×
15 جمادى آخر 1447
5 ديسمبر 2025
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي

الضفدعة الصماء

الضفدعة الصماء
الضفدعة الصماء

قلم : د.صلاح شفيع 

لا يحتاج المهموم أن يقول لكَ : إنه مهموم ، وإن كان يصعد جبلاً ، فلن تكون بحاجة خاصة إذا كنت حكيماً أن تفهم أن مثل هذا المهموم في طريقه ليرمى نفسه من قمة الجبل. اقترب الحكيم منه .

ـ أنا خبيئة الغد ، أعرف ما يخبئه الغد لكَ ، أعطني يدكَ !

    نظر الحكيم إلى يد المهموم ، وقال له : 

ـ لم يبقَ لكَ في الحياة سوى ساعة .. !

ـ كيف عرفتَ ؟؟ 

ـ خط عمركَ يقول هذا ! 

 ساد الصمت ، فقال الحكيم : 

ـ ألم تفكر .. قبلاً .. لو لم يبق لكَ إلا ساعة .. ماذا تفعل فيها ؟؟ 

ـ وماذا أفعل في ساعة ؟؟ 

ـ الجنة !

ـ في ساعة ؟!

ـ ثمة مثل من بلاد الشمس المشرقة يقول : تب قبل موتكَ بيوم واحد، ولما كنتَ لا تعرف متى تموت فكن تائباً هذا اليوم ، فإذا مِتَّ مِتَّ تائباً .. والله عز وجل يقول : لا تموتن إلا وأنتم مسلمون .. كيف ونحن لا نعرف متى نموت ؟؟أي كن مسلماً في كل وقت ، ، فإذا مِتَّ في أي وقت مِتَّ مسلماً .. كن مسلماً في ساعتكَ تلكَ ، فإذا مِتَّ فيها مِتَّ مسلماً .. وهكذا .. تدخل الجنة في ساعة .. أتدري أني رأيتُ رؤيا .. أُبلِغتُ فيها أني في الجنة ؟ أتعرف كيف وصلتُ إلى ذلك ؟؟ 

ـ كيف ؟ 

ـ لأني افترضتُ دوماً أني سأموت بعد ساعة ، وقلت لنفسي ماذا تفعل : لو لم يبق لك إلا ساعة ؟؟ لو أن نبياً أو ولياً قيل له أمامك ساعة وتقابل ربكَ ، فماذا تراه سيفعل في نظركَ ؟ أتراه يشرب الخمر ، أم يتقرب إلى ربه بما يحبه ربه ؟؟ هكذا إذن .. لا تمر ساعة إلا بعمل يقربني من الجنة .. 

ـ كأني عطَّّلتُكَ إذن ساعتكَ تلك ؟

ـ إذن ما كنتُ لأكون معكَ ! يابني منذ الرؤيا ، ورائحة الجنة في أنفي ، فأنا أعرف هل بعدتُ عن طريقي أم لا .. والرائحة هنا .. فلعلنا لو مِتْنَا الآن بعد ساعة ، فأنتَ صاحبي في الجنة !

ـ أنا .. ؟؟ لقد كنتُ في طريقي إلى الانتحار !

ـ لكنكَ لم تفعل ..ألا تحب أن تربط مصيركَ بمصيري ؟!

ـ ومَن لا يحب ؟! لكني لستُ مثلكَ ؟؟ 

ـ كل أهل الجنة .. ليسوا نسخة واحدة .. يكفي لتكون أهلاً للجنة أن تحب أن تدخلها ، إنها تحب من يحبها . فلماذا كنتَ تريد الانتحار ؟؟ 

ـ غُلِّقت الأبواب ، ولم أجد إلا الموت باباً .. 

ـ عندما تغلق كل الأبواب .. فالباب الواحد الذي يظل مفتوحاً ليس الموت ، بل بابه هو.. باب ربكَ .. وليس باب الموت .. !

ـ لكن الدنيا مظلمة .. ؟

ـ ظلمة زائفة ، ألم تعرف أن الله نور السماوات والأرض .. فكل ظلمة إذاً وهمٌ ، ألو قلت لكَ أني الآن رأيتُ أحداً .. ألن تقول لي تخيلات ، فلا يوجد أحد ؟ الظلمة التي تراها هي نفسها الرجل الذي رأيته أنا ، وأنتَ تثق أنه ليس موجوداً !

