ماهر جبر يكتب: الإسكندرية وعبق التاريخ ”شخوص وأحداث”
قال عنها الإسكندر الأكبر، إنها «ترنيمة الزمان، ومعشوقة التاريخ لا أدرى إن كنت أسكنها أم أنها تسكن وتتوسد حناياي»،
نظرة إليها في بدايات القرن الواحد والعشرين، تريك عبق التاريخ يُطل من نوافذها ومبانيها، تلك المدينة الرابضة على شاطيء البحر منذ مايزيد عن ألفي عام، وقت أن وضع مخططها المهندس الإغريقي دينوقراطيس بأمر من الفاتح الأعظم الإسكندر الأكبر حوالي عام ثلاثمائة قبل الميلاد، حيث بنيت بجوار قرية قديمة للصيادين كان يطلق عليها راكوتا (راقودة)، هادئة جميلة، مقصد التجار والعلماء من كل حدب وصوب.
سفر عبر التاريخ، وغوص في شواطئها يريك كم هي كثيرة تلك الأحداث الهامة وكذلك المآسي التي مرت بها المدينة، والتي صنعتها إسماً بارزاً في التاريخ القديم والحديث أيضاً ، قف يا زمان، وسجل يا تاريخ في صفحات خالدة، وذكرنا بممالك زالت، وأساطيل غرقت، ذكرنا بكليوباترا، وأنطونيوس شهيدي العشق والغرام، ذكرنا بعلماء ورحالة مروا بها، فعشقوها ولم يبرحوها ثانية، بل حوت أجسادهم في ثراها، ذكرنا بأساطيل غرقت، وجيوش هزمت، وهي واقفة شامخة شاهدة على ما يحدث فها هي بقايا الأسطول الفرنسي المحطم غارقة في مياه أبي قير تحكي ماحدث تفصيلا في ذلك الزمان.
وكثير هم أيضاً الأشخاص الذين شاركوا في وضعها على قائمة كل مدن العالم، لكنها ردت لهم الجميل فخلدتهم وخلدهم التاريخ كذلك رابطاً ذكرهم بمجرد الحديث عنها من قريب أو بعيد.
فإذا ذكرت الإسكندرية قفز إلى الذهن أسماء أبطال مشاهير مثل محافظها الأعظم في التاريخ محمد كريم، الذي أُعدم لمقاومته الحملة الفرنسية، وقائدها نابليون بونابرت، لم نعرف عنه إلا مقولته الشهيرة للمصريين اللذين احتشدوا ليروه في مشهد أخير وهو يصلب ( اليوم لي وغد لكم )، لكن ظلت تفاصيل الواقعة وما حدث معه مجهولاً، رغم أن معرفة دقائق الأمور وماتم من حوارات بينه وبين جلاديه، ترينا كم كان هذا الرجل عظيماً في كل شيء، حتى في لحظة أن ساقوه لكي يذبح، رافعاً رأسه، متمتماً بالشهادتين، مؤكداً أنه لن يموت، بل سيبقى ويذهب جلادوه الى الجحيم،
ويقدم لنا الجبرتى وصفاً لمشهد إعدام الشهيد محمد كريم قائلاً ” فلما قرب الظهر وقد إنقضى الاجل أركبوه حماراً ، وأحاط به عدد من العسكر و بأيديهم السيوف المسلولة ويتقدمهم طبل يضربون عليها وشقوا به الصليبية إلى أن ذهبوا إلى الرميلة، وقاموا بقيده وكتفوه وربطوه مشبوحاً، وضربوا عليه بالبنادق كعادتهم فيمن يقتلونه، ثم قطعوا رأسه ورفعوه على نبوت وطافوا به جهات الرميلة، والمنادى يقول، هذا جزاء من يخالف الفرنسيس“ولقد كانت اخر كلماته قبل أطلاق الرصاص عليه من جانب الفرنسيين موجهة للمصريين وهى : كونوا مثلاً ” للتضحية .. اصمدوا فى وجه المستعمر وقاوموا جبروته وطغيانه مهما كان العنف والعناء يذكر أن دفنه تم في مقام سيدي كرير بين الماكس والقباري بالإسكندرية.
ثم يقفز إلى الذهن كذلك ذكر مكتبتها الرائعة ودارها للعلم والمعرفة التي أسسها بطليموس الأول، والتي كانت أول جامعة في العالم بأسره، تخرج منها عباقرة الدنيا وعظماؤها، مانيتون أبو التاريخ، واقليدس، وفيثاغورث، وافلاطون أشهر فلاسفة الإغريق على مر التاريخ، وارسطو، ثيون الباحث المصري وآخر مدير لمكتبة الأسكندرية القديمة قبل إغلاقها من قبل ثيوفيلس البابا القبطي بالمدينة والإمبراطور ثيودوسيوس الأول.
وحديثا هي مهبط الفن ومرتع المبدعين، وفاتنة الشعراء والكتاب، وسر ابداعهم، فهذا سيد درويش، وبيرم التونسي ومسارحها الرائعة، المطلة على أمواج البحر فتزداد العروض جمالاً ويقترن الواقع بالخيال، ومن صور عبقريتها كذلك انجابها لأبو القانون في مصر وكل الدول العربية العلامة والفقيه القانوني العظيم السنهوري باشا، وغيرهم كثير.
والإسكندرية عروس البحر سابقة لكل مدن العالم في وضع أسس الثقافة بكل فروعها، ففيها أنشأ بطليموس مكتبة يرتادها الناس قبل أن يعرف العالم القراءة، لم يكن فجر الثقافة والمعرفة قد بزغ في الدنيا، وكان في الإسكندرية وضح النهار، كانت الدنيا ظلاما يحيط بالعالمين، وفيها يسطع نور المعرفة والبيان، ثم كانت منارتها الرائعة إحدى عجائب الدنيا السبع، وعمود السواري، والفنار الذي أعد لهداية السفن في عرض البحر، في سابقة لم يعرفها العالم في ذلك الزمان.
وإذا كنا قد تعرضنا لقليل من كثير فيما يتعلق بحاكم الإسكندرية ومحافظها منذ ما يزيد على مائتي عام، فإننا الآن نتحدث عن إنجازات محافظها الحالي اللواء محمد طاهر الشريف المولود بمركز اخميم بمحافظة سوهاج في بيت عرف عنه التحلي بسلاح العلم وتناوب المناصب السياسية منذ عقود كثيرة.
تخرج اللواء محمد طاهر الشريف من كلية الشرطة عام ٨٣ متقدماً قرنائه جميعاً ، فاختار لنفسه واختاره رؤساءه للعمل بأهم الأماكن وأكثرها حساسية حيث جهاز أمن الدولة، ثم انتقل للعمل بمحافظة أسيوط المرتع الحقيقى لحركات المد والجذر الطائفية، وهي كذلك الإختبار الحقيقي لأي رجل أمن، وظل في موقعه هذا لما يقارب خمسة عشر عاماً تمكن فيها من التخلص من كثير من الخلايا الإرهابية وقطع رؤوسها المدبرة، ومحاصرتهم في كهوف الجبال قبل أن ينتقل للعمل مديراً لموانىء البحر الأحمر.
من أجل ذلك يعتبر إختيار اللواء محمد طاهر الشريف محافظا للاسكندرية هو إختيار صادف أهله، ذلك لعمله عدة سنوات وكيلاً لجهاز أمن الدولة بها، ثم مديراً للجهاز فكان ذكياً نافذ البصيرة، أحبه كل أهلها لدماثة خلقه، ونصرته للحق، فرسخ قاعدة حسن معاملة المواطنين، واستطاع بذكاء قراءة مشاكلهم، فكانت سرعة التدخل لحلها، والتعامل بكل حزم مع الخارجين عن القانون، أيا كان موقعهم، أو ما يتمتعون به من سلطان أو جاه.
وفي يوم الإحتفال بالعيد القومي لثغر الإسكندرية فاتنة الشعراء والكتاب وكل من امتهن الفن والجمال وسر ابداعهم، سلام على أرواح كل العظماء اللذين احتضنتهم وشاركوها صنع تاريخها، بينما شاركتهم تخليد ذكراهم بحروف من نور على صفحات من ذهب، فالإسكندرية صفحة مضيئة شديدة الإبهار في ذاكرة الدنيا قديماً وحديثاً، سلام على روح محافظها وحاكمها


الإسكندرية: الدفع بـ7 سيارات إسعاف في حادث انقلاب ميكروباص العامرية
نقل الإسكندرية: متوسط عدد ركاب الترام الأوكراني 340 ألف راكب في الشهر
”العناني” يلتقي 200 شاب وفتاة بقصر عابدين الأثري |صور
تفاصيل تنفيذ مشروع الهوية البصرية بالإسكندرية.. اعتماد 6 ألوان وخطوط موحدة بالمحافظة
محافظ الإسكندرية يكشف تفاصيل مشروع المنتزه: منطقة جذب سياحي عالمية.. فيديو
تعرف على تفاصيل مشروع مترو أبو قير
محافظ الإسكندرية: لدينا 15 ألف بائع متجول.. نوفر لهم بدائل بعد إزالة الأسواق العشوائية
محافظ الإسكندرية: التغيرات المناخية وراء تغير لون البحر لـ الأخضر
محافظ الإسكندرية: محضر لمن يسير بالمايوه في الشارع.. والبكيني مسموح على الشواطئ.. فيديو
شاهد| تفاصيل مشروع تطوير «حلقة السمك»
تفاصيل تطوير ميدان محطة مصر في الإسكندرية
محافظ الإسكندرية: 134 ألف قرار إزالة لمباني مخالفة.. نفذنا منها 2500 خلال عام















