×
15 جمادى آخر 1447
5 ديسمبر 2025
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي

مذكرات مهاجر مجهول (13)

مذكرات  مهاجر مجهول (13)
مذكرات مهاجر مجهول (13)

كتب/د.أشرف يعقوب

و في أواخر اكتوبر ١٩٩١ نزلنا الى مصر  الحبيبة. كنت قد غبت عنها حوالي عشرة اشهر و لكني احسست بهم و كأنهم عشرة اعوام.
ذهبنا الى مصر مع ٢ من الاصدقاء، اخ و اخت، ماركو و زينايدا ، الاول يعمل كمرمم للاثاث القديم و الاخرى كممرضة غرف عمليات. كانا من الطف و ارق الشخصيات التي قابلتها في حياتي. 
و بعد زيارة الاهل و الاحباب زرنا القاهرة ثم ذهبنا الي شرم الشيخ بالاتوبيس. و من الحر  مرض ماركو بضربة شمس و ارتفعت حرارته الى ما فوق الاربعين و حجزته في غرفة الفندق و وضعت اكياس من الثلج حول رقبته و على اسفل بطنه و سلطت عليه مروحيتان و اجبرته على شرب لترات من الماء البارد. 
و شفي بعد يومين لستر ربنا، و لكن هذا لم يمنعه من تحقيق هدفه. 
كان ماركو شغوفا بالمرمر و المرمر المصري بالذات . و كان يستخدمه في ترميم الاثاثات الاثرية التي كان يشتريها من المزادات و يرممها ثم يبيعها بمبالغ كبيرة. كان ماهراً جداً رغم صغر سنه آن ذاك و كان فنانا تشكيليا على حق. 
كان قد قرأ عن نوع من المرمر الموجود بقلة في العالم كله و سمع انه موجود في مصر. و كان اسم هذا النوع من المرمر "البورفيدو" ، و هو من اغلى انواع المرمر و اشدها صلابة.  و سألت بعض بائعي المرمر و الاثاثات عنه فلم يعرفه او يسمع  به أحد في القاهرة.
و تصادف ان كان لدى ابى فى مكتبته المساحية ، و هو مهندس مساحة اصلا، كتابا لمحقق انجليزي عن الخرائط المساحية للصحراء الشرقية المصرية، و كنت اذكر انني وجدت فيه شئ عن المرمر عندما كنت اتصفحه و انا صغير. 
و بحثنا فيه عن البورفيدو، و فعلا وجدناه في مكان محدد بدقة على احدى الخرائط المساحية. و اصر ماركو ان يذهب الى هذا المكان ، فشرحت له ان هذا المكان لا يمكن الوصول اليه الا مع واحد دليل من ادلة المنطقة نفسها. فقال نروح المنطقة و نسأل ، و المكان كان بالقرب من سفاجا.
رفضنا رفضا قاطعاً فكرة ماركو في الذهاب الى سفاجا و فضلنا الذهاب الى شرم الشيخ، فجاء معنا من غير نفس، و لكنه اضمر في نفسه امراً.
و بعد ان شفي قال لنا انه يريد ان يذهب الى سفاجا من شرم الشيخ بطريق البحر ، فقلنا له لن نذهب لاننا لنا ارتباطات مع الاهل في القاهرة ، و لكنه اصر و قالت اخته انها ستذهب معه. 
و لا ادري من اين اتت له هذه الشجاعة و هو الشاب الرقيق الفنان الهزيل الجسم و الذي لم يخرج من بلده الا مرة واحدة ذهب فيها إلى باريس في فرنسا ( و ليست باريس مصر التي هي في الصحراء الغربية). 
المهم قررت الا اساعده و اغضبني اصراره علي الذهاب حتى من دون مساعدتي. و فعلا ذهب هو و اخته وحدهما الى ميناء شرم الشيخ و وجدوا فعلا مركب صغير يذهب الى سفاجا فأخذوه. 
و حكوا لنا فيما بعد ان رحلة القارب في اعالي البحر الاحمر كانت مرعبة، و البحر ثائر للغاية و أمواجه كالجبال، و انهم ايقنوا انهما ميتان غرقاً لا محالة خاصة انهما تقيئا بعنف شديد طوال الرحلة التي استمرت ثمان ساعات طوال. 
و وصلا اخيراً و ذهبا الى احد الفنادق الذي طلب لهما طبيبا عالجهما من دوار البحر و الجفاف بادوية و بمحاليل و خلافه لمدة ثلاثة ايام و لم يردا الاتصال بنا حتى لا "نشمت" فيهما. 
