حوار مع شاب يفكر
سألني مُحبَطًا, كم لي من السنوات كي أصل إلى ما أصبو إليه من بيتٍ وزواجً وسيارةً وعملً مستقر, ؟ وأردف قائلًا: لا أتصور أن يكون ذلك قبل عشرات السنين, ولا أعلم هل سأحقق ذلك أم لا؟
تأملت تلك الحال الذي يسيطر على هذا الشابِ العشريني, ورجعت بذاكرتي إلى عشرات السنين, لأجدني في سن هذا الإبن الشاب حينها, وكنت حديث التخرج من الجامعة, وكانت تدور في ذهني بعضٌ من تلك الأفكار, لكنها لم تكن تؤثر عليّ ولا على جموع الشباب حينها بالإحباط, بل كانت تشكل فينا دافعًا ومقوِّما من مقومات التحفيز على الجهد والبذل والعمل.
حاورته بهدوء قائلًا: هل تظن أنك ستخرج من هذه الدنيا بعد عمرٍ طويل وأنت لم تستوفِ كل رزقك منها, ؟ فأجابني بالنفي, قلت: إذا فأنت مطمئنٌ إلى أنك لن تُظلمَ في دنياك من حيث الرزق, الذي هو أنواعٌ متعددة ومتنوعة وليس فقط على صورة المال, أومأ برأسه موافقًا ثم بادرني بسؤالٍ ظن فيه أنه لن يجد له إجابة وقال: لكنك ترى فلانًا وما هو فيه من نعيمٍ ورَغَد مما ليس معي منه شيئًا, فبماذا يفيدني كلامك في هذا الواقع الآن؟
رددت عليه وكلي تركيزٌ فيما يقول: أعلم ذلك جيدًا لكنَّ المقارنة يا ولدي ليست عادلة, فأنت في عُجالةٍ بزمن الثانية تعقد مقارنةًً بينك وبينه, وفي لحظة تمثل نقطة على طول خط العمر له ولك, وهذه المقارنة بهذه المعايير ليست عادلة وليست علمية, إذ أنك لا تعلم عما كان عليه في أزمانه الماضية, ولا تعرف عما سيكون لك أو له في الأزمان القادمة, وبذلك فمقارنتك الآنية الآن ليست ذات قيمة يمكن أن نبني عليها شيئًا من الحكم أو التقرير بشيء.
انتبه لي أكثر وأصر على أن مازال لديه من قناعاته الكثير, مما يمكن أن يقنعني ونفسه بأنه في حالة مظلومية قدرية لا يدٌ له فيها قائلًا: قد يكون مكتوبًا عليّ أن حالي سيكون أقل منه, فلا يمكنني أن أُغيّر من ذلك شيء, فالأمر هنا للرزاق الذي يهب حسبما تقتضي إرادته.
اقرأ أيضاً
وزير المالية: نستهدف الاستماع لكل المواطنين والسعي الجاد لتحسين مستوى معيشتهم
الوزراء: تفويض وزيري المالية والصحة للتعاقد لتوفير 20 مليون جرعة من لقاحات كورونا
تفويض وزيرى المالية والصحة بالتعاقد لتوفير 20 مليون جرعة من لقاحات ”كورونا”
وزير المالية : نستهدف رفع كفاءة الإنفاق العام والارتقاء بمعيشة المواطنين والخدمات المقدمة إليهم
وزير الرياضة يبحث مع مسئولي المالية و الكاف سبل تفعيل إتفاقية مقر الكاف بالقاهرة
وزير المالية.. ربط مصالح الضرائب والجمارك والضرائب العقارية إلكترونيًا بنهاية يونيه ٢٠٢٢
المالية: مبادرة «السداد النقدي الفوري» للأعباء التصديرية المتأخرة.. تجذب المزيد من المصدرين
المالية: 46 ألفًا من الممولين استفادوا من إعفاءات قانون «التجاوز عن مقابل التأخير»
وزير المالية: القيادة السياسية أكبر داعم لنظام التأمين الصحى الشامل
وزير المالية يحيل 40 فنانا لمكافحة التهرب الضريبي لعدم تسجيلهم بالقيمة المضافة
«المالية»: نستهدف توفير احتياجات منظومة الرعاية الصحية لمواجهة «كورونا»
دردشة قانونية ”سوق الأوراق المالية”
اضطررت هنا أن آخذ نفسًا عميقًا, حيث علمت أنني أمام شابٍ لديه من الفكر الكثير, ولا مناص من أن يستمر الحوار بوتيرةٍ هائة, وبأفكارٍ مرتبة, ودون أن أملّ أو أتضجر من أطروحاته, حتى نصل إلى نقاط اتفاقٍ منطقيةٍ وواعية.
قلت: هنا أنت تأخذ دورًا ليس لك فيه شيء, وهو أنك تفترض بأن حالك سيكون أقلَ منه, وأن الله سيهب له ما لن يهبك مثله أو أكثر, وهكذا فأنت تستشرف الآتي مما سيقرره الله وحده وليس أنت, وبذلك فقد وقعت في مساحة قرارٍ ليس لك ولا لغيرك, بل هو لواحدٍ رزاق لا شريك له في ذلك.
قال: وماذا تظنني أفعل حيال كل تلك التساؤلات التي تقفز أمامي دون هوادة ؟
هنا أيقنت بأن وتيرة التساؤلات عنده قد وجدت شيئا من الارتياح وهدأت, وبدأ يسأل فيما يمكنه أن يفعل, فبادرته: أظن أنك لابد من أن تأخذ دورك الطبيعي كبشر وليس كمقسِّم للأرزاق, ودورك محصورٌ في دائرة السعي والأخذ بأسباب العلم والاجتهاد في البحث طلبًا في إعمار الأرض كما أراد الله منا ذلك, حين خلقنا لنعبده بإعمار الأرض لكل الناس الذين خلقهم الله,أي أن عليك أن تترك ماليس عليك فيه مسئولية, لتركز على ما عليك من مسئوليات, فالرزق وما عند الآخرين ليس في دائرة مسئولياتك فلا تنظر إلى ما في أياديهم ولا تقارن, واعلم أن رزقك مكفولٌ وسيأتيك لا ينقص شيئًا, إنما الذي ستُسأل عنه هو إتقانك لعملك وسعيك الجاد والعمل على رفعة وطنك وأسرتك بما ينفع العالم بأسرِه, عبادةً لله الذي أمرنا بذلك, فركز في ذلك.
صمتَ هنيهة وهو إليّ ينظر, ثم قال: أقبلُ الآن ما تقول, لكن سيكون لنا لقاءات, ودعته وقلت: على الرحب والسعة سأظل أنتظرك.


















