نحن مطالبون بالسير... لابالوصول
لايمكننا رشوة الموت .. ستذوب الوجوه الجميلة في تراب الدنيا ، ولكن ستبقى الأفعال الجميلة ترسم وجها أجمل في الجنة .
كل الذين جربوا الموت لم يُخبرونا عن مشاعرهم حين سمعوا أقدام الراحلين عن مثواهم الجديد ، وليلتهم الأولى في منزلهم .. عندما يغدوا بصرنا حديدًا سنمضي على خُطاهم ،، نعيش التجربة ولا نرويها .
بعد هجرة النبي وأصحابه من مكة إلى يثرب لم يتبقْ في مكة إلا عدد قليل من المسلمين لم يهاجروا لمرضهم وكبر سنهم وكان من بين هؤلاء الصحابة الذين حبسهم المرض وكبر السن الصحابي الجليل '' ضمرة بن جندب '' لم يستطع أن يتحمل مشقة السفر وحرارة الصحراء فظل في مكة مرغمًا .
ولكنه رضي الله عنه لم يتحمل البقاء بين ظهراني المشركين فقرر أن يتحامل على نفسه ويتجاهل مرضه وسنه وبالفعل خرج ضمرة بن جندب رحمه الله وتوجه إلى يثرب وأثناء سيره في الطريق اشتد عليه المرض فأدرك أنه الموت وأنه لن يستطيع الوصول للنبي وأصحابه فوقف رحمه الله وضرب كفا على كف وقال وهو يضرب الكف الأولى اللهم هذه بيعتي لك ثم قال وهو يضرب الثانية وهذه بيعتي لنبيك ثم سقط ميتا .. فنزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم يخبره بما حدث لضمرة ثم نزل قول الله تعالى: *'' ﻭَﻣَﻦ ﻳَﺨْﺮُﺝْ ﻣِﻦ ﺑَﻴْﺘِﻪِ ﻣُﻬَﺎﺟِﺮًﺍ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟﻠّﻪِ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟِﻪِ ﺛُﻢَّ ﻳُﺪْﺭِﻛْﻪُ ﺍﻟْﻤَﻮْﺕُ ﻓَﻘَﺪْ ﻭَﻗَﻊَ ﺃَﺟْﺮُﻩُ ﻋَﻠﻰ ﺍﻟﻠّﻪِ ﻭَﻛَﺎﻥَ ﺍﻟﻠّﻪُ ﻏَﻔُﻮﺭًﺍ ﺭَّﺣِﻴﻤًﺎ ''* .. فجمع النبي أصحابه واخبرهم بشأن ضمرة وقال حديثه الشهير، إنما الأعمال بالنيات، فحاز ضمرة شرف لم يحزه غيره بأن نزل فيه قرآن وسنة .
إن العمل مع الله لا يشترط فيه أن نصل للهدف ولكن يكفينا أن نموت و نحن نعمل ونسير في الطريق إليه مادامت نيتنا لله .. *فنحن مطالبون بالسير لا بالوصول* .. قال الشافعي .رحمه الله : سيروا إلى الله عرجا ومكاسير فإن انتظار الصحة بطالة .. حافظوا على مسيركم إلى الله فالقلوب ضعيفة والفتن خطافة .
اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك برحمتك يا أرحم الراحمين .


