المهم بعد تحسن احوالهما نجحا في التعرف عن طريق موظفي الفندق على دليل يعرف هذا المكان، و كان ماركو قد رسم خريطة المكان الموجودة في كتاب ابي بدقة و حملها معه مما يدل على سوء نيته من البداية. 
المهم وصلا للمكان بعربة جيب، ثم مشياً على الاقدام، حتى وجدا البورفيدو ، و لم يكن قطعا صغيرة متبعثرة فوق الرمال بل كان جبلا هائلا من البورفيدو الاحمر ، اغلى انواع المرمر في العالم.  
 قرر ان يأخذ عينه منه و فعلا نجح ماركو في اقتلاع قطعة من الجبل الثمين ، و حملاها رغم ثقلها عائدين الى القاهرة ، و عندما رأيتها تعجبت من ان هذا المرمر و جبله غير معروفين للعامة في مصر. كانت قطعة رائعة من المرمر الاحمر الجميل الشكل و الملمس. كانت مثل كنز صغير بالنسبة له فقد قال انه سوف يستخدمها في ترصيع قطع من الاثاث النادر رغم انه سيبذل مجهودا كبيرا في تقطيعها لان هذا النوع من المرمر شديد الصلابة. 
و اتفقنا ان نبحث عمن يهمه و يمكنه الاستفادة من هذا الجبل بعد ابلاغ السلطات و عمل الاجراءات اللازمة. و فعلا وجدنا شركة لا اذكر اسمها الآن و كلمنا صاحبها فقال، و يال العجب، ان امه ايطالية و يتكلم الايطالي بطلاقة، فقلت في نفسي  "الواد ماركو ده فيه شئ لله". و تركتهما معا على التليفون و تواعدا بالاتصال ببعضهما لانه كان علينا السفر في اليوم التالي عودةً الى ايطاليا. و حمل ماركو قطعة الرخام في حقيبته بعد ان افرغ الحقيبة من كل الاشياء الاخرى. 
و لا ادري ماذا فعلا بعد ذلك، ماركو و صاحب الشركة المصرية. و كان ماركو قد دخل في موضوع زواجه و لم ارد ان ازعجه ، ثم بعد ذلك انشغلت انا باشياء اخرى كثيرة و نسيت هذا الموضوع من اصله. 
و لكني الآن اتساءل ماذا حدث لجبل البورفيدو، هل بقي على حاله و لم يستفد منه احد على رغم قيمته التي تساوي ملايين الملايين
من الدولارات؟
و كم هي الكنوز في مصر  التي لا نعرف شيئا؟  
 و عندما كان ماركو و اخته تائهين بين امواج البحر الاحمر و دروب الصحراء الشرقية كنت قد ذهبت للقنصلية الايطالية في القاهرة لعمل المستندات اللازمة لتقديم طلبي للحصول علي الجنسية الإيطالية. و وجدت زحام غير عادي من مصريين يريدون استكمال أوراقهم في القنصلية. و وقفت في الطابور ولكني ادركت انني لن احقق شيئا هكذا في هذا اليوم. فذهبت الى كشك به تليفون و كلمت سيدة مصرية ، زوجها ايطالي، كانت تعرفني من ايام عملي في المستشفى الايطالي. و اخبرتها بحاجتي للدخول لعمل اوراقي فقالت لي عد غدا الساعة العاشرة و سأنتظرك و ادخلك من باب دخول الايطاليين و الموظفين. و حدث ذلك بالفعل و كانت السيدة لطيفة جدا معي.
قالت لي اذهب الى موظفة هناك و لنسميها "أنجلا". 
و ذهبت كما شرح لي لمكتب أنجلا الموجود في غرفة لها وحدها فوجدته فارغا. و انتظرتها على باب الغرفة و بعد حوالي نصف ساعة رأيتها تأتي من نهاية الطرقة،  و عرفتها. 
و قد كان لي معها سابقا قصة.

استطلاع الرأي

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,566 شراء 3,589
عيار 22 بيع 3,269 شراء 3,290
عيار 21 بيع 3,120 شراء 3,140
عيار 18 بيع 2,674 شراء 2,691
الاونصة بيع 110,894 شراء 111,605
الجنيه الذهب بيع 24,960 شراء 25,120
الكيلو بيع 3,565,714 شراء 3,588,571
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الجمعة 10:13 مـ
15 جمادى آخر 1447 هـ 05 ديسمبر 2025 م
مصر
الفجر 05:04
الشروق 06:36
الظهر 11:45
العصر 14:36
المغرب 16:55
العشاء 18:17