عطر مدريد
بقلم / رانيا الشاعر
مدينة متغيرة يدوي فيها صمت حزين وأكثر هدوءً.
أمام بيتي يوجد مبنى تحيطه أسوار قصيرة، وهو ما يتيح لي التطلع إلى السماء في ليالي الربيع العاصفة والصيف الحارة ورؤية جزء من المنطقة المحيطة. ومؤخراً استمتع أيضاً بغناء طيور تعيش على سطح المنبى المقابل وتأكل من ثمار أشجاره.
بعد أكثر من شهرين في المنزل مع الخروج الاضطراري فقط من أجل التسوق عدت لاستكشاف مدريد من جديد. التنزه في شوارعها كان أحد الأشياء الأولى التي أردت القيام بها عندما ندخل في مرحلة الأولى بعد من الحظر الإجباري: التخلص من غبار الحبس والاستمتاع بالطرق مع الرياح الهادئة في غياب حركة المرور وتنفس الهواء النظيف.
على الرغم من أنني أعرف الكثير من الأماكن جيداً إلا أنه انتابني شعور غريب أني أراها لأول مرة وفي نفس الوقت اجتاحت رأسي الكثير من الذكريات وتذكرت أسرار الماضي ولكن تركتها خلفي كي لا أفتح صندوق الذكريات الذي يحزنني والرجوع إلى الأشياء التي لا يمكن وضع نقطة نهاية لها. وتمشيت في أحدى شوارعي المفضلة على ضفتي نهر مانثاناريس ربما لأنني اكتشفته في واحدة من أكثر لحظات حنيني منذ فترة طويلة، مررت بمنزل عشت فيه منذ خمس سنوات. شممت مجدداً تلك الرائحة الخضراء للحدائق.
كانت رحلتي الأولى ولم أكن أفكر في الخرائط أو الاتجاهات، فقط في حرية الخروج مرة أخرى والاستمتاع بها ... مدريد مدينة تبهرني.


















