الروتين والفكر الجامد
بقلم : د.أحمد سماحة
لن أنسى تلك الزيارة التي قام بها جاك دريدا إلى القاهرة منذ أعوام وطلب فى محاضرة له بجامعة القاهرة ضرورة تحرر الجامعة والاهتمام بالجانب الفكري والبحثي اهتمامًا يقود إلى إفراز عقول مبدعة لاعقول مستهلكة مقلدة.
والتحرر الذي قصده (دريدا) هو تحرر من الروتين والفكر الجامد وثقافة التلقي دون فرز ، وهيمنة سلطة ووصاية الأساتذة الطامحين في إخراج نسخ كربونية (طبق الأصل) لأفكارهم ورؤاهم ، وكذلك تشجيع روح البحث العلمي بعيدًا عن القيود، لقد كانت الجامعات العربية فيما مضى معقل الفكر، انطلقت منها حركات التحرر الوطني ومناهضة الاستعمار، وانطلقت منها مشاعل النهضة الاجتماعية وبرزت من خلالها أسماء عديدة سواء في مصر أو السعودية أو العالم العربي.
فكيف أضحى موقعها الآن كحاضنات لتفريخ أجيال متشابهة الفكر خاوية المعرفة؟.. لا تكاد تجيد حتى لغتها العربية الفصحى ، وحتى لا نعود الى الدائرة الجهنمية التي تدور بالسؤال عبر محيطها ونقول من المسئول.. الجامعة أم المجتمع؟ علينا أن نعترف أولًا بأن جامعاتنا فى مأزق خطير قد يجر المجتمع بأكمله بعيدًا عن الإيقاع المتسارع فى العالم، فنحن نريد أن تضيق الهوة الحضارية حتى لا تتسع بالشكل الذي يجعل التقريب بين أطرافها أمرًا صعبا وربما مستحيلًا.
ربما تكون هذه مقدمة طويلة لقضية خطيرة صعدت إلى قمة اهتماماتي وأنا أقرأ عن مشاركات الجامعات اليهودية ببحوث عن العرب والإسلام فى المنتديات العالمية في ظل غياب الجامعات العربية عن العديد من هذه المنتديات.
ولأننا في حلبة صراع حقيقي أمام تيارات عدائية كثيرة لا نستطيع أن ننحي المقارنة جانبًا بين جامعاتنا وجامعات إسرائيل أو الغرب ، مقارنة تصيبك بالإحباط وربما تقودك إلى اليأس.
وقفة:
محاربة الفساد لاتقل أهمية عن محاربة الإرهاب..أتمني من قادة مصر الحبيبة الإهتمام بهذا الجانب لأن الأمر أضحي مؤلمًا وواضحًا.


















