخذت دمياط مسارا متعرجا موازيا للساحل تجاه بورسعيد .
وفي الاسكندريه كانت البلاغات تصل الي قياده القوات البحريه ، وتعالي القلق في نفوس الرجال وخاصه رئيس الاركان بعد ان علم ان عمليه الاغارة علي ميناء ايلات قد الغيت بناء علي تقدير موقف قائد العمليه والذي علم بعدم وجود سفن حربيه بالميناء ، بشهامه الفرسان التي لا يعرفها الاسرائيليين ، رفض قائد العمليه مهاجمه سفن مدنيه وفضل الغاء العمليه .
بدأت الناصر في الاشتباك مع طائرات العدو المغيرة وهي تبحر بأقصي سرعه تجاه الغرب وعلي مقربه منها المدمره دمياط ولنشات الصواريخ والتي لم تكتشفها طائرات العدو وظلت في الظلام بينما تغرق الناصر في اضواء المشاعل التي تركزت عليها .
وفي احد الهجمات سقطت احد مشاعل طائرات العدو فوق الغطاء المشع الذي يغطي احد الاجهزه الحساسه منذرا بكارثه مدويه ، وهم امجد ان يطلق انذار الحريق ، لكنه لم يتمكن من ذلك ، فقد سقطت قنبله بجوار المدمرة تماما وانطلق عمود مياه كبيرة نتيجه تفجير القنبله ، وامام الرجال كانت يد الله تتدخل في المعركه ، فقد سقط عمود المياه كله علي الحريق الذي في مهده واخمده تماما ، وقتها ادرك الرجال بالواقع الملموس ان الله معهم وانهم جند الله في تلك المعركه ، فهرع امجد الي قائد المدمرة واخبرة ليبتسم القائد ويردد (( ان الله معنا فلا خوف علينا ))
عرض قائد سرب لنشات الصواريخ التدخل لمساعده الناصر ، فلنشاته اكثر سرعه واكثر قدرة علي المناروه ومراوغه العدو ، لكن قائد المدمرات المتواجد علي دمياط رفض ذلك مؤكدا ثقته في رجال المدمرة الناصر وحسن تدريبهم .
وبالفعل نجح رجال المدفعيه المضاده للطائرات علي متن الناصر من تدمير طائرة هوت محترقه في البحر امام اعين الرجال ، بينما اصيب طائرة اخري تم رصدها بواسطه رادارات دمياط وهي تترنح في طيرانها عائده الي اسرائيل .
استمرت طائرات العدو في هجومها علي الناصر لمده ثلاث ساعات متواليه من المنطقه بجوار بحيرة البردويل حتي مشارف بورسعيد ، وتلك الهجمات احصاها رجال الناصر بحوالي اربع وستون هجوما بالرشاشات والقنابل ، فغطت شطايا القنابل والطلقات سطح السفينه
وكان الموقف صعبا ، فالغارات الجويه الاسرائيليه مكثفه علي الناصر بينما دمياط علي مقربه منها وغير مرئيه ومستعده للتدخل لدعم الناصر اذا دعت الضرورة لذلك ، لكن تدخلها كفيل بكشفها هي الاخري مما سيجعل الهجمات الجويه تزداد حده عليهم .
وواصلت الوحدات ابحارها بأقصي سرعه ممكنه تجاه الغرب ، وعندما بدأت تقترب من التوازي مع ساحل بورسعيد .
اصدر قائد المدمرات امرة الي لنشات الصواريخ بالعوده الي ميناء بورسعيد بأقصي سرعه ، في نفس الوقت اصدر اللواء محمد صادق مدير المخابرات الحربيه امرا مباشرا من مكتب قائد القوات البحريه بأضاءه مرافق بورسعيد بالكامل كما خطط في البدايه ، فتوقع العدو وفق التحركات المصريه المفاجئه ، ان المدمرة المصريه في طريقها الي بورسعيد وان اضاءه انوار المدينه هي لارشاد المدمرة الي الميناء .
وهنا يتدخل الطيران المصري ، فقد اعطي الامر لسمير عزيز بالاقلاع من قاعده المنصورة تجاه بورسعيد ومن خلفه اقلع العجمي احمد ، وفور اقلاعهم ، رصد سمير عزيز المشاعل التي تلقيها الطائرات الاسرائيليه في الجو وعلي البحر لاضاءة بوغاز ميناء بورسعيد تحسبا لدخول المدمرة المصريه للميناء ومحاوله اصابتها في هذا المكان الضيق .
رصد سمير عزيز تلك المشاعل ووفقا لكلاماته كان الرادار علي الطائرات المصريه.
(( قلته احسن ))
فمدي الرادار هو 2 كيلو متر فقط وغير مجدي للطائرة في شئ ، وبدأت طائرات الاعاقه الاسرائيليه في الشوشرة علي اللاسلكي الخاص بالطائرات المصريه
كان ظهور سمير عزيز والعجمي احمد في سماء المعركه نقطه تحول مهمه جدا ، فقد توقعت الطائرات الاسرائيليه انها واقعه في كمين مصري مدبر ، فانسحبت القاذفات الاسرائيليه لعدم قدرتها الفعليه علي مواجهه المقاتلات المصريه ، مما اعطي الفرصه لدمياط والناصر بالتحرك تجاه الاسكندريه بسرعه كبيرة وفي خط مستقيم بدلا من المسارات المتعرجه .
وبعد نصف ساعه عادت الطائرات الاسرائيليه بعد ان تيقنت من خلو سماء المعركه من الطائرات المقاتله المصريه ، وبدأت في القاء المشاعل علي ميناء بورسعيد وهي تبحث عن المدمرة الناصر والتي كانت في تلك اللحظه قد انضمت الي كنف مدمرة القياده دمياط واتجهت عائده الي الاسكندريه في صمت لاسلكي تام لعدم رصد مكانهم .
وقرب ضوء الفجر وصلت أشارة الي قياده القوات البحريه من خفر السواحل قرب رشيد تفيد مرور مدمرتين مصريتين تجاه الاسكندريه .
فعادت قياده القوات البحريه وطلبت تأكيد الاشاره (( قطعه بحريه ام اثنين )) وعاد التأكيد بانهم وحدتين بحريتين ، فتعالي الحماس والتكبير ارجاء غرفه عمليات القوات البحريه بعوده القطع سالمه .
وعلي المدمرة الناصر سقط الرقيب اول عبد الغني عبد العزيز مغشيا عليه من جراء اصابه خطيرة في ذراعه تحامل عليها لمواصله القتال حتي انهارت قواه وكان هو المصاب الوحيد علي متن المدمرة
خطي امجد استجابه لاستدعاء قائد المدمرة عادل الشراكي ، لكنه لم يلمس الارض ، فقد حمله رجاله طوال الطريق علي الاعناق مهللين مكبرين فرحين بنصر الله لهم .
▪️فتلقاه قائد المدمرة محتضنا اياه دامعا مهنئا بالنصر الكبير ، فقد كانت المعنويات تناطح السماء، وفهنأهه المقدم عادل واثني علي عمله في دقه التصويب وشارك في التهنئه العقيد مصطفي كامل منصور ، ورد أمجد بان ذلك نتاج توفيق الله والتدريب المستمر.
وفي الساعه السادسه صباح استمع المقدم عدلي الي الاذاعات الاجنبيه التي تبث الخبر في اذاعاتها مما رفع معنويات الرجال اكثر وأكثر ، فهذه المرة لن تستطيع اسرائيل كما تعودت انكار الهجوم او الخسائر الكبيرة في صفوفها من جراء الهجوم المصري الكبير
وتذكر المقدم عدلي الفلندرة فأمر برفعها علي ساريه المدمرة ، فارتفعت الفلندره ذات العلم المصري وزينت ساريه السفينه وسط تكبير الرجال علي المدمرتين
وفي السابعه صباحا اعلنت مصر الخبر في اذاعتها بينما المدمرات تقترب من الاسكندريه ، فعلم جميع من في ميناء الاسكندريه بالخبر السعيد ، وخرج الضباط والجنود الي ارصفه الميناء ينتظرون عوده المدمرات في شوق بينما وقف قائد القوات البحريه في شرفه مكتبه بتابع بشوق وقلق وصول المدمرات
ظهرت المدمرات قرب البوغاز ، ومن مكتبه رصد قائد القوات البحريه المدمرات تعود سالمه تزينها فلندرة طويله ساريه مدمرة القياده فخر ساجدا في الشرفه شاكرا الله علي سلامه الرجال.
وفور دخول المدمرات الي بوغاز الاسكندريه بدأت القطع الحربيه المصريه من كل الانواع والاحجام في اطلاق صافراتها تحيه للواحدات العائده منتصرة ، ووقف الرجال علي متن المدمرات في سعاده وسرور يشاهدون ميناء الاسكندريه يزفهم ويرحب بعودتهم .
وفوجئ الجميع بالسفن التجاريه المصريه في الميناء تطلق صافراتها هي الاخري فرحا بعوده المدمرات ، فالخبر قد اعلن في الاذاعه وسمعه العالم اجمع ، وهرع العمال المدنيين يلوحون للمدمرات المصري ويكبرون بأقصي ما يتمكنون من قوة .
وعلي رصيف المدمرات ، اصطفت الموسيقات العسكريه تعزف المارشات العسكريه خلف رجال البحريه الذين اصطفوا بملابسهم البيضاء المميزة للترحيب رسميا بعوده المدمرات من تلك المهمه ومن امامهم وقف قائد القوات البحريه وضباط القياده وعدد من الخبراء السوفيت .
حصل جميع المشاركين في هذه العملية علي أنواط "الشجاعة العسكري" من الطبقة الاولي او الثانية كل حسب دورة في العملية في حين حصل قائد التشكيل و قادة المدمرتان علي وسام النجمة العسكرية من الرئيس جمال عبد الناصر.


















