بلدتي الصغيرة
كتب : د.طارق عناني
الشيء الذي لا يمكنني أن أنساه خلال زيارتي لمدينتى هو الفجر المصري الفريد من نوعه، حين ترتفع أصوات المآذن إعلانًا لصلاة الفجر، وترتفع معها أصوات الطيور مُسَبِّحة بالخالق، لا مثيل لتلك الصلاة المفعمة بالرّهبة، وأنا أفتح عيني بعد نوم عميق في بيتى بمدينة الزقازيق دون أن أشعر بأي إزعاج يُذكر، فقد تسللت الأصوات إلى قلبي وكأنّها يد أمي الحنونة، انتابني خشوع لم أعش له مثيلًا منذ غادرت بلدتي الصغيرة مدينه الزقازيق سنة 1985، جمدت في فراشي أصغي للأصوات البديعة التي تمازجت بشكل يصعب وصفه، وشعرت أن روحي ترتفع إلى الأعلى.
كرّت دموعي دفعة واحدة، وفتحت إحدى النوافذ ، وامتلأت بتلك الأصوات، قبل أن أقلع في رحلة لم أفهم أهي رحلة عبر الزمن، أم أنها رحلة قام بها عقلي الباطن، لاسترجاع الزكريات الجميله التى بداخلى في لحظة يصعب وصفها، فهمت ما عاشه كل شخص لم يترك هذة المدينه وهي أجواء ما كنت لأعيشها لوأني بقيت فيه بقيه عمرى.
الأزقة البيضاء الضيقة، تعانق المارّة بمحبة زائدة، رائحة الأطعمة تنبعث من البيوت، ورائحة الخبز الطازج تنبعث من الأفران القريبة، وتفتح شهية الجائع والشبعان، عظمة المكان تنبثق من بساطته، غادرت الزقازيق وقد كان بودي أن أعانق المكان وأصحابه بشدة، دمعت عيناي وأنا أحلّق في سمائها، قاطع عهدًا على نفسي أن أعود.


















