حتمية التعاون العربي في مجال البحث العلمي في مواجهة إسرائيل
بقلم : د.محمد حجازي
يشكل التحدي العلمى والتكنولوجي أحد أهم التحديات التى تواجه المجتمع العربى فى ظل سباق التطور التكنولوجي السريع .
وخلال هذا المقال سنجيب على تساؤل حيوى ( هل يستطيع العرب هزيمة إسرائيل فى ظل التطور التكنولوجى المضطرد ) ؟
إذا كان الفارق بين التقدم والتخلف بوجه عام هو الفارق في القدرات البشرية والتكنولوجية، وأن التقدم يتحقق عندما يتمكن المجتمع المعني من توفير رأس مال بشري راقي النوعية وامتلاك التكنولوجيا المتطورة فإنه لا يمكن القول بحتمية هزيمة العرب أمام إسرائيل في هذا المضمار.
فهناك إنجازات للعرب في التاريخ الحديث تقوم علي حسن استغلال البشر والتكنولوجيا ومنها حرب أكتوبر 1973 ونجاح العراق في تطوير قدرات تكنولوجيا متطورة في المجال العسكري، غير أنه يعيب هذه النجاحات أنها تتحقق في صورة هبات غير متواصلة مما يعني قلة التراكم عبر الزمن وليس هناك من سبيل أمام العرب لصيانة أمنهم القومي المشترك إلا التعاون معا سواء في مؤسسات عربية فوق قطرية أو من خلال تبادل المعلومات والخبرات لتوفير المقومات الأساسية لتحقيق تقدم ملموس في المجال الاقتصادي والعمل في نفس الوقت من أجل تحقيق تقدم ملموس في نظم التعليم والبحث العلمي والعمل المشترك من أجل امتلاك التكنولوجيا الراقية.
إن التعاون العربي في مجال البحث العلمي والاستفادة من إنجازات الثورة العلمية والتكنولوجية المعاصرة يتطلب توافر الإرادة السياسية لدي النظم العربية الحاكمة والتي يتعين أن يتبلور ويتجسد في استراتيجية عربية متكاملة لمواجهة التحديات التي يتعرض لها الأمن القومي العربي حاليا وفي مقدمتها تحدي التقدم العلمي والعسكري الإسرائيلي وهناك الكثير مما يمكن عمله في إطار هذه الاستراتيجية تتضمن ما يلي :
ـ صياغة إطار سياسي ملزم لكل الدول العربية للتعاون الاقتصادي والعلمي والعسكري يقوم علي تشخيص سليم للمخاطر والتحديات التي تتهدد الأمن القومي العربى على الصعيد الداخلى وعلى الصعيد الخارجى بشقيه الاقليمى والدولى وضرورة العمل المشترك في مواجهتها.
ـ تطوير أشكال التعاون الاقتصادي وتنفيذ مشروعات مشتركة بالاستفادة من الثروات المادية والبشرية العربية المتنوعة في إطار عملية طويلة الأمد للتنمية التكاملية العربية.
ـ التخطيط لمشروعات عربية مشتركة ذات طابع استراتيجي في مجال البحث العلمي والتطوير التكنولوجي والبدء بمشروعات علي مستوي صغير تكون بمثابة (حضانات) لتفريخ جماعات من العلماء والمهندسين المتخصصين وذلك في مجالات حيوية مثل محطات الطاقة من المصادر المتجددة بصفة خاصة الشمس والرياح ومفاعلات البحوث النووية، الأقمار الصناعية ووسائل إطلاقها، التكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية.
ـ التفاعل بجدية مع ثورة المعلومات والاتصالات وما يتطلبه ذلك من تغيير جوهري في فلسفة التعليم بالوطن العربي لإعداد الإنسان العربي لاكتساب ملكات القدرة علي الابتكار والإبداع والاختراع وليس التقليد والحفظ.
ـ وضع مخطط عربي للنهوض بصناعة الإلكترونيات والحاسبات الالكترونية وتطبيقاتها المدنية والعسكرية.
ـ تطوير الصناعات العسكرية العربية فى كل قطر وفى إطار مؤسسات عربية مشتركة علي غرار الهيئة العربية للتصنيع بحيث تصبح الدول العربية منتجة لأنظمة التسليح الحديثة ووسائل حرب المعلومات وليست مستوردة لها فقط لكي تتمكن من الاشتراك في المعلومات الأمنية المبكرة، والقدرة علي امتلاك وإنتاج وتطوير قدرات أنظمة التسليح المهيأة لمواجهة انتشار أسلحة الدمار الشامل.
ـ الاستفادة من هذا كله في تطوير منظومة معاهدة الدفاع العربي المشترك بحيث تتوفر لها وسائل الإنذار المبكر والاستطلاع المبكر كالأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار( الطائرات المسيرة ).
ـ الحرص علي إتقان فنون الحرب الإلكترونية بالاستفادة من زيادة انكشاف المجتمعات المعتمدة علي التكنولوجيا الحديثة وما يترتب علي ذلك من إنشاء شبكات لإدارة قطاعات من المجتمع تترابط فيما بينها ويمكن شلها فى إسرائيل بتخريب النظم الالكترونية التي تديرها مثال ذلك قطاعات الكهرباء والاتصالات والمعلومات ونظم التسليح المتطورة.
وبقدر امتلاك المجتمع العربى لهذه المقومات مجتمعة سيكون بمقدور المجتمع العربى مواجهة إسرائيل بندية تقنية متكافئة.


















