أشرف الكرم يكتب : نظرية المؤامرة والوعي المجتمعي
علاء سحلول المصريين بالخارجبقلم : م.أشرف الكرم
لاتستقيم الأمور في وقت المواجهات الوطنية، وحين تحتدم الأحداث حول الوطن بشكل يدعو للإنتباه ، إذا نحن لم ننتبه.
وإذا تابعنا خريطة الواقع الدائر في منطقتنا العربية وبالأخص حول وطننا مصر، فإننا لن نخطئ ملاحظة تصدير المعضلات والمشكلات من حينٍ لآخر و بشكل متتابع و متواتر لإدخال الوطن إدارته في مخاطر من كل جهة، بعد أن كانت الخطورة فقط من جهة الشرق الشمالي للبلاد.
ولاغرابة في ذلك، فمصر بموقعها الفريد و عبقرية المكان فيها و الإنسان ، إضافة إلى تجاورها مع منطقة الصراع الأشد في فلسطين والقدس تحديدًا، جعلت منها محطاً لأفكار الاستفادة منها أحيانًا ، أو إضعافها أحيانًا كثيرة.
ولاشك في أن وجود نظرية المؤامرة الآن، أمر يتضح للقاصي و الداني على محاور مختلفة ومتعددة في شرق البلاد وغربها ، وشمالها بعد جنوبها وبشكل متزامن في وقت واحد.
فما نفتأ ننهي استنزافًا للوطن من ناحية الشرق في سيناء الحبيبة من إرهاب مجرم و محترف، إلا وتشتعل جبهات مؤامراتية في الغرب و الشمال من تركيا وحلفائها ، و ما أن نجري تفاهمات مع مخاطر الجنوب في مسألة مصيرية للوطن مثل مياه النيل وسنوات ملء سد النهضة الأثيوبي ، إلاونجد خرقًا للإتفاقات بشكل تتضح فيه الأيدي التي تدفع باتجاه تأجيج الآخر ضد مصالح مصر في هذا السياق.
إلا أن وجود المؤامرات شيء يجب أن نتفهمه ونؤمن به ، فلقد كان و مازال و لن يزل ذلك المتربص الذي له مصالح تتعارض مع وجود دولة مصر بقوتها العسكرية و السياسية والناعمة وغيرها ، مما يدفعه إلى أن يؤلب كل "الممكن" ضد وطننا الحبيب طلبًا في إضعاف مصر الدولة والإدارة والشعب.
ونحن إذ نؤمن بوجود المؤامرة، لا يجب أن نهتز من وجودها أو نخشى منها على مصرنا ، أونسلم بأن الآخر هو الذي يدفعنا للضعف ونقف مكتوفي الأيدي أونستسلم للواقع، بل يجب حتمياً أن نتخذ كل السبل التي تواجه أي أعمال ضد مصرنا بكل الاستراتيجيات وكل الأدوات.
وإن من أهم الأدوات التي يجب أن نعمل عليه، هو التركيز على النسيج المجتمعي الداخلي الذي يجب أن يكون أقوى طرف في معادلة مواجهاتنا مع تلك المؤامرات التي لن تسكن أو تستكين، وأن نحدد كيفية استنهاض قوة هذا الشعب القوي بإرادته، وأن نرفع وعيه العام تجاه ما يجري حولنا من محاولات متتالية ، للوصول إلى إحباط أهداف تلك المؤامرات.
وأهم ما يمكن أن نرفع به قوة تلك الجبهة الداخلية للوطن هو أن نبتعد عن بث الإحباط و تصديره للناس، وأن نصدق في كل ما نعلنه من الحقائق التي تمت على أرض الواقع و هي كثيرة و تحتاج لإعلام صادق ينشرها.
إن شعبًا يعي بوضوح ما يجري حوله، عن طريق إعلام وطني مخلص ونخب تعمل للوطن وللأجيال القادمة، ويجدّ ويجتهد في مضمار العمل والإنتاج لصالح الوطن، لحريٌّ به أن يدحض أي مؤامرة، وأن يتغلب على كل مخاطرة يصدّرها لنا الآخر، أوالتي تأتينا من ردود فعل تمسنا بشكل غير مباشر.