ـ لكني فاشل !

ـ أتسمع عن الوزير .. ابن مطرويه .. أتعرف ماذا يعني اسمه ؟؟ ابن رائحة المطر .. قابلته هنا .. كما أقابلكَ الآن ، وكان في طريقه أيضاً إلى الانتحار .. لأنه فاشل .. فلما قدَّرني الله أن أصده ، وأردَّه إلى عالمه .. ما رأيكَ فيه ؟؟ أمازال فاشلاً ، أم يرجو الجميع أن يصلوا إلى ما وصل إليه ؟؟ أتراه لو مات وكشف له الله عن النجاح المخبوء له ؟؟ ألا يأتي في ذهنكَ .. شيء تعبر به عن حالته لو رأى الخير الذي تعجل وتركه .. 

ـ يوم يعض الظالم على يديه !

ـ يقيناً كان على خطأ لما أصدر على نفسه الحكم بأنه فاشل ، وهو يعرف ذلك الآن ، ويعرف أن الفشل الحقيقي هو تصديق ما قاله الناس عنه بأنه فاشل ! 

ـ ماذا قلتَ له ؟ 

ـ كن في طريقكَ إلى هدفكَ كالضفدعة الصماء ، تترجم الأصوات التي تدعوكَ إلى اليأس بأنها أصوات مهللة ، تحمِّسكَ على الوصول. 

ـ لكني طلبتُ الموت ، لما لم أجد لي حيلة مما أنا فيه من الهم . 

 ـ فأجبني يا أيها المهموم ، أجئتَ الدنيا بتلك المشاكل ؟؟ 

ـ لا .. 

ـ فهل كنتَ ستأخذها معكَ وأنتَ راحل الآن ؟

ـ لا .. 

 ـ أمر لم تأتِ به ، ولن يذهب معكَ .. الأجدر ألا يأخذ منكَ كل هذا الهم . وبربكَ .. ما مصيرها بعد موتكَ ؟؟ 

ـ وما شأني بها ؟؟ 

ـ فاجعلها كذلك .. عد نفسكَ قد مِتَّ .. وتركتها وراءكَ .. فكأنها غير موجودة ..  

ـ لكنها فوق طاقتي !

ـ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها .. ! فمادام الله ابتلاكَ بها فأنتَ تقدر أن تحملها . هل لو تركتكَ الآن .. أستمضي إلى طريقك نحو الموت ؟؟ 

ـ يقيناً .. لا .. 

ـ فهل اكتشفتَ أنكَ كنتَ مخطئاً لما ظننتَ أنها فوق طاقتكَ ، فمازلتَ تستطيع أن تمشي بها .. يقول إمام .. امش بدائكَ ما مشي بكَ! أنت ضيفي .. 

   كان الطعام .. كسيرات يابسة ، وماء حار .. لم يستطع أن يأكل إلا لقمة ، ولم يحتمل أن يشرب الماء الحار ، وكأنه يقول له : لقد هربتُ إلى الموت من حياة أكثر ليناً من ذلك بكثير .. قال الرجل .. 

ـ إذا المرء لم يشرب إلا بارداً ، ولم يأكل إلا طيباً ، ولم يلبس إلا ليناً ، فماذا أبقى لآخرته ؟؟ 

 ـ أوصني يا شيخ .. !

ـ افترض أنكَ ستموت بعد ساعة .. ستجد نفسكَ تتمنى لو عشتَ آلاف الساعات .. ثمة رجل طلب من ربه ثلاثاً فأعطاه اثنتين ، فشرع يقول : ربِّ أعطني الثالثة .. أتعرف ما الاثنتان ؟ وما الثالثة ؟ 

ـ لا ؟ 

ـ أما الاثنتان .. فقد سأل ربه أن ينزع من قلبه حب النساء ، فلا يبالي .. امرأةً رأي أم جداراً ، والثانية ألا يخاف أحداً غيرالله ؛ فلا يرهب شيئاً في الأرض ولا في السماء سواه...

