حسن بخيت يكتب : "الاختلاف في الرأي يفسد الود كله"
علاء سحلول المصريين بالخارجبقلم : حسن بخيت
قد يكون العنوان صادم ويتنافى مع المقولة الشهيرة " الاختلاف في الرأى لا يفسد للود قضية" لكن للأسف أصبحت عبارة "إن لم تكن معي ـ فأنت ضدى" ...وللأسف أصبح هذا المبدا منطق التعامل مع معظم أفراد المجتمع ، ومبدأ لغالبية من نتعامل معهم ، فما إن يقع اختلاف بين شخصين في الرأى في قضية ما، وربما تكون قضية بسيطة ،واختلاف غير حيوي ، إلا بدأ كل منهم يعد من في صفه ومن ليس معه فهو ضده ، وتتعالى الأصوات وتنطلق الصيحات والتهم فمن يخالفنا في الرأي فهو عدونا ،، من ليس معنا فإنه ضدنا ،، من لا يؤيد رأينا نقيم عليه الحد ، من لا يدعم فكرتنا فليس منا ، ومن يرد علينا بالرفض نعلن عليه الحرب ،، ومن يبدي رأيه بما لا يتطابق معنا نجرحه بأشد العبارات بشاعة وأخطر التهم بهتاًنا وظلمًا !
بالتأكيد : لن نتفق في كل النقاط وسيقع بيننا اختلاف في أقوالنا وأفكارنا لا محالة ، بل ربما يقع اختلاف بين الابن وأبيه ،وبين الأخ وأخيه وبين الزوجة وزوجها ، أو بين الشخص وصديقه .. الخ ،، فالاختلاف وارد وواقع لا محالة بين بني البشر ،، لاننا مختلفون في الفكر والرؤية وفي تحليل الموقف، لكن لا يعني هذا إعلان العداوة أوالكراهية أوالمحاربة أوالتشاحن والخصام ، ولا يلزم من كوني لست معك أني ضدك ! لأننى لن أكون معك دائما وأنا متأكد من أنك لن تكون معي دائمًا إلا في حالتين أن أحدنا لا يخطيء أبدًا وهذا غير ممكن أو أن أحدنا إمعة يسير خلف غيره دائما ، وكونى اتوافق معك في كثير من الأحيان ،،فهذا ليس دليل محبتى لك أو تأييدى لفكرك ، كما أن الاختلاف معك ليس دليل عداوتى لك.
عندما نتابع ما يحدث على مواقع التواصل الإجتماعي ، نكاد نصاب بالإحباط مما وصلنا إليه، ونحن نعيش في أوقات لم نعد نحتمل فيها بَعضنا بعضا. لا نريد أن نسمع إلا ما يمليه علينا عقلنا، خطأ كان أم صوابًا، ولا نحتمل أي مخالفة للرأي. ومن ثم، تسيطر علينا ثقافة الكراهية، ورفض الآخر رفضًا قاطعًا ، ولا نتملك سوى العويل والصياح والشتائم ، وحولنا مواقع التواصل الاجتماعي بدلا من أن تكون منصة حرة لتبادل الآراء؛ بوابة تعلمنا كيف يكون الحوار والاختلاف؛ نافذة تؤكد على مفهوم قبول الغير؛ مكانًا لتعزيز الأفكار وإثراء المحتوى. لكن للأسف أصبحت تلك المواقع أداة تعكس ثقافة المجتمع غير المعتاد على الحوار، ومن ثم بوابة للخلاف والكراهية، والطعن بأعراض الناس، والابتعاد عن الأخلاق والضوابط المجتمعية، والتشهير بالآخرين ، وتوجيه التهم الباطلة ، ورفعنا شعار ، أن لم تكون معي في الرأي فأنت ضدي في كل شيء.
تلك هي مشكلتنا الحقيقية التى نعاني منها ، لأننا لا نمتلك ثقافة الاختلاف الذي لا يفسد للود قضية، ونملك بدلا منها فن التجريح بأبشع الكلمات وأقساها؛ فن الاتهامات بأفظع التهم ،فن الإهانة ورفض تقبل الاختلاف.
حفظنا الله وإياكم من كل سوء ومكروه ،، ونسأله - سبحانه- أن يرفع عنا البلاء والوباء ، وأن يجمعنا على الحق ..( لا إلاه إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ).