رامي علم الدين يكتب : مبارك ليس جارك في الدور الرابع.
بقلم : رامي علم الدين
ليس مجرد رئيس انتهى فترة حكمه، فاضت روحه، ومات، مش شخصية عامة عادية، مش فنان أو لاعب كورة أو حتى سياسي عابر ، أو عسكري حارب وانتصر، لكي نترحم أو نطلق مقولتنا الشهيرة اذكروا محاسن موتاكم وانتهينا أو حتى نشتم ونلعن ونلقبه بالمسيح الدجال إرضاء للبعض.
مبارك رئيس قاد مصر محاربا، وحكمها رئيسا، ٦٢ عام في خدمة مصر ومصالحها في الداخل والخارج، قائد القوات الجوية، وصاحب الضربة الجوية الأولى في حرب ١٩٧٣، التي أعادت الأرض والكرامة، ونجح في استلام طيبة ورقع العلم المصري ١٩٨٢، تولى حكم ملايين من البشر من عام ١٩٨١ وحتى ٢٠١١ لمدة ٣٠ سنة، فصله في كتاب تاريخ مصر المعاصر عملاق ، مدته يمكن أطول مدة حكم لحاكم في آخر ٢٠٠ سنة، وربما لا تتكرر مرة أخرى، الحاكم الوحيد اللي حكمه بدأ بإغتيال وانتهى بثورة شعبية وشوفناه في قفص المحكمة وغصب عننا جميعا حارب لبلده وانصفه القضاء بالبراءة .
تحليل مبارك كحاكم ومدته وقراراته الآن مبنية فقط على انطباعات ومشاعر وانحياز لاتجاهات سياسية وقتية ، وللأسف فترة حكمه تحليلها هتبقى من رأى أجنبي أقل انحيازا من أي محلل مصري لأن أي محلل مصري كان يا إما عنده مشاعر شخصية له أو ضده،. ولن يكون منصف في تقييمه .
لكن لا مجال للشك، أن أي مؤيد أو معارض لمبارك لو عنده ذرة موضوعية يدرك من اللحظة الأولى أن كان في تجاوزات وجرائم حدثت في عهده، كان بقى حاكم إبن وقته وظرفه وفترته، كان له مبررات، كان أفضل من غيره مازالت فترة حكمه كانت خالية من الكثير من الجرائم، القانونية والسياسية والمالية والأخلاقية.
ولا مجال للشك أيضا ، إنه لم يكن بدموية طغاة آخرين ، وليس بخيانتهم وليس ببطشهم، لم يكن بن علي أو القذافي أو الأسد أو صدام أو فرانكو أو ستالين ولم يصفه أحدا يوما ما بالخائن أو العميل ، كان يمتلك قدر من المدنية والحنكة والإنسانية والوطنية ، وله بعض النقاط المضيئة في محاربة الإرهاب منذ واقعة ١٩٩٢ بالأقصر، وفي العلاقات الخارجية وبعض التحسنات الاقتصادية، وكان لديه وجه مقبول لدى العالم الخارجي من أقصى المشرق إلى أدنى المغرب، وكان زعيما عربيا له مواقف عربية نبيلة .
نعته بألقاب مطلقة، بالبطل أو السفاح، ليس كافيا ولا منصفا وتحمل مراهقة شديدة ، طغي عليها المشاعر أو الكيد السياسي فقط، والتعامل مع وفاته كإننا مشجعين فريقين كورة محتدين في آرائهم تجعلنا لا ندرك الدرس منذ ثلاثين عام .. وداعا أبو المصريين.. محمد حسني مبارك.


















