في استراحة الجمعة محسن طاحون يكتب عن : العفو والتسامح
كتب : محسن طاحون
التسامح من أسمى الصفات التي أمرنا بها الله عزّ وجلّ ورسولنا الكريم، فالتسامح هوالعفوعند المقدرة والتجاوز عن أخطاء الآخرين ووضع الأعذار لهم، والنظر إلى مزاياهم وحسناتهم بدلاً من التركيز على عيوبهم وأخطائهم، والتسامح هو مرتبة أخلاقيّة سامية إذا وصلها الإنسان استطاع أن يتصالح مع نفسه ومع من حوله حتى ممن أساؤوا إليه.
وأعلى مراتب التسامح هي تلك التي تقترن بالعفوعند المقدرة أي أن يكون الإنسان قادرًا على رد الإساءة بمثلها ولكنه يؤثر المسامحة والصفح والعفوطمعًا في الأجر العظيم من الله تعالى.فالحياة قصيرة تمضي دون توقف فلا داعي لنحمل الكُره والحقد بداخلنا بل علينا أن نملأها حب وتسامح وأمل حتى نكون مطمئنين مرتاحوالبال، وهو يقرب الناس لنا ويمنحنا حبهم.
العفو من أعظم الصفات التي يتحلى بها المسلم، وقد وصف الله نفسه بالعفووأمر عباده أن يتصفوا به، قال تعالى : ” خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ” ( الأعراف: 199 ) .
فخذ العفو دخل فيه صلة القاطعين ، والعفوعن المذنبين ، والرفق بالمؤمنين والامر بالعُرْفِ يدخل فيها صلة الأرحام ، وتقوى الله في الحلال والحرام ، وغض الأبصار ، والاستعداد لدار القرار .الاعراض عن الجاهلين يتم بالاعراض عن أهل الظلم ، والتنزه عن منازعة السفهاء ، ومساواة الجهلة الأغبياء .
إن مرتبة العفولا يصل إليها إلا من جرد نفسه لله، وجاهد نفسه، وكظم غيظه .فلا تكن صلبا مع الآخرين فتكسر، ولا لينا فتعصر، ولكن كن مرنا معتدلا عفوا متسامحا .
يحكى أن أحد الأمراء قبض على مجموعة من الأسرى، ولما أراد أن يقتلهم نظر إليه أحد الأسرى، وطلب منه أن يطعمهم ويسقيهم قبل أن يقتلهم، فأحضر لهم الأمير الطعام والشراب، فأكلوا وشربوا وشبعوا ثم قال أحدهم له :
أيها الأمير – أطال الله بقاءك – إننا كنا أسراك والآن صرنا ضيوفك، فانظر كيف تفعل بضيوفك ؟ عند ذلك قال لهم الأمير : قد عفوت عنكم .
وهكذا يكون المسلم حتى مع الأعداء إذا كان في موضع قوة، وهم في موضع ضعف .قال تعالى بسورة الحجر في الآية (85) (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ).
قال تعالى في سورة آل عمران الآية (134) (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
من الأخلاق الكثيرة التي تميّز بها رسولنا الكريم محمّد عليه الصّلاة والسّلام خلق التّسامح بكلّ ما يتضمّنه من معاني العفو، والصّفح، والغفران، فلم يَعرف النّبي الكريم الحقد، ولم تتسلّل إلى قلبه رغبات الانتقام ممّن يسيء إليه، ولم يفكّر يوماً في مقابلة الإساءة بالإساءة، على الرّغم من الأذى الشّديد، والصدّ الكبير الذي تعرّض له من قبل قومه في بداية دعوته؛ بل كان مثالاً في العفوعمّن ظلمه وأساء إليه ابتغاء رضوان الله تعالى وجنّته، متمثلاً قوله تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم ) [فصلت:34]، وراجياً من وراء عفوه وتسامحه أن يخرج الله من أصلاب من أساء إليه من يعبد الله ولا يُشرك به شيئاً.
ولأهمية العفو والتسامح في حياتنا وكما وردت بعض الآيات في القرآن الكريم وبعض الأحاديث النبوية .. فقد تناول المشاهير الحديث عنهم ايضا فقال المهاتما غاندي: لا يمكن لشيء أن يجعل الظلم عادلًا إلا التسامح.وقال إبراهيم الفقي: إن الذات السلبية في الإنسان هي التي تغضب وتأخذ بالثأر وتعاقب، بينما الطبيعة الحقيقية للإنسان هي النقاء وسماحة النفس والصفاء والتسامح مع الآخرين.
لذا يتعين علينا أن نعي قيمة العفوالتسامح وأن نراجع أنفسنا ونكون قدوة لغيرنا ونسموبأنفسنا وأخلاقنا ونتحلى بالعفوالتسامح ونُعلم الآخرين دروساً في ذلك ، وإذا سمعنا كلمة تؤذينا فلنطأطيء لها حتى تتخطانا.
وعاشروا الناس بالمسامحه، ليزداد استمتاعكم بهم.
إذا بلغنا عن أحـد ما شيء نكرهه،
فلنلتمس له العذر، فإنّ لم نجد له عذراً،
فنقول: لعل له عذر لا نعلمه.
ونسامح دائماً خصومنا... فلا شئ يضايقهم أكثر من ذلك.
وأعلموا إنه إذا قابلنا الإساءة بالإساءة فلن تنتهي الإساءة ..


















