الدكرورى يكتب عن لله على الناس حج البيت
إعداد : د.محمد الدكروري المصريين بالخارجحين خلق الله تعالى الناس بيّن سبحانه الحكمة من خلقهم فقال تعالى فى سورة الذاريات " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" وأمرهم بتوحيده سبحانه في عبادته، ونهاهم أن يشركوا به شيئا، والعبادات كلها، فرائضها ونوافلها هي من توحيد الله تعالى لأن العبد يفعلها لأمر الله تعالى بها، وتصديقه بموعده فيها، فكانت توحيدا بهذا الاعتبار، ثم إن مظاهر التوحيد تتجلى في تفاصيلها، سواء كانت أقوالا أم أفعالا، أم كانت جامعة بين الأقوال والأفعال، والحج ركن الإسلام الخامس، فرضه الله تعالى على المستطيعين من عباده مرة في العمر، وندب إلى التطوع به، وفيه من مظاهر التوحيد ما ليس في غيره بل إن أكثر شعائره ومشاعره تكرّس التوحيد، وتدعو إليه ولذا كانت مناسكه ظاهرة، وشعائره معلنة لأن في إعلانها إعلانا لتوحيد الله تبارك وتعالى.
وبراءة من الشرك وأهله، والحج رحلة إيمانية، وتربية روحية، وفيه تجسيد عملي للعبودية لله رب البرية، والتخلق بأخلاق الإسلام السامية، وتطهير للنفس من الذنوب والخطايا والآثام ، ليعود المسلم منها بنفس سوية ،وروح تقية نقية، والحج فريضة على كل مسلم، وركن من أركان الإسلام الخمسة، فرضه الله سبحانه وتعالى مرة واحدة في العمر على كل مسلم، رجلا كان أو امرأة، إذا كان مستطيعا، في بدنه وماله، على أداء مناسك الحج ونفقاته، فيقول الله تعالى فى سورة آل عمران "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا" ولكي يفوز المسلم بالحج المبرور، يجب أن تكون نفقاته من مال حلال، لأن الله سبحانه وتعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الحج رحلة تهفو إليها قلوب المسلمين، وتهيم شوقا إليها نفوس المحبين المخلصين.
فيأتون من كل فج عميق، ليجسدوا معنى الوحدانية لله رب العالمين، ويذكروا اسم الله في أيام معدودات، منيبين إليه، خاشعين لعظمته، تاركين الدنيا بكل ما فيها وراء ظهورهم، مقبلين على الآخرة بقلوبهم، وأرواحهم، وأجسادهم، حامدين الله تعالى، شاكرين لأنعمه، أن وفقهم لأداء هذه الفريضة العظيمة، والحج فيه من الدروس والعبر الكثير والكثير، فهو يغرس في نفس المسلم مكارم الأخلاق، وعظائم الخصال، وطهارة القلب، والمسارعة إلى الخيرات، والكف عن الجدال العقيم، الذي لا طائل من ورائه، وفي الحج تعظيم لحرمات الله، واستشعار لعظمته في كل لحظة، أما يوم عرفة فهو من أعظم أيام الله، وهو الركن الأعظم من أركان الحج، والتي بدونها لا يصح الحج.
وفي هذا اليوم تنزل الرحمات والبركات، وتقبل فيه الطاعات والدعوات، وهو يوم يعتق الله فيه رقاب عباده المؤمنين، وهناك مكاسب عظيمة يعود بها الحاج من هذه الرحلة الإيمانية المباركة ومن أعظم هذه المكاسب أن النبي صلى الله عليه وسلم بشره بدخول الجنة، وأما المكسب الثاني فجسده النبي صلى الله عليه وسلم في قوله " من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" رواه البخارى، أى أن الحاج يعود من حجه وقد غفر الله له ما تقدم من ذنوبه، ومن المنافع التي يجنيها الحاج أيضا هو الالتقاء بهذه الأعداد الغفيرة من الحجيج ،على اختلاف أوطانهم وألوانهم وثقافاتهم، وعاداتهم وتقاليدهم، وهنا يستشعر المسلم المعنى الحقيقي للألفة والمودة والأخوة.
فالكل جاءوا بلباس واحد، ووقفوا على صعيد واحد، وهدفهم واحد، وهو الفوز بالحج المبرور، ومن المكاسب العظيمة أيضا لهذه الرحلة الإيمانية والتربوية هو شعور المسلم بالاعتزاز لانتمائه لدين الإسلام، فحينما يرى هذه الملايين، من الذين جاءوا من كل حدب وصوب، ليجتمعوا في هذا المكان المبارك على قول واحد وعلى دين واحد، وهذا المظهر العظيم الذي لا يمكن أن نجده في غير أمة الإسلام، وهنا يحق لكل حاج أن يفخر بانتمائه لهذا الدين العظيم، ولهذه الأمة المباركة، فعلى كل مسلم وفقه الله إلى الحج أن يسعى جاهدا إلى الاستفادة من هذه الرحلة المباركة، حتى يُقبل حجه، ويفوز برضا الله سبحانه وتعالى، كذلك عليه بعد عودته من الحج أن يبدل سلوكه إلى الأحسن، وأن تستقيم حاله على طاعة الله، فهذه من علامات الحج المبرور.