ـ فما الثالثة ؟ 

ـ أن يحرمه النوم ليعبده بالليل والنهار كما يريد ! 

ـ يريد وقتاً . بينما أنا .. 

ـ هو هذا .. لو علمتَ أن الإنسان ليس لحماً ودماً .. بل هو وقت .. 

  ـ كيف وصلتَ إلى هذا ؟

ـ كنتُ غنياً ، وراودتُ امرأة قريبة لي كانت لها حاجة ، فقلتُ لها : حاجتكَ مقضية ، لكن تكونين لي .. الليلة .. فقالت : 

ـ أنتَ قد سمعتَ الحديث ، وقرأتَ القرآن ، فأنتَ أعلم .. !

ـ فأغلقي أبواب القصر وتعالي .. 

    فأغلقتها ، فدنوتُ منها ، فقالت : 

ـ هنا باب لم أغلقه !

ـ أي باب ؟ 

ـ الباب الذي بينكَ وبين الله تعالى .. 

ـ خذي المال .. واذهبي إلى حال سبيلكِ .. 

ثم لم ألبث أن قلتُ إن داراً هممتُ فيها بمعصية الله لخليق ألا أبقى فيها ، ثم تدبَّرتُ أمرى ،ـ فوجدتُ الدنيا كلها .. تلك الدار .. فقلتُ على الدنيا كلها : دارٌ يُعصَى الله فيها ونحبها .. ؟! فأبغضتُها .. كما أبغضها ربنا .. 

ـ فهل برأتَ من ذنبكَ ؟

ـ ظللتُ كذلك ، حتى خرجتُ إلى الصحراء لعلي أرى رجلاً فأعلِّمه بعض دينه ، لعل الله يغفر لي .. فرأيت رجلاً أسود يحمل حزمة حطب على رأسه .. فبادرته .. 

ـ يا هذا ، من ربكَ ؟ 

 فرمى الرجل حزمة الحطب عن رأسه وجلس عليها ، وقال : 

ـ لا تقل لي من ربكَ ، ولكن قل لي : أين محل الإيمان إلى قلبكَ ؟ 

 ـ أردتُ أن أعلِّمكَ فعلمتني .. فمن أنتَ يرحمكَ الله ؟ 

ـ وماذا تهم الأسماء .. ؟؟ كم من أسماء كانت تملأ الأرض والسماء فأين هم الآن .. ؟؟ يا هذا إن لله عباداً الإخمال أحب إليهم من الشهرة .. وهؤلاء لو سألوا ربهم شيئاً لأعطاهم !

ـ إن كنتَ كما تقول ، فاطلب منه أن يحول حزمتكَ هذه إلى ذهب !

ـ أتختبر ربكَ يا هذا .. ؟ كأني وربي قد طلبتُ منه .. وأعطاني .. 

ـ فانصحني .. 

ـ لا يشغلكَ ذنبكَ ، فلولا أن العفو من أحب الأشياء إلى الله لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه ! 

ـ والله لقد صدَّقتُ أنكَ لو طلبتَ من ربكَ شيئاً لأعطاكِ ! 

وهنا عرفتُ أني لستُ بغني ، الغني هذا لأنه قريب من الغني عزَّ وعلا . فتركتَ كل شيء لأكون غنياً حقاً ، الناس تراني انتقلتُ من الغني إلى الفقر .. وأنا وحدي أعلم أني انتقلتُ من الفقر إلى الغنى.

استطلاع الرأي

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,566 شراء 3,589
عيار 22 بيع 3,269 شراء 3,290
عيار 21 بيع 3,120 شراء 3,140
عيار 18 بيع 2,674 شراء 2,691
الاونصة بيع 110,894 شراء 111,605
الجنيه الذهب بيع 24,960 شراء 25,120
الكيلو بيع 3,565,714 شراء 3,588,571
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الجمعة 07:50 مـ
15 جمادى آخر 1447 هـ 05 ديسمبر 2025 م
مصر
الفجر 05:04
الشروق 06:36
الظهر 11:45
العصر 14:36
المغرب 16:55
العشاء 18:17