السودان وأزمة سد النهضة
كتب : إياد رامي شخصياً لم أتفاجأ بموقف السودان "المتحفظ"على قرار وزراء الخارجية العرب، بدعم موقفي مِصر والسودان تجاه سد النهضة الإثيوبي، ومدة ملئ الخزان، ولم أتفاجأ بتصريح وزيرة خارجية السودان : "بناء سد النهضة يصب فى مصلحة السودان.. وأمطارنا تكفينا وإثيوبيا دولة صديقة ! حيث أن التوجهات الجديدة والمخطط للدول العربية وعلى رأسها" مصر" تسعي لفك إرتِباط السودان تدريجيا بالهوية العربية لصالح الهوية الإفريقية، تحت ذريعة تقديم المصالح السودانية المائية كانت أو الإقتصادية علي أي قيم وروابط عربية أو إسلامية. كان هذا التحول واضحًا من خلال إتخاذ الحكم الجديد قراراً بالوقوف على"الحِياد " فيما يتعلّق بالأخطار، التي يُشكلها سد النهضة الإثيوبي على مِصر والسودان دولتي المصَب والممر، ورفض التوقيع، مِثل مِصر بالأحرف الأُولى على الإتفاق النهائي في العاصمة الأمريكية "واشنطن"، وهو الموقف الذي صب في خدمة الرفض الإثيوبي لهذا الإتفاق ثم الإنسحاب . يُجادل الكثير من أهلنا في السودان بأن السد سيقدم خدمات لبلدهم و يجب أن يعطي الأولوية القُصوى لمصالحه وشعبه بعيدًا عن الشعارات “القديمة المُستَهلكة” حول الوحدة الإسلامية، أو القومية العربية، ويُوجِّه هؤلاء انتِقادات عديدة لمِصر تتمحور حول سيطرة القوّات المِصرية على مثلث حلايب وشلاتين المُتنازع عليه بين البلدين لتبرير السّياسات الجديدة. نرد عليهم بأن مشاكل السودان الإقتصادية لم تكن بسبب انتِمائه العربي أو الإسلامي، أو الخِلاف على مثلث حلايب مع مِصر، وإنما بسبب فساد حكوماته، واستِبداد الديكتاتوريات، وغِياب الحُكم الرشيد لعقود طويلة ، والأمّة العربيّة وقفت مع السودان في جميع أزماته، ودعمت مجهوده العسكريّ لمنع انفصال الجنوب وإقليم دارفور، واستوعبت أسواق العمل الخليجيّة ملايين السودانيين، ومن منطَلق الأخوّة العربيّة والإسلاميّة، وما زالت في مقدمتها مصر ، حكومة، وشعب، ومهما قدّمت إثيوبيا من خدمات فإنّها لن تُقدِّم أعشار ما قدّمه العرب للسودان. هروب الحكم الجديد في السودان إلى إثيوبيا ودولة الاحتلال الإسرائيلي لن يُؤدِّي إلى حلِّ مشاكل السودان الاقتصادية، مِصر تَقِف على حافة الحرب مع إثيوبيا للحِفاظ على حصتها المشروعة من مِياه النيل، الأمر الذي يحتم على جميع العرب والمسلمين الوقوف في خندقها. أشك في أي موقف دولي جاد قوي مساند لمصر علي العكس من ذلك يتم إستقبال رئيس وزراء أثيوبيا بكل حفاوة ويتلقي المليارات علي شكل قروض ومساعدات ومنهم من يساهم بتمويل بناء السد ولم نسمع تصريح من أي شقيق يدعم موقف مصر وحقها في تأمين مواردها المالية المستقبلية كون النيل أمن قومي وقضية وجود، موقف رخو الجميع، مجتمع دولي وعرب وأحباش. إنن مصر يجب أن تتخذ خطوات جادة لردع الآخرين، وإلا فلنتهيأ لمزيد من التطاول والتجاوز في حق "نهر النيل " وحصة الشعب المصري، وأود أن أشير إلى أن العالم والمجتمع الدولي بمنظماته التي لا تكف ليل نهار عن حق الإنسان في العيش الكريم، ودعاة حفظ الحقوق، ودعم مكتسبات وثروات الشعوب، عليهم مسؤلية تجاه أكثر من ٢٠٠ مليون إنسان عربي قد يدفعوا ثمن الحرمان في الحصول على المياه، والتعنت الإثيوبي الموجه، تجاه الجنس العربي، وقد يكون له انعكاسات سلبية على العالم بأكمله، وتدفع المنطقة إلى الجفاف والتصحر .
⇧


















