العلاقة بين التحكيم والتجارة الدولية
كتب : المستشار محمد علوان
التجارة الدولية عبارة عن تعاملات مالية تصل إلى المليارات بين الدول ونظرًا لسيادة كل دولة علي قوانينها الداخلية واختلاف التشريعات بين الدول المختلفة التي لكل منها ظروفها الاقتصادية وقوانينها المختلفة عن الأخرى كانت الحاجة إلى التحكيم الدولي التجاري لفض النزاعات التي قد تنشأ في أي معاملات للتجارة الدولية.
وقد صار التحكيم التجاري الدولي أهم طريقة يذهب إليها المتعاملين في التجارة الدولية لكي تحل النزاعات الناتجة عن تعاملاتهم حيث لا يكاد لا يوجد عقد من العقود التي تتصل بذاك النوع من التجارة يخلو من شرط يحال بمقتضاه كل الأطراف جميع النزاعات التي قد تحدث بينهم بخصوص تفسير أو تنفيذ العقد المبرم بينهم إلى قضاء التحكيم لكي يفصل فيها.
ولما كانت بداية هذا التحكيم قد ارتبطت أصلًا بنمو العلاقات الاقتصادية الدولية بين الدول بل والأفراد، فمن الطبيعي أن يصير في عصر الانفتاح الاقتصادي الذي نحياه من أهم المظاهر القانونية الحالية، إذ توسعت حدود التوجه إليه ليسجل في ذلك اتجاهًا متناميًا تجاه الإفلات من سلطة قضاء الدولة وسلطة القانون الذي تقره، إلى قضاء خاص يعينه أطراف النزاعات بأنفسهم، وإلى نظام قانوني تضع سماته الممارسات العملية، ويتوافق مع متطلبات التجارة التي يقومون بإدارتها.
وإذا كان قضاء التحكيم عبارة عن وسيلة لتحقق العدالة شأنه شأن قضاء الدولة، إلا أنه يختلف مع ذلك عن هذا الأخير في حدود التجارة الدولية بصفة مهمة وهي مقدرته على إنهاء النزاعات من خلال عمل حلول مستلهمة من واقع هذه التجارة، ومن خلال الاستعانة بما تمتلئ به من أعراف وتقاليد وعادات ومبادئ دولية طبقًا لمناهج تخدم مصلحة التجار، وتحقق لهم الأمان واليقين القانونيين في حدود مجتمعاتهم، فأصبح الطريقة المثالية لتداول الأنظمة القانونية التي تحكم عقود التجارة الدولية.
هذا ويجمع الكثير من الباحثين القانونيين على أن التحكيم التجاري الدولي قد أصبح بمكانة القضاء الطبيعي للنزاعات التي تثار في حدود عقود التجارة الدولية المعاصرة فقد صار في الوقت الحالي يتمتع بمكانة مميزة كطريقة لفض النزاعات المرتبطة بهذا النوع من العقود، وهذا يرجع إلى صفات عديدة مميزة يتسم بها التحكيم التجاري الدولي بالمقارنة بقضاء الدولة.
وأصبح في العصر الحالي القضاء الدولي والذي يملك ولاية مكانية غير محدودة علي عكس القضاء الوطني هو الوسيلة المثالية لجذب المستثمريين الدوليين في كل دول العالم .


















