في استراحة الجمعة محسن يكتب عن ”التقبل والتعايش”
محسن طاحون المصريين بالخارج
نستهل مقالنا بما جاء في محكم آياته القرآن الكريم إذ قال تعالى؛ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ الروم (22).
سبحان الله في خلقه فقد جعلنا مختلفين في كل شيء، في عقولنا وأفكارنا وأشكالنا حتى في بصمة الأصابع، فلا يوجد شخص في العالم بصمته مطابقة لبصمة الآخر.
وكلنا منا نشأ و تربى و تعلم و نمى في بيئة ومعطيات و ظروف حياتية تختلف عن الآخرين .. و بالطبع لن نكون نفس الشخص بل سيكون لكل منا سماته التي تعكس كل العوامل التي شكلته و التي قلنا إنها ليست واحدة لنـا جميعاً بل مختلفة ..
ومن يعي و يدرك ذلك بالتأكيد لـن يكون طرف في مشكلة إلا نادراً .. ولن يتأفف من بعض من سيقابلهم في حياته ويجدهم مختلفون عنه ..
وللوصول إلى نقطة التقبل و التعايش يلزم أن تتسع صدونا ، و نلتمس الأعذار لغيرنا ، ونحسن في معاملاتنا للآخرين و نحسن الظن بهم ، ونقرأ المحيطين بنا بتأني قبل الإنخراط في التعامل معهم تجنباً للصدام و الفرقة و الندم.
ومن يحاول أن يجد أحد بدون أي سلبيات او ملاحظات فسوف يعيش وحيداً .. فإكتمال الكمال من المحال .. و لا يسلم الفضل من العيب .. فلا يخلو أحداً منا من العيوب والملاحظات فنحن بشر ولسنا ملائكة ..
وكل منا جوانب ايجابية وجوانب سلبية وحينماتطغى الاولى على الثانية نبدو أمام الاخرين في صورة جيدة .. وحينما تطغى الثانية على الاولى ... نبدو في صورة ليست جيدة أمام الآخرين ..
لذا وجب علينا أن نعمل على أنفسنا ونسعى لزيادة رصيدنا من الايجابيات ونقلل من السلبيات حتى يتقبلنا الآخرين ولا يجدوا صعوبة أو غصه في التعامل والتواصل معنا .. ولتحقيق التقبل و التعايش بينك و بين الآخر عليك ان تدرك أنك لست هو ، فلكل منكما شخصيته المستقلة ..
و أن الحوار للإقناع و تبادل الأفكار و ليس للإلزام،و لا تقف عند ألفاظه و حاول أن تفهم قصده فأحياناً يحمل الكلام معاني متضادة فأنظر دائما إلى نصف الكوب المليان و لا تنظر إلى النصف الفارغ لتتصيد الاخطاء ..
و عليك ان تدرك ايضاً ..
ان ما تصلح له أنت قد لا يصلح له هو،
و ما ينفعك أنت قد لا ينفعه هو ..
و ما يهمك أنت قد لا يهمه ..
و ما يزعجك أنت قد لا يزعجه ..
و ليس شرطاً أن يقتنع بما تقتنع أنت به ،
و ليس من الضروري أن يرى ما تراه أنت ،
و أن معرفة الناس للتعايش معهم لا لتغييرهم
أحيانا يكون أحدنا تحت ضغط نفسي ما و تصدر منه كلمات لا يقصدها و ليس لها عمق داخله
فلا تحكم علي أحد من لفظ أو سلوك عابر
و المثل بيقول : حبيبك يبلع لك الظلط عدوك يتمنى لك الغلط .. فلا تكن متربصاً لغيرك ..
فكما أسلفت كل منا نتاج مجموعة من العوامل و الظروف و المعطيات الحياتية و ليس من السهل أن تغير هذا في كل من تقابله ، بل عليك إحترام الآخرين و خصوصيتهم و سماتهم و محاولة تقبل ذلك للتعايش معهم دون ادنى مشكلة او قطيعة أو ضجر . .
و إن وجدت ما يستوجب النصح و الارشاد فإفعل بينك و بينه حتى لا تُشينه أمام الناس اذا نصحته علناً .. انتبه و كـن حكيماً و راقياً و خلوقاً في سرد ما تود أن تقوله له بينكم فقط .
و يجب علينا أن ندرك حكمة الخالق في جعلنا مختلفين لنتكامل و يحتاج بعضنا البعض ..
و في ذلك نتذكر قوله تعالى :
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ الحجرات(13)