×
15 جمادى آخر 1447
5 ديسمبر 2025
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي

قوس قزح .. المواطن الصحفي... حرية أم فوضى؟!

قوس قزح .. المواطن الصحفي... حرية أم فوضى؟!
قوس قزح .. المواطن الصحفي... حرية أم فوضى؟!

كتب : د. خاطر الشافعي

حتى الحروف أبت إلا أن تُشارك القِيَم محنتَها، فصارت تتصارَع لتكوين كلمة هادفة، فتارةً تتوه وسط رُكام الكلمات، وتارةً يَغمُرها سيل المعاني فوق الأسطر الفارغة!

وكما المؤمن يَقبِض على الجمر، تقبض الحروف على المعاني، حتى أضحت سِمة الحرف الهروب، فبات العثور على معنى مفيد مغامرةً وسط حروف مُلتَهِبة، تارةً من أنين الشوق المكتوم، وأخرى من ضجيج صمت المعاني!

وكما أن الوجوه أعياها الإرهاق، نستشعِر جميعًا ما اعترى الحرفَ من إرهاق، ويكأنَّه لم يتبقَّ إلا أن يقفز الحرف من فوق السطور، ليُقبِّل أيادي مَن يكتبوه صارخًا: ارحمونا، يرحمكم الله!

تجتاحنا ظاهرة تجعل من الأحداث العادية ( مع كثير من المبالغة والخلط والقليل من المصداقية ) مادة إعلامية مثيرة ، وسائل التواصل الأجتماعي التي حولت الطفل الصغير إلى محلل سياسي، والمواطن البسيط إلى صحفي ينقل الأحداث مدعومة بالصور والفيديوهات فتنتشر بسرعة البرق وتتحول من حادثة بسيطة إلى قضية رأي عام .

وكما أن سُباتًا عميقًا أصاب عُمق المعاني، غربةٌ قاسيَّة انتابت الحرف، فبات مكانه المُفضَّل عقل حامله، وأحيانًا يظل حبيس القلم، فإن ثار على حامله نثره - كما قطرات الندى - فوق جِذع شجرة، أو جوف ورقة خضراء - يَشوبها صفرة كما الوجوه - تحتضن الهواء في كل حالاته، نسيمًا كان أو رعدًا!

لقد أصبحت الأدوات الإعلامية في متناول أيدي جميع طبقات المجتمع ، كاميرا... وسيلة للنشر... خبر.

ربما يسميه البعض تطورا ، والبعض الآخر قد يسميه حرية فكر، لكن الحقيقة أن التسمية المناسبة لها هي "الفوضى"، الإعلام يخضع إلى معايير ومنطق لا يعلمه إلا المختصين أو أصحاب الخبرة في هذا المجال لأنه رسالة إنسانية ومسؤولية كبيرة ربما لا نراها اليوم في أغلب وسائل الاعلام لكن هذا لا يزيل عنها ركائزها الأساسية.

إذًا كيف تنساب المعاني؟!

كما أن النحل مملكة، الحروف أيضًا مملكة.

هكذا أراها، وكيف لا؟ و﴿ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴾ [القلم: 1] محفورةٌ بذاكرتي - تمامًا كما اسمي - تقودني إلى استشعار هيبة الحرف وقيمة القلم؟!

إن نشر العنف وضحاياه على صفحات الفيس بوك دون أي إحترام للمعايير الأخلاقية التي تمنع نشر هذه الصور والفيديوهات كونها قاسية ، يتنافى مع القوانين ، ونشر هذه الفيديوهات العنيفة وغيرها من الصور التي تتكرر يوميا في وسائل التواصل الإجتماعي تثبت أن من ينشرها ليس لديه أدنى فكرة عن المعايير الأخلاقية للإعلام ، وغرضه الوحيد تجميع أعلى نسبة مشاهدة وتعليقات ومشاركات ، وهو ما يؤدى إلى تشويه الرسالة الإعلامية السامية التي تهدف بشكل أساسي إلى نقل الحقيقة و توعية المجتمع ، وليست التشهير ونشر صور غير أخلاقية وغير إنسانية.

كم وددتُ ألا ننسى ما قيل سابقًا:

الخطُّ يبقى زمانًا بعد صاحبِه

وصاحبُ الخطِّ تحت الأرضِ مدفونُ

إن هذه الظاهرة تتطلب وقفة جادة لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، فقد أصبحت وسيلة تلجأ لها الجماعات المتطرفة لكسب عناصر جديدة وهي التي أصبحت تروج للعنف الذي تعمل تلك الجماعات على بثه في المجتمع، كما إنها وسيلة مهمه لإظهار تلك الجماعات بصورة الأبطال وتخويف الناس منهم، لذلك فإن مراقبة هذه الوسائل يعتبر جزءا لا يتجزأ من الحرب على الإرهاب التي تشارك بها العديد من دول العالم اليوم.

دعُونا نُعِدِ الحرفَ إلى وطنه؛ فقد شكا منَّا غربةً فرضناها عليه فرضًا، فلا نكتب إلا ما يسرُّنا أن نراه يوم القيامة؛ ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النور: 24]، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - قال: ((إذا كان يوم القيامة عُرِف الكافر بعمله فيجحد ويُخاصِم، فيقال: هؤلاء جيرانك يشهدون عليك، فيقول: كذبوا، فيقال: أهلك وعشيرتك، فيقول: كذبوا، فيقال: احلفوا فيحلفون ثم يصمُّهم الله، فتشهد عليه أيديهم وألسنتهم، ