حسن بخيت يكتب : لماذا الحزن؟
بقلم : حسن بخيت
الحزن هو ألم نفسي يوصف بالشعور بالبؤس والعجز ، وتأثير الحزن على الجسم البشري خطير، فتأثيره قد لا يصيب عضوًا بعينه فقط، بل ربما قد يمتد تأثير الحزن ليصل إلى باقي أعضاء الجسم، مما قد يؤثر بالسلب على حياة المرء بأكملها، ولأن الإنسان هش للغاية؛ فاختلال توازن عضو ما يؤثر على الجسم بأكمله، بل قد يصل إلى أعراض نفسية أخرى تؤدي بالمرء إلى العزلة، أو الإحباط ، أو الاكتئاب، وقد يودي الحزن الشديد بصاحبه الى اليأس من الحياة،بل ويجلب له الموت بسرعة وفجأة ودون مقدمات إذ يؤثر على الصحة العامة للإنسان ومن ثم يضعف مناعته ويرهق اعضائه لاسيما القلب دينامو الجسد كله وكذا الدماغ مما يؤدي إلى الوفاة..
كم من مرات سمعنا وقرأنا عن أشخاص شعروا بحزن نتيجة ظلم أو افتراء أو مشاجرة أو خلاف ، أو لأي سبب كان ثم ماتوا فجاة أثناء نومهم نتيجة توقف القلب .. فما بالنا بمن كان الظلم والخذلان وراء حزنه ومن ثم سببًا في وفاته..
والمتأمل في كتاب الله يجد أن القرآن الكريم لم يذكر فيه الحزن إلا ومسبوقًا بنهي كما في قوله تعالي "ولا تهنوا ولا تحزنوا " أو بنفي "فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون" ، ليتبين لنا أن الإسلام قد نهى عن الحزن ، وجعل حزن المسلم من أحب الأشياء إلي الشيطان ،فهو يدرك أن حزن المؤمن يقطعه عن سيره ويوقفه عن سلوكه .
ورسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم استعاذ من الحزن بالقول "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن "ولذلك فعلي المؤمن أن يطيع أمر ربه عبر الفرح والاستبشار والتفاؤل وإحسان الظن بالله والرضا في كل الأحوال .
سئل طبيب القلب العالمي الدكتور مجدي يعقوب عن أشد المخاطر على القلب فقال: "الحزن ، فمعظم مرضاي يكون سبب مرضهم الحزن، فهو يوجع القلب ويجعل جزءاً منه يضعف. هذا يؤثر عليه بحيث لا يعود يعمل كالمعتاد. القلب لا يعمل في حالة الحزن الشديد. وعندها يحتمل أن يتوقف تماماً ويموت الإنسان قبل أن تعود العضلة إلى وضعها الطبيعي. فالحزن وكسرة القلب ليسا مجرد شعور إنساني فقط بل فسيولوجي أيضاً".
والدكتور جمال شعبان أستاذ أمراض القلب ، والعميد السابق لمعهد القلب حذر من شدة الحزن في مناسبات عدة ومرات متتوالية ومنها حديث له على إحدى الفضائيات ، حيث أكد أن الحزن والمشاعر الموجعة يمكن جدًا أن تؤدي للوفاة ، وأن أخطر ما قد يؤذي عضلة القلب ويضعفها هو الحزن!.
إذن : فلماذ الحزن الشديد والمستمر ؟! ، ونحن نعيش على أرض أعدت للابتلاء والاختبار ولم يسلم منها حتى الأنبياء ، فالابتلاءات والمحن شدائد تحل على الانسان فى هذه الحياة ،وما من إنسان إلا ومر بشدة ، أو أصابته محنه.
فالأنبياء والصالحون أصابتهم الشدائد وجاءهم الفرج ، ولو تأملنا فى أحوال الأنبياء صلوات الله عليهم ، لوجدنا النجاة من الحزن، فهذا يوسف عليه السلام تداركته رحمة الله عز وجل، فأخرجته من ظلمة الجب ومن ضيق السجن الى سعة الملك وبسط العيش ، وهذا يعقوب عليه السلام تداركته رحمة الله بعد سنوات من الشدة ، ومفارقة الأولاد والأحباب وفقدان البصر ، فجمعه الله عز وجل بأولاده وأهله ورد اليه بصره ،وهذا يونس عليه السلام تداركته رحمة الله عز وجل وهو فى بطن الحوت المظلم . فاستجاب الله دعائه وخرج من بطن الحوت ..
وهذا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ، وسيرته وما فيها من شدائد وأهوال وكرب وهموم ، ونزل فرج الله وكرمه فى كل الشدائد .
يا صاحب الابتلاء : اعلم أن بعد الجوع شبع ، وبعد الظما ري ، وبعد السهر نوم ، وبعد المرض عافيه ، فاذا رايت الحبل يشتد ويشتد ، فاعلم أنه سوف ينقطع ، فمع الدمعة بسمة ، ومع الخوف أمن ، ومع الفزع سكينة ، فمن المحال دوام الحال ، ولعل الجميع يقرأ قول الله عز وجل " إن مع العسر يسرًا إن مع العسر يسرًا " كثيرًا ولكننا نشعر بأننا نقرأها لأول مرة.
فهذه الشدائد التى تصيب الإنسان فى حياته بشتى الصور هى مكروهة للنفس البشرية ، لكن تحمل فى داخلها فرج عظيم .
فيا من ابتليت فى الدنيا ، لا تحزن وهون على نفسك ، فمهما كانت شدة البلاء سيأتى الفرج من الله لا محالة .


















