الحياة في وادي الموت
ا. د. محمد المليجي تسمي الصحراء القاحلة في ولاية اريزونا جنوب الولايات المتحدة الأمريكية بوادي الموت لندرة المياة. قد تمطر السماء سيول في وقت ما ثم يغيب المطر لعامين. رغم هذا الجفاف تجد مجتمعات من نباتات الصبار مختلفة في الشكل والحجم تعيش في هذا الوادي في أمان. حول هذه المجتمعات توجد انواع شتي من الطيور والزواحف والحيوانات التى تأقلمت على العيش مع هذه الصبارات فتأكل ثمارها وتبني فيها عشوشها وتشرب الماء منها. والأكثر غرابة هو النحل الذي ينتج عسلًا في هذه الصحراء الجدباء. كيف حدث هذا واستمر خلال ملايين السنين وسيظل بامر الله الى نهاية العالم. السر في هذا هو ان نباتات الصبار صممت لتمتص الماء بشراهة عندما يتوفر لها وتختزنه في جسدها وتنفق منه بحرص شديد. كما انها تحصل على الماء من بخار الماء بالهواء وتكثفه لكي تشرب منه وتسقي المخلوقات حولها. ولكن كيف استطاعت فعل هذا؟ ١-…كل نباتات الصبار بأشكالها واحجامها المختلفة اتبعت نظام عجيب وهو ان تستغني عن الاوراق العادية وتحولها الى أشواك للحماية ولإصطياد الماء من الهواء. ٢- الأشواك لا تحتوي ثغور بالمرة ولا تقوم بعملية البناء الضوئى كما يجب وفي نفس الوقت تحولت السيقان بتراكيب عريضة تشبه الأوراق تقوم بالبناء الضوئي ولكنها تحتوي عدد قليل جدا من الثغور. ٣- الثغور على الساق تغوص في الانسجة وتكون مغطاة بخلايا إسفنجية تقلل من تبخر الماء. ٤- تغطي بشرة نباتات الصبار طبقة سميكة من الشمع تمنع التبخر من قشرة الصبار. ٥- بعض الصبارات تدفن نفسها في التربة لتقلل من التعرض للحرارة في غياب الماء لفترة طويلة (الصورة) بهذه الطريقة تستطيع نباتات الصبار ان تحتفظ بالماء لوقت طويل ولا تتعرض للجفاف مهما طال غياب المطر. ولكن كيف يحصل الصبار على الماء؟ ١- عندما تمطر السماء تنمو جذور الصبار خلال ٤٨ ساعة لعدة أمتار افقيا وقريبا من سطح التربة وتكون الطبقة الخارجية للجذور من الخلايا كالإسفنج الذي يمتص الماء بشراهة ويخزنه في انتفاخات في الجزر تشبه المخازن الاحتياطية (الصورة) ٢- عندما يطول غياب المطر تنمو جذور الصبارات الكبيرة رأسيا الى حوالى ست أمتار في التربة بحثا عن الماء. ٣- في الليل والصباح الباكر وخاصة في الصبارات الصغيرة القريبة من سطح التربة تنخفض درجة حرارة النبات عن الجو المحيط وخاصة الأشواك وتصبح كالثلاجة وتتكثف عليها قطرات ميكروسكوبية من بخار الماء الذي يتجمع بسرعة وتصبح الصبارات مغطاة بماء كماء المطر (الصورة)الذي ينزلق الى جذورها ويكون سبيل لشرب النحل والحشرات حتى تشرق الشمس ويختفى هذا النهر الذي تعرفه الحشرات والهوام وتتسابق عليه من الفجر للشرب حتى سطوع الشمس وارتفاع درجة الحرارة. بهذه الطريقة تعيش الصبارات وتحصل على الماء في الصحاري اينما وجدت معتمدة على تركيبها التشريحي وقدرتها على الحصول على الماء من التربة والهواء وسبحان الله الذي خلقها وهداها إلى ذلك
⇧


















