العلاقات العامة...السلاح الناعم لإعادة بناء الشركات
بقلم : د.محمد بدير الجلب ـ رئيس المجلس العربي للعلاقات العامة
في ظل ظروف تنافسية شديدة التعقيد، ومع تداعيات أزمة كورونا التي ضربت اقتصاديات الدول الكبرى والصغرى ، وهزت بعنف الشركات الكبرى والصغرى، ومع ظاهرة عدم اليقين فيما يحمله المستقبل من تداعيات، أصبحت الكثير من الافكار التقليدية في الادارة تحتاج هي الأخرى الى هزات عنيفة لا تقل عن الهزات التي أحدثتها هذه الجائحة. وبرغم أن كثيرًا من الشركات والمؤسسات والهيئات تعرضت لهزات تهدد بقائها أو وجودها ، إلا أن الشركات التي تتمتع بسمعة وصورة ذهنية جيدة لدى عملائها سوف تكون قدرتها على البقاء ومواجهة هذه الجائحة كبيرة، وستكون إمكانيات استعادة مكانتها وحصتها من السوق أسرع. وفوق كل ذلك سوف تستطيع أن تتغلب على الأزمات التي نشأت أثر جائحة كورونا.
ولو بحثنا عن الشيء الذي يجعل مثل هذه الشركات قادرة على البقاء والعودة لوجدنا أن العلاقات العامة هي أهم وأبرز الاسباب، فهذه الشركات كانت تتمتع بإدارة علاقات عامة قوية نجحت في بناء سمعة طيبة لها على مستوى الرأي العام ومع مختلف طوائف عملائها، ونجحت في بناء حائط متين من الولاء بين هذه الشركات وبين الجماهير التي تتعامل معها. فالسمعة الطيبة والصورة الذهنية الايجابية والولاء كلها أعمدة قوية تينى عليها الشركات بقاؤها وقوتها، وقدرتها على مواجهة الأزمات والمصاعب والكوارث. وهذه الأشياء البراقة لا تأتي من مجرد عمليات تشغيلية وإدارة الآلات والماكينات ولكنها تأتي بإدارة ذكية للعلاقات مع العملاء وفهم متبادل واعي وبناء قنوات اتصال قوية بين الشركات وعملائها. وكل ذلك لا يأتي نتاج عمل عشوائي، غير مخطط ، ولا يأتي نتاج إدارة قديمة تتبع الاساليب القديمة في العمل، ولكنها هي نتاج إدارة حديثة تضع العلاقات مع العملاء والجماهير في المقدمة، وتضع الرأي العام في مرتبة لا تقل اهمية عن العلاقات مع الانتاج والتشغيل.
ولم تعد الشركات ولا المشاريع تدار فقط بحجم رؤوس الأموال، ولا بحجم قوتها السوقية، ولكن تدار كذلك بالعقلية التي تدير المنظومة والتي تؤمن بقوة الاتصال وتأثيراته الواسعة والترابط الاجتماعي مع العملاء والبيئة والجماهير، وقوة الانتماء والولاء. وكل هذه الأدوات والأسلحة الناعمة هي أدوات لا يملك مفاتيحها غير إدارة العلاقات العامة، التي تستطيع أن تدير وتؤسس السمعة وتحافظ عليها، وتستطيع أن تعيد للشركات والهيئات مكانتها بعد جائحة "كورونا"، وتستطيع ان تبني حائط الولاء الوظيفي مع الموظفين وحائط الولاء التجاري مع العملاء، وحائط الولاء المجتمعي مع البيئة المحيطة بالشركة، والتي تستطيع أن تؤسس لعلاقات مستدامة مع العملاء ومختلف الجماهير.
