×
15 جمادى آخر 1447
5 ديسمبر 2025
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي
مقالات

محاولة توفيقية بين العلم وحديث شريف!

المصريين بالخارج

بهجت العبيدي

هل الحقائق العلمية التي يتم اكتشافها تدفع إلى تغير المفاهيم التي تظل سائدة في فترة زمنية ما كما تدفع للتساؤل عن فهم النصوص الدينية؟!. بالنسبة للمفاهيم السائدة البعيدة عن المنظومة الدينية فإن ذلك واقع لا جدال فيه، أما بالنسبة للشق الثاني فهذا الذي يحتاج إلى تأمل من ناحية وإلى طرح أمثلة من ناحية أخرى وإلى العودة في محاولة لفهم النص فهما جديدا يتناسب مع الحقائق العلمية الحديثة من ناحية ثالثة!. كما يمكن أن يفتح ذلك أفقا للحوار حول المعنى المباشر للنص من جانب والمدلول الذي يمكن أن ينتج عن هذا النص من جانب آخر، كما يمكن أن يكون مدخلا لتأويل جديد ينتج عنه منظومة متسقة مع الواقع الاجتماعي والحقائق العلمية والنصوص الدينية، هذا الذي، حتى لا يندفع المندفعون حماية للدين، لا يقدر أن يقوم عليه إلا أهل العلم!.

قال صل الله عليه وسلم "ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، حتى ينفجر الفجر". صدق رسول الله صل الله عليه وسلم.

هذا حديث عن سيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم، أكيد كان يفهمه المسلمون الأوائل باعتبار أن الليل واحد في كل الأرض وأن الثلث الأخير واحد في كل الأرض، وأن الله سبحانه وتعالى ينزل في هذا الثلث، ليستجيب دعوة الداعي، طبعا النزول هنا ليس كنزول الإنسان، تنزه الله عن الشبيه تنزيها عظيما، ولكن لا يمكن أن يفهم الإنسان المعاصر هذا الحديث بهذا الشكل البسيط حيث أنه هناك ثلث أخير لليل في كل لحظة من اللحظات وذلك بعدما أثبت العلم أن الأرض كروية، وتدور حول نفسها لإنتاج ظاهرتي الليل والنهار، وحول الشمس لإنتاج الفصول، وأن نهار ناحية من نواحي الأرض يستلزم ليل ناحية أخرى في نفس اللحظة، فالمؤكد أن إنسان هذا العصر يحتاج تفسيرا مختلفا لهذا الحديث.

لقد كان يستطيع الشيخ أن يجلس في إحدى جلسات "العلم" وأن يذكر للمستمعين له أن الله جل شأنه ينزل في الثلث الأخير من الليل، وربما كان يأمن أي سؤال يأتيه في فكرة النزول نفسها التي هي كما ذكرنا آنفا ليس كنزول الإنسان، ولكن هذا النزول خاص بالله الذي ليس كمثله شيء ومن ثم أيضا أفعاله ليست مثل الفعل الإنساني أو الطبيعي، وكان يمكنه أن يرد ببساطة ويشرح في تفصيل أن نزول الله جل شأنه لا يتعارض عن أنه سبحانه قد استوى العرش، وذلك في إطار مبحث كلامي تناوله المتكلمون فيما سبق، ولكنني أظن أنه في حاجة لفهم جديد يمكن أن يقنع به من يحدثه بالعلم، حينما يسأله كيف ينزل الله للسماء الدنيا التي هي واحدة، في زمن ليس واحدا، بل هو مستمر على مدار الأزل، فالليل والنهار متشابكان وثلث الليل الأخير في السماء الدنيا هو في وقت وكل لحظة، أي أن هذا الثلث من الليل هو ثلث أبدي في هذه السماء، هذا الذي يعني أن الله لا ينزل، بل من الضروري أن يبقى أزلا في هذه السماء، ما بقيت السماء والأرض.

وهذا الذي يجعلنا نزعم أن هناك حاجة ملحة إلى مراجعة مثل هذا الحديث الشريف ليتسق فهمه مع عقل إنسان اليوم الذي شُكّلَ وبُنِي جزء كبير فيه على أسس علمية.

طبعا نؤمن أن الله سبحانه وتعالى موجود في كل زمان ومكان، هذا شيء، وما نتحدث عنه شيء آخر، فالذي نتحدث عنه أننا هنا أمام نص واضح يتحدث عن نزول الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا في وقت محدد؛ ذلك الذي يمكننا أن نؤكد، بعدما أكد العلم، أن هذا الوقت أزلي أبدي مستمر، كما ذكرنا آنفا، هذا الذي يعني أيضا أن الله لن "يطلع" عكس "ينزل" من هذه السماء، هذا الذي أيضا لم يكن ليستوعبه مطلقا إنسان ما قبل عصر العلم، حيث كان يعتقد أن هناك ثلثا أخيرا، كما ثلثين: أول وأوسط لليل، بالإضافة للنهار كله، لم ينزل فيهما الله إلى السماء الدنيا، وهذا الثلث الأخير الذي هو قبيل الفجر لدى كل منطقة زمنية، ذلك الذي نظن أنه كان تشجيعا من النبي صل الله عليه وسلم للمؤمنين للحرص على قيام الثلث الأخير من الليل، هذا الذي يحفزّهم صل الله عليه وسلم له بنزول الله فيه إلى السماء الدنيا ليستغفر للمستغفرين وليجيب دعاء السائلين.

إذن هنا تنقذنا مدرسة المقاصد، حيث أننا أمام نص واضح لا لبس في وجود عملية نزول به، ولا غموض في المكان فيه "السماء الدنيا" ولا تعمية في الزمان وهو "الثلث الأخير من الليل"، وإن استطعنا أن نجد تأويلا لعملية النزول، ونجد تفسيرا للمكان، فإننا، بعد أن كشف العلم الحديث حقيقة الليل والنهار واللذين هما متلازمان مترافقان لا ينفصل أحدهما عن الآخر، فلا يمكن أن نجد تفسيرا لجعل هذا الثلث واحدا منفصلا في الأرض، حتى لو استعننا بالتفسير البلاغي في استخدام الفعل المضارع "ينزل" الذي هو من الناحية البلاغية يعني التجدد والاستمرار، فإن وجدنا وجاهة في عملية النزول المتجددة كل لحظة، باعتبار أن هناك كل لحظة بداية جديدة لثلث أخير في الليل في مكان ما، فإن التفسير البلاغي لن يسعفنا، لأن النزول الدائم يستدعي الوجود في مكان أعلى، هذا الذي لن يكون متحققا، حيث أن النزول قد تم للمكان المحدد الذي هو السماء الدنيا، في أول ثلث ليلٍ، فلا يجوز أن ينزل من السماء الدنيا إلى السماء الدنيا.

نعود ونقول أن مدرسة المقاصد تنقذنا هنا، ذلك الذي يعني أن المقصد من الحديث وبنائه بهذه الصيغة يأتي لمقصد تحفيز العباد على الحرص على قيام الثلث الأخير من الليل اتصالا أو وصولا لصلاة الفجر التي "ركعتيها" أفضل من الدنيا وما فيها، علاوة على ذلك فإن الله سبحانه وتعالى يجيب دعوة الداعي في أي وقت وفي أي مكان، قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60}. وهنا لم يحدد الله مكانا ولا زمانا لاستجابته سبحانه وتعالى للدعاء.

ومن البديهي فكما أن هناك أوقاتا يستحب فيها الدعاء والاستغفار، كما مر في الحديث الشريف، وكما هو معلوم من دعوة الصائم في شهر رمضان، وغيرها، فإن هناك أماكن يستحب فيها الدعاء أيضا وفرصة قبولها أكثر في هذه الأماكن كما هو الحال في البيت الحرام والكعبة المشرفة، ليتلاقى بذلك تقديس المكان والزمان.

طبعا لا أعلم مدى مناسبة ما ذهبنا إليه ورؤية رجال الدين والفقه، فقط هي خاطرة جاءت إلى ذهني وأنا أتأمل هذا الحديث الشريف!. فلربما هناك من قام ببحث هذا الأمر بما هو أصوب وأعمق خاصة هؤلاء المتفقهين في الشرع الحنيف.

استطلاع الرأي

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,566 شراء 3,589
عيار 22 بيع 3,269 شراء 3,290
عيار 21 بيع 3,120 شراء 3,140
عيار 18 بيع 2,674 شراء 2,691
الاونصة بيع 110,894 شراء 111,605
الجنيه الذهب بيع 24,960 شراء 25,120
الكيلو بيع 3,565,714 شراء 3,588,571
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الجمعة 07:33 مـ
15 جمادى آخر 1447 هـ 05 ديسمبر 2025 م
مصر
الفجر 05:04
الشروق 06:36
الظهر 11:45
العصر 14:36
المغرب 16:55
العشاء 18:17