صراع في الوادي...من الظالم ومن المظلوم؟
بقلم : مصطفى كمال الأمير
منذ بدء خلق البشرية ووجود الإنسان علي الأرض بعد هبوط آبائنا آدم وحوَاء من الجنة بعد أكلهم من التفاحة المحرمة وعصيانهم لله، فإن الانسان في حالة صراع دائم مع نفسه وجهله وأيضًا مع احتياجاته من الأرض التي فيها مأكله بالصيد برًا وجوًا للطيور وبحرًا للأسماك ومشربه الماء من الأمطار والأنهار وعصرًا للفواكه والخضر من الزراعة، ومن باطنها تخرج المعادن والثروات الهائلة من الذهب والألماس والغاز والبترول الذي تقاتل بسببه الملايين وضاعت الأوطان والبلاد العربية.
ومن الأرض أيضًا يصنع الإنسان سلاحه للدفاع عن نفسه ويبني عليها داره وسكنه للحماية من البرد والحرارةوفيها يقتل ويقتل وفي النهاية الحتمية يدفن فيها مستسلمًا لقدره في حياة البرزخ ليحاسب أمام الله إن كان ظالمًا أو مظلومًا، ولنسأل أنفسنا سؤال أيهما نحن؟الظالم أم المظلوم.. انتظر لحظة لاتتسرع في الإجابة.. فنحن ندعي أننا ضحايا ولكن الحقيقة المؤكدة هي غير ذلك، فنحن جميعًا جناة وضحايا في نفس الوقتل أن النسبية تحكم حياتنا فكل شيء في حياتنا نسبي إلا الله عز وجل سبحانه هو المطلق الوحيد الدائم وغيره متغير كالصحة والمرض الغني والفقر العلم والجهل القوة والضعف الشباب والشيخوخة الي آخره.
وهناك حكمة مأثورة تقول أن الأنسان يحفر قبره إما بأسنانه أو بلسانه أما الأولي فأنه كلما كان شرِهَا لما لذ وطاب من طعام أو شراب فأنه يستعجل قدره لأن المَعِدة بيت الداء ولذا علمنا سيدنا محمد (ص) نحن قوم لا نأكل حتي نجوع وإذا أكلنا لانشبع بما يعني أننا نأكل لنعيش ولانعيش لنأكل، أما اللسان فهو أصل البلاء للإنسان خصوصًا عندما يكون جاهلًا أو مدعي للعلم، فاللسان هو أصغر عضلات الجسم لكنه أكثرها ااستهلاكًا في الحديث والكلام به يبدأ الإيمان بنطق شهادة التوحيد، وبه أيضًا يكون الكفر والخوض في الدين وأعراض الناس في الدنيا والابتلاء بلغو الحديث ولهو العمل وبه اكل الحقوق والتهلكة والكذب، كما أن به أيضاً النجاة والسلامة.
نعود الي كوكب الأرض فأنني وبكل تواضع أري أن وجود الحيوان النبيل وهو الحصان القوي الأكل للعشب وليس وحشًا بريًا من أكله اللحوم وتسخير الله له لبني آدم، كان عاملًا أساسيًا في قيام وسقوط حضارات وحروب كثيرة مات فيها الملايين من بني البشر وأيضًا من بني الحصان ولما وجدت طبقة النبلاء والفرسان من الأساس فالخير معقود في نواصي الخيل إلي يوم القيامة وعلموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل قول الفاروق عمر رضي الله عنه، وربما كان سيتغير وجه العالم وكان سيتوقف النمو والتطور الحضاري.
ولما كانت ثورة الإتصالات الرقمية بعد ثورة البخار واكتشاف توماس أديسون للكهرباء ثم اختراع السيارات والطائرات وربما بقينا نتخبط في البوادي، فمن رحمة الله بالناس ضبط مناخ ملائم للحياة في درجات حرارة مناسبة 50+أوحتي 50- مع اتختلاف الفصول والقرارات، وإلا كان موت وفناء الإنسان أمرًا محتومًا سواء من العطش وشدة الحرارة أو من الجوع متجمدًا في جليد القطبين شمالاً وجنوباً.
ومن اسماء الله الحسنى العدل، الله سبحانه حرم الظلم علي نفسه وجعله بين الناس محرماً، أذن علينا أن نكون أوفياء وأذكياء وغير ناكرين للجميل في تعاملنا مع الأرض، وأن لا نسرف في الجحود والغرور القاتل، وأن لانتحدي الطبيعة أو أمنا الأرض أو الشمس بدفئها ونورها والقمر وضياءه في تحديد الأهلة للشهور القمرية، وأن يعود الإنسان أنسانًا يعمر الأرض ولا يخربها او يفسد فيها كما قالت الملائكة لله عند خلقه للانسان، من أسوأ انواع الظلم هو أن يظلم الإنسان نفسه وهو ما فعله العرب والمسلمين في زماننا هذا.
ومن المعلوم أن ضريبة الركاز في الأسلام هي الخمس أي 20% من كل ماتحويه الأرض من الذهب والمعادن والنفط والغاز وغيره، وهو مايعني أننا أهدرنا مواردنا وثرواتنا كالسفهاء، فعلي سبيل المثال إنتاج السعودية من النفط وحدها يوميا أكتر من 13مليون×100 دولار=13 مليار%5= 2.5×365 يوم= تريليون (ألف مليار)دولار سنويا غير دول الخليج والدول الأسلامية و بقية البلاد الأخري وهي غنية جداً بالموارد الطبيعية.
وهذه بينة وحجة علينا أمام الله للتفريط في مسؤلياتنا وواجباتنا دينا ودنيا فهذه الأموال أكتر من كافية، إذا أتحدنا وملكنا قرارنا لجعل العالم العربي يتخلص تمامًا من الفقر والجهل والمرض والبوس، وأن نكون أكبر قوة عظمي بالتاريخ والجغرافيا في قلب العالم لفرض أحترامنا علي العالم الجديد بعد أن كنا أسياد العالم القديم ثقافيًا وحضاريًا وسياسيًا، فأصبحنا الآن نعامل كالأيتام عل مائدة اللئام، كما أن الحيوانات المفترسة المتوحشة في الغابة لم تفعل مافعله الإنسان ( العاقل الوحيد في هذا الكون )الذي قتل الملايين من بني آدم في حروب عبثية لأسباب مختلفة منها الدينية والسياسية والمذهبية، بما يعني أن خطورة الحيوان تظهر أنيابه عندما يجوع لكن خطورة الانسان فإنها تظهر أنيابه عندما يشبع !!!
الصراع بين الانسان والأرض ينتهي دائماً لصالحها عندما تبتلعه وتأكل جسده وعظامه بعدما يموت الظلم ظلمات لهذا نشعر بالعتمة والظلام رغم اضاءة الأنوار من حولنا، كما إن المظلوم اليوم يكون هو الظالم غداً والعكس صحيح ، كما رأينا ذلك من يهود إسرائيل الذين ظلموا في أوروبا لكنهم ظلموا بعدها العرب في آسيا وإفريقيا ، كذلك تنظيم الإخوان الذين يدعون المظلومية دائماً لكنهم ظلموا لما حكموا في مصر وغيرها.
يوجد مقام سيدي المظلوم في حي الشرابية بمدينة القاهرة، لكن لم يوجد بعد مقام سيدي الظالم رغم كثرة الظالمين، هنا السؤال الكبير اذا كنّا جميعاً ضحايا مظلومين فمن هو الظالم إذن؟ إن الله لا يظلم الناس شيئًا لكن الناس أنفسهم يظلمون.


















