في استراحة الجمعة محسن طاحون يكتب عن ”جبر الخواطر”
كتب: محسن طاحون
نحن في زمن عجيب كثرت فيه المحن والمواقف الصعبة التي يتعرض لها الانسان وتعتريك بعض حالات الضعف إنا أن يكون مريضاً أو خسر تجارته فهذا فقد عمله وساءت أحواله المعيشية وهذا فقد أحد والديه أو فقد كلاهما في حادث.
وآخر فقد أحد أولاده... وذاك فقير ولكنه عزيز النفس ونماذج كثيرة حولنا تحتاج منا أن نتلطف معهم وأن نكون رحماء معهم وأن نشعر بوجيعتهم .. وهنا نحتاج إلى تطبيق عبادة جبر الخواطر.
ففي كل هذه من المواقف الصعبة التي يمر بها الإنسان يحتاج الواحد منا إلى أن يسمع كلمة تواسيه وتأخذ بخاطره أو تخفف عنه مصابه .. و هــذا ما نسميه بجبر الخواطر.
اقرأ أيضاً
وأجر هذه العبادة في وقتها المناسب يفوق كثيراً من أجور العبادات والطاعات.فعندما تؤدي خدمة لشخص غني أو ذو وجاهة فلا شك في الأغلب إنك تبتغي من وراء ذلك رضاه ،أو منفعة دنيوية عسى ان تحتاج إليه بيوم من الأيام ، لكن حينما تساعد الفقير واليتيم والمحتاج والمنكسر فهنا يتحقق معنى الإخلاص لله ، فأنت لا تبتغي بمساعدته إلا وجه الله و هنا يقع الأجر والثواب .
وصورة أخرى من جبر الخواطر .. الرحمة باليتيم فإن أي طفل صغير حينما يشعر بالخوف من شيء ينادي على أبيه أو أمه ،
لكن اليتيم على من ينادي فأنت إذا أخذت هذا اليتيم ورحمته وتلطفت معه ، وقلت له كلمة طيبة كل هذا سيكون له مفعول كبير ،
فرق بين قهر اليتيم الذي لا أب له يؤويه ويكفيه وبين اليتيم الذي يشعر أن كل فرد من أفراد الجتمع أبا له وكل امرأة أما له .
صورة أخرى قد يسألك إنسان عن جهل أو من فقر ، فإذا سألك سؤالا عن شيء يجهله ، أو يسأل مساعدة مالية قرض أو صدقة ، فلا تنهر : لا ترد ردا غليظا ، أو تتهمه بأنه كاذب ، قال تعالى : -( قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم) [البقرة/263]فمجرد التلطف مع السائل فيه مغفرة من الله ، ثم الله مطلع على ما في القلوب وهل هو صادق محتاج أم كاذب محتال ، وكذلك إذا سألك من يجهل أمرا فتدله وترشده إلى شخص متخصص أو موقع على الانترنت أو مكان …الخ هذا كله من جبر الخواطر .. وللاسف البعض يكسل عن تقديم المساعدة رغم انه قد يعلم .
ومن الآفات البغيضة الانتقاص الدائم ممن حولك، وكل من تتعامل معه، هذا يولد كبتا وعقدا نفسية وإثارة للأحقاد والشحناء ، وبعض الناس يعتقد أنه لن يتميز إلا بذم غيره، لن يعلو إلا بإذلال غيره ، لن يصل إلى مرحلة من العلم أو مكانة مرموقة بالشركة أو المؤسسة التي يعمل بها إلا إذا سفه الجميع دونه ليبقى هو صاحب العقلية الفذة المتفردة الملهم العبقري الموهوب …الخ. وهذا نوع من أنواع الكبر ، إنما السعيد من أسعد غيره ، و رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم قال : (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنة؟، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بَطَر الحق وغمْط الناس) رواه مسلم.
الأنانية لا تجلب إلا الحقد والشحناء ، الأنا لما تتضخم ويصيبها الورم تؤدي إلى أن يكون الإنسان منبوذا مكروها في كل مكان يحل فيه ، أما لين الجانب الذي يجبر بالخاطر ويقدر من حوله ويرى في الناس أطيب ما فيهم ويمدحهم على ذلك هذا إنسان إذا غاب افتقده الناس ،وإذا مرض زاره الناس ، وإذا مات ترحم عليه الناس .
فكن يا أخي من الذين إذا غابوا تفقدهم الناس وسألوا عنه وأعلموا أن الحب لن يأتي لكم الا بالأخلاق الحسنة .. وإن أردت أن تسود بين الناس وأن تكون سيدا ولك مكانة في القلوب فهذا لن يكون إلا بالأخلاق والتواضع و جبر الخواطر ولين الجانب والبشاشة في المعاملات وتذكر أن من صار بين الناس جابراً للخواطر أدركته عناية الله في جوف المخاطر .


















