مفتي الجمهورية: قضية تجديد الخطاب الديني أصبحت واجبَ الوقت وأوْلَى الضروريات التي يجب الاعتناء بها
خالد الخليصى المصريين بالخارجقال فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: إن قضية تجديد الخطاب الديني أصبحت واجبَ الوقت، وأوْلَى الضروريات التي يجب الاعتناء بها، وصرف الجهود لتحقيقها.
جاء ذلك في محاضرة مفتي الجمهورية التي ألقاها ضمن سلسلة المحاضرات الدينية لشهر رمضان التي تقدمها جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية بدولة الإمارات العربية، تحت شعار "القيم الكبرى في القرآن الكريم" التي تُعقد عبر الإنترنت، وتهدف إلى توعية الطلبة وعامة الناس بمنهج التفسير الحضاري للقرآن الكريم، والمبادئ الكلية لنصوص تفسير نصوصه.
وأضاف مفتي الجمهورية أن تلك الحقيقة التي نؤكدها هي ما فطنت إليه المؤسسات الدينية والنُّخَب والقامات العلمية والثقافية في الأمة الإسلامية في العقود الأخيرة، وتظهر انعكاسات ذلك التوجه والفَهم في الحضور الطاغي لقضية تجديد الخطاب الديني في أغلب منصات مؤتمراتنا العلمية، وتردُّد صداها في أروقة البحث العلمي الأكاديمي في المجال الشرعي، بل لما لها من كبير حضورٍ على نطاق النظر الاجتماعي والإعلامي.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن ذلك الاهتمام البالغ بتجديد الخطاب الديني تحديدًا ينطلق من الإيمان بأنه الخطاب الأكثر قدرةً وفعاليةً على التوجيه وتعديل المسارات السلوكية والأخلاقية في المجتمعات العربية والإسلامية؛ فعلى الرغم من أهمية الخطاب التعليمي والثقافي والإعلامي فإن الخطاب الديني يبقى له هذا الدور المميز والمكانة الخاصة؛ وذلك نظرًا لما يُمثله الدين من ركيزة أساسية في تكوين الشخصية العربية والإسلامية.
اقرأ أيضاً
- مفتي الجمهورية: الرئيس السيسي قاد مصر إلى بر الأمان
- مفتي الجمهورية: خيرية الجيش المصري لم تأتِ من فراغ وإنما نتيجة إرادة صادقة لرجال أوفياء
- مفتي الجمهورية يشرح كيفية احتساب أموال الزكاة
- مفتي الجمهورية: مقام النبي مقام كبير يحتاج منا أن نقف إعزازًا وتوقيرًا وتبجيلًا
- مفتي الجمهورية: حب مجتمعنا للكرم والإيثار يعكس حضور النموذج النبوي الموروث من رسولنا الكريم
- مفتي الجمهورية: قيمة زكاة الفطر 15 جنيهًا كحدٍّ أدنى ويجوز إخراجها من أول يوم في رمضان
- مفتي الجمهورية يدعو الناس لاغتنام شهر رمضان في إصلاح النفس والسلوك والعمل والبناء
- مفتي الجمهورية يبحث مع سفير سلطنة عُمان تعزيز التعاون الإفتائي
- شوقي علام: تكافل وكرامة من أهم المبادرات التي خففت عن الفقراء.. فيديو
- الدكتور مجدي عاشور: لا أحد يملك مفاتيح الجنة والنار إلا الرسول بوحي من الله
- مستشار مفتي الجمهورية: المرأة لم تؤمر بالانفاق على الرجل حتى لو كانت غنية
- مستشار مفتي الجمهورية: المرأة تشترك مع الرجل في 34 حالة في الميراث
وأوضح أن ما يمر به عالمنا العربي والإسلامي من شيوع التطرف الديني أو الطائفي أو المذهبي الذي يرتكز على أفكارٍ تخنُق الإبداع وتحدُّ من حرية الفكر والتعبير، ما يمر به عالمنا من ذلك كله يجعل من تجديد الخطاب الديني ضرورةً حياتية وحتمية حضارية.
وتابع مفتي الجمهورية: "مثل سائر قضايا التقدُّم والإصلاح والنهضة والتنمية لم تنشأ قضية تجديد الخطاب الديني مبتوتةَ الصلةِ بالشرع الشريف؛ بل تعلَّقت بمقاصد الشريعة العامة ومبادئها الكلية؛ فإن التجديد مقصدٌ شرعي أصيل مقارنٌ للإسلام ذاته، وليست دعوات حادثة؛ فقد أمر صلى الله عليه وسلم بتجديد الإيمان في القلوب فقال: «جددوا إيمانَكم»، وبيَّن أن ذلك التجديد وظيفةٌ دينيةٌ شرعية تكفَّل سبحانه وتعالى بتقييد مَن يقوم بها على الدوام فقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة مَن يجدد لها أمر دينها».
وأضاف مفتي الجمهورية أن قضية التجديد قبل أن تكونَ قضيةً حياتية ضرورية هي قضية شرعية، والتجديد الحقيقي الذي نعنيه وندفع في اتجاهه هو العودة للمصادر الأصيلة للتشريع الإسلامي واستدعاء ما يوافق كل عصرٍ باختلاف جهاته الزمانية والمكانية والشخصية والحالية بما يحقق مصلحةَ الإنسان في زمانه، وفي إطارٍ من منظومة القيم والأخلاق التي دعا إليها ورسخها الإسلام.
ولفت مفتي الجمهورية إلى أن هذا التجديد لا يتحقق بطبيعة الحال إلا بفَهمٍ تامٍّ لمتطلبات العصر والواقع، وتحقيقٍ لمقاصد الشريعة الإسلامية الغراء من غير إخلالٍ بالثوابت أو إهدارٍ لأي معلومٍ من الدين بالضرورة.
وأوضح مفتي الجمهورية أنه لا يختلف أحدٌ على أن محورَ التجديد في خطابنا الديني هو الاجتهاد في فهم النصوص؛ فكلٌّ من التجديد والاجتهاد لا ينفصلان مطلقًا؛ فالتجديد من لوازم الاجتهاد الصحيح؛ والاجتهادُ طريقٌ له؛ وهذا الاجتهاد الذي تُناط به عملية التجديد برمتها ليس اجتهادًا مطلقًا لا ضابط له؛ بل اجتهادٌ كما ينبني على فهم النصِّ فإنه ينبني أيضًا على إدراك الواقع وفهم تطوراته ومتغيراته، وإدراك أن أي محاولات تجديدية لن تُثمر ثمرةً حقيقيةً إلا بدراسة هذا الواقع والتعمق في علومه وفهم تفاصيله وما يطرأ على أعراف الناس وثقافاتهم من تغيير إيجابي أو سلبي.
وأضاف: "من هنا تظهر الأهمية الكبيرة للدراسات الإسلامية التجديدية التي تجعل النصَّ محورًا لها؛ وتُعيد النظر فيه طبقًا للمنهج العام والمبادئ العامة والمقاصد الشرعية وليس وقوفًا عند مفردات الألفاظ وجزئية الأحكام المقيدة بخصوصية الأزمان واختلاف الأحوال وطبائع الأماكن وقاطنيها".
وأشار مفتي الجمهورية إلى أنه لا شك أن أول النصوص وأهمهما في هذا السياق هو دستور الإسلام؛ القرآن الكريم؛ مأدُبة الله تعالى في أرضه، الكتاب الذي نزل لخير البشرية جمعاء، قال عنه الإمام الشاطبي: "إنه عمدة الملة لمن رام الاطلاع على كليات الشريعة وإدراك مقاصدها".