النفس والروح في القرآن
(ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها}.. تلك آية عظيمة تكشف اللثام لمن يتدبر في معانيها عن اسرار الحياة وتكوينها: فيا لسبحان الله! فما النفس؟ وما اختلافها عن الروح؟
ولماذا نصف الميت بأن روحه قد غادرت جسده ولا نقول نفسه؟ ولماذا قال الله سبحانه في قرآنه العظيم: {كل نفس ذائقة الموت} ولم يقل الروح؟ تلك هي المفارقات العجيبة بين قواعد الخلق وحكمة الخالق: فالروح هي نفخة واحدة من الخالق العظيم يسكنها في جسد الانسان ليأذن له ببدء اختباره في حياة الدنيا..
أما «النفس» فهي كيان الانسان الحقيقي و«الأبدي» الذي يُخلق منذ التكوين الى أبد الآبدين! وقد شاء الله أن تتنقل «النفس» بين محطات الدنيا المختلفة وصولاً إلى يوم الحشر: التكوين، الحياة، الممات، البعث..ففي رحلة الدنيا تهبط هذه «النفس» الى الارض وتستقر فيما يسمى بالجسد، وقد غدت وظيفة الجسد أشبه بالمركبة التي تترجم قرارات «النفس» المُلهَمة سلفاً من الباري عز وجل: بالتقوى، الفجور، الخير، الشر، الحب، الخيانة وغيرها من الصفات الدنيوية والتضادية التي كتبها الله سبحانه وتعالى على عباده في اختبار الحياة ليفصل بعدئذ بين فريقي: النفس الطيبة والنفس الشريرة.
واذ يقول الدكتور «مصطفى محمود» رحمة الله عليه في كتابه الفلسفي الرائع «القرآن كائن حي» ان نفس الانسان خلقت في السماء منذ التكوين، وستبقى معلقة على هذا النحو الى ما شاء الله: فتشهد النفس عندئذ على احداث الدنيا وأحوالها حتى يأذن الله سبحانه وتعالى لها الهبوط الى الارض وخوض المعترك الدنيوي: فان كانت النفس طيبةً، مؤمنة، سلكت طريق اليمين مع المؤمنين..وان كانت هذه النفس بغيضة، شريرة، أمارة بالسوء سلكت درب اليسار مع الشياطين!
اقرأ أيضاً
عالم أزهري: الهجرة غير الشرعية تؤدي بالنفس إلى التهلكة والدمار.. فيديو
قرأت لك.... الصدمة النفسية
إحالة ”سيدة المحكمة” للطب الشرعي لتوقيع الكشف النفسي عليها
مصر تدعو إلى ضبط النفس ووقف إطلاق النار فى الكركارات
وزير الرياضة: إطلاق مبادرة ”مصر أولاً لا للتعصب” لنشر الروح الرياضية بين الجماهير
إضاءة برج القاهرة باللون الأخضر لرفع الوعي بالأمراض النفسية
ما هو الألم الجسدي النفسي؟
وفاة الأب الروحي للطائفة الإيزيدية في العالممصر تناشد أرمينيا وأذربيجان بضبط النفس ووقف التصعيد
سقوط صاحبة صيدلية تبيع عقاقير مؤثرة على الحالة النفسية بالشرقيةجمال فرويز يقدم نصائح للتعامل النفسي مع العام الدراسي في ظل أزمة كورونا
"الإعابة" خلق ذميم ترفضه الفطرة السليمة وتأباه النفس السوية
ولهذا تغدو النفس الطيبة كصخرة تتحطم على اثرها أهواء الفاسقين ووساوس الكافرين حتى تنتهي مغامرتها الدنيوية المحفوفة بالشهوات وتعود الى ربها مطمئنة: كما وصفها الله عزوجل في قرآنه الكريم {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية} ولكم في تجربة رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام اروع مثال يحتذى به عندما هجر قومه واهله ومكث في غار حراء يبحث عن الحق والايمان لشهور مضنية وسنوات طويلة.
على حين ان النفس البغيضة لن تثنيها دعوات الطيبين ولا نحيب اهلها: وامام اعيننا نتذكر كم من العائلات المؤمنة والعفيفة التي خرج من رحمها ذاك المدمن أو المجرم أو الفاسق أو الحاقد حتى قلنا: فلان ما عرف يربي فلانا! فإن أراد الله ان يهدي النفس هداها او ترك الخبث ينخر فيها الى الممات: {يهدي من يشاء} صدق الله العظيم! فيا لعظمة خالق الكون، ويا لعظمة من نفخ بالروح، ومن امر النفس بالهبوط، ومن أذاقها الموت، ثم كتب لها البعث الى يوم الدين..


















