بين النتائج وأسبابها
م.أشرف الكرم المصريين بالخارج
قال لي متعجبًا: رغم أن ابني قام بالإستخارة قبل أن يتقدم للزواج, إلا أن الزيجة لم تكن موفقة وتم الإنفصال, ويتساءل الإبن عمّا هي فائدة الاستخارة إذا كانت النتائج ليست تأتي على ما نرجوه, ؟
وفي الحقيقة إن هذه الإشكالية الفكرية, يقع فيها الكثيرين منا وليس فقط هذا الشاب الذي في مقتبل عمره, وقام بالإستخارة وتصور أن ذلك كافٍ لأن يؤدي إلى نجاح النتيجة والحصول على مراده, حيث يحدث ذلك في صورٍ أخرى متعددة نمر بها جميعنا ويتوقف عندها البعض ويمررها البعض الآخر, في حين قد يهتز بسببها كثيرين ممن يخلطون بين المسئولية الإنسانية وقدَر الرب سبحانه.
وبداية لابد أن نعلم بأن هناك جناحين لتحقيق النتائج, وواجب الإنسان أن يسير فيهما معًا, دون أن يُسقط أحدها ويعوّل على الآخر, أو أن يتهم أحدهما بعدم الفاعلية دون أن يقوم هو بما عليه تجاه الجناح الآخر, وهما "مسئوليتنا" في السعي والعمل والأسباب العلمية والبحثية ,, إلخ, و"النتيجة" التي تمثل عطاءًا من الله للناس.
وقد كان على هذا الشاب الذي يضيق بنتيجة الزيجة التي مر بها, أن يتحرى الحقيقة ويبحث عن شريكة الحياة بدقة وأن يدرس طباعها وتعاملاتها وأفكارها في فترة الخطوبة وقبلها, بما يجعله قد فعل "مسئوليته" تجاه تحقيق النتائج, ثم يقوم بعد ذلك بالإستخارة التي تتعلق بطلب التوفيق في "النتيجة" وهي التي تأتي من عند الله.
ونلاحط أن البعض يتسرع بعدم القيام بمسئولياته في السعي والاجتهاد, ثم يقوم بالدعاء أو الإستخارة, وحين لا تأتي النتائج المرجوه, يعتب على الدعاء أو على الإستخارة, وهذا أمر معيب يدل على نقص المعرفة بالعلاقة بين النتائج وأسبابها, حيث تظل مسئوليتنا قائمة في العمل والسعي, وتبقى النتائج معلقة بقدر الله.
إن الفصل بين هذين الجناحين وتغييب العلاقة بينهما, قد أدى إلى عواقب وخيمة, منها ما يجعل الناس تتكاسل عن العمل والسعي بالأسباب والاجتهاد تحت دعاوى أنني قد دعوت أو استخرت أو توكلت, ومنها ما يصل بالبعض إلى التشكك والتساؤل عن أهمية الدعاء والإستخارة,
وهذا يدعونا إلى ضرورة توضيح التداخل بين الجناحين والعلاقة بينهما, وأن نظل نعمل فيما هو "مسئوليتنا", و بعد القيام بتلك المسئولية الإنسانية أن نرضى "بالنتائج" أيا كانت, لأنها تتعلق بقدر الله ورزقه للناس.