رامي علم الدين يكتب : بلاد العم سام بين المطرقة والسندان

بقلم : رامي علم الدين 

قتل مواطن أسود بدم بارد! والسؤال هل تتجه الولايات المتحدة نحو الحرب الأهلية؟ رياح الغضب في أمريكا ليس من السهل التصدي لها ، أعمال الشغب لا تمثل ثورة حقيقية ، إلا أنها أحد مؤشرات تراجع النظام  ، البعض أطلق عليها "الربيع الأمريكي"، ولكنها تفتح المجال لحرب أهلية قادمة لا  غدًا أو بعد غد، وصراعات عرقية، قد تعود بأمريكا إلى الخلف، لصالح قوي عظمى صاعدة أخرى، وسط تراجع مؤشرات الإقتصاد، وانهيار أسعار النفط الصخري، وربما لن تكون البورصة هذا الإثنين ليست بمعزل عن نيران الغضب الأمريكي.

عجز الرئيس ترامب في إدارة الأزمات التي واجهته دون إستثناء واقعياً، 100 ألف قتيل نتيجة التعامل الخاطئ مع جائحة كورونا، 40 مليون عاطل عن العمل، علاقات متوترة مع الكونجرس ورئيسته "بيلوسي"، مشادات صحفية، وهجوم على رواد التكنولوجيا "جيتس"، وعلاقات دولية متوترة على أكثر من جبهة، خاصة فشله في التوسط في حل الأزمة الخليجية القطرية، ربما أرادوا الوصول لهذه النتيجة من التراجع كمقدمة لقيام نظام جديد. 

تدريجياً وبدون مبالغة .. المدرسة واحدة  .. مدرسةيحكمها غياب العدل ، إرهاب العدوِ واحد.. في فلسطين المحتلة والولايات المتحدة، ما بين العرق الأبيض والأسود في أمريكا ، صاحب الأرض المقدسة وبين التائهين في أرض رب موسى،  نفس العقلية .. نفس الأسلوب، نفس أسلوب التحفيز ضد الدين واللون، والحقد على البشر ، لاشك أن أفارقة أمريكا أصحاب الحق الأصيل في بناء أمريكا، وحملوا على عاتقهم عقود من الزمن لتصل إلى قيادة العالم، وتصبح أقوى دولة بالعالم، إلا أن مجهوداتهم ما زالت محل تجاهل واحتقار من قبل الأمريكيين البيض.

دولة الإحتلال الإسرائيلي تمارس نفس الأسلوب من التنكيل وسياسة الإقصاء على أرض فلسطين المحتلة، فلا إحترام لكبير ولا رحمة لصغير أو تقديس لدين ، أو شرف ، نفس الانتهاكات الوحشية التي تعيدنا إلى زمن الغابة ، وتنديس الأعراف والتقاليد والقانون الدولي، وانتهاك ميثاق حقوق الإنسان ، زمن القتل المجاني تحت راية احترام القانون، أى قانون؟ وأي حق لقتل الأبرياء بالمجان؟

كان يمكن أن أكون أنا، كان يمكن أن يكون أنت عزيزي القاريء.. واقعة تؤرخ عنصرية الأمريكي الأبيض القادم من أوروبا ضد الجنس الآخر من الهنود الحمر والسود الأفارقة ، وتنسف معاني الحرية والمواطنة، لطالما رفعت أمريكا  شعارات تنادي بالعدالة والمساواة والحرية، شعار الغاضبين في "مينابوليس" إحتجاجًا على قتل المواطن الأسود"جورج فلويد" إختناقًا تحت أقدام شرطي أبيض أقل مايوصف بالتصرف الغير مسؤول، لم يرحم أو يفهم أن وظيفته تنفيذ القانون، وليس إنهاء حياة الأبرياء، لقد كان المشهد صادمًا، حكايات تروي حقد البيض على الأفارقة الأمريكان ، أصحاب الوطن والأرض، لقد نسي الشرطي أن وظيفته ليست قتل الناس أوتعذيبهم، لم يرحم توسلات الضحية، الشعوب الحرة لاتقبل بالظلم لأنهم يدركون أن الضحية التالية ربما يكون هو أو ابنه أو أحد أقاربه، السلام والعدالة وجهان لعملة واحدة، الإحتجاجات تعم مينابوليس وتتحول لتدمير كل شئ، وانتقلت إلى العديد من الولايات الأمريكية آخرها نيويورك العاصمة الاقتصادية لأمريكا في وقت يعاني فيه الاقتصاد العالمي والأمريكي من جائحة كورونا. 

‏من المفارقات الغريبة في أحداث أمريكا أن صاحب البقالة الذي إتصل بالشرطة متشكك بالـ20 دولار التي دفعها ⁧‫الأسود "فلويد" له والتي تبين لاحقًا أنها ورقة أصلية وليست مزيفة كما إدعى صاحب البقالة ويدعى محمود أبو ميّالة‬⁩.

لاشك أن من ذاقوا طعم حرية الرأي وعاشوا في مناخ حق التعبير ونهلوا من ينابيع الثقافة والمعرفة مستحيل أن يرضوا بالاستبداد، وانتهاك حياة البشر، ولا أظن أن واقعة "جورج فلويد" ستمر بسهولة وسيكون لها تبعاتها القاسية على الباحثين عن حقوق الإنسان، العالم لن ينسى، والتاريخ لا يرحم .
وحتى يحين ذلك .. وداعاً يا صديقي فلويد " إني أختنق ..لا أستطيع التنفس " شعار لنهاية مرحلة.