بهجت العبيدي يكتب: محمد رمضان يفشل في أداء الأدوار الوطنية
يخرج علينا بين الفينة والأخرى أحد من هم محسوبين على الفن بفعل أو قول ليؤكد ويثبت أن بينه وبين الفهم الصحيح لمفهوم وقيمة الفن بونا شاسعا.
ولعل أكثر هؤلاء الذين يخرجون علينا هو الفنان محمد رمضان والذي له شعبية جارفة من متابعي الفن المصري في كل من مصر والعالم العربي، أنا لست أحدهم، وفي كل مرة يخرج علينا فيها محمد رمضان يعكس مستوى فكريا وثقافيا ضعيفا من ناحية كما يعكس عدم فهم لدور ومكانة الفن من ناحية ثانية.
وآخر مرة خرج علينا فيها محمد رمضان كانت ليعلن أن الدولة "مصر" قد حجزت على أمواله في أحد البنوك، نعم استخدم كلمة "الدولة" وهو خبيث في هذا الاستخدام، حيث أنه، وبعد قليل مما ذكره في الفيديو الذي صوره وهو يحتسي فنجان قهوة، تم الإعلان في بيان رسمي أن الحجز على أمواله لم يكن إلا حجز على المبلغ الذي حكمت به المحكمة للطيار الراحل أشرف أبو اليسر في تلك القضية التي رفعها على محمد رمضان، وهو أمر قانوني متبع في حال لم يقم المحكوم عليه، وهو هنا محمد رمضان، من تلقاء نفسه بإيصال المبلغ المحكوم عليه به.
وطبعا لم يكن لمثل شخصية محمد رمضان الوصولية والمدعية المثالية وبينها وبين هذه الصفة مسافات بعيدة أن لا يستغل هذه المناسبة ليعطينا درسا في الوطنية فذكر أن "لحم أكتافه من خير مصر وأنه وماله وكل ما يملك تحت أمر مصر". تلك الكلمات التي خرجت من شفتيه، وهو الممثل، لم تقنع أحدا فلقد فشل في تمثيل هذا المشهد، ربما لأنه لم يحصل على أجر لأدائه، أو ربما لأنه لا يتقن أداء الأدوار الوطنية، وأن براعته التمثيلية محصورة في أداء تلك الأدوار التي يرفضها كل المثقفين المصريين وغالبية الشعب المصري وهي أدوار "الفتنوة" و "الصياعة".
إن الفن الحقيقي، والفنان المدرك لدوره في المجتمع والمؤمن برسالته، يمكن أن يساهم بشكل فاعل في تكوين العقل الجمعي كما يمكن أن يساعد في بناء الشخصية السوية، وهذا كله عكس ما يقوم به الفنان محمد رمضان وغيره الكثير من فناني مصر الآن.
ولا أظن أن أمثال محمد رمضان مؤهلون، على وضعهم الراهن، على أداء مثل هذا الدور الهام، لأن المؤهلين لذلك يجب أن يقوموا على تعليم أنفسهم وإعداد ذواتهم لكي يدركوا قيمة ما يقومون به من عمل، وما يمكن أن يغرسوه في نفوس المشاهدين وخاصة هؤلاء المعجبين بهم، وأنهم يمكن أن يساهموا في تشكيل وعي حقيقي، هذا الوعي الذي يفقده في الأصل، حتى هذه اللحظة محمد رمضان وأمثاله.
ولعله من المناسب هنا، وحتى لا أبدو متناقضا مع ذاتي، أن أؤكد، كما أفعل دائما، أن ظاهرة محمد رمضان وغيرها من الظواهر الفنية القميئة هي نتاج بيئتها وإفراز مجتمعنا، ومن هنا فإنني لا أبرّئ المجتمع من صناعة مثل هذه الحالات، فلو انفض متابعو الأعمال الفنية عن ما يقدمه محمد رمضان لم يجرأ منتج لا يهمه غير جني الأرباح من الاستعانة به ودفع ملايين الجنيهات أجرا لقيامه ببطولة عمل سينمائي أو مسلسل درامي تافه المستوى على التعاقد معه وإسناد أدوار البطولة له.
ومن هنا فإنني انتقل من حالة محمد رمضان الفردية وما يثيره من بلبلة في المجتمع المصري، وما له من دور سلبي باسم الفن مؤثر في قطاعات عريضة في الشعب وخاصة قطاع الشباب، إلى ما يجب أن تقوم عليه الدولة وتقوم به المؤسسات المعنية من ضرورة تبني مشاريع تنويرية هي فقط القادرة على خلق عقل ناقد قادر على التمييز بين ما هو غث وما هو سمين، ليس فقط في الفن بل في كافة مجالات الحياة ذلك الذي يعد ضمانة حقيقية للعقل المصري من جانب ومن ثم للمجتمع المصري على الجانب الآخر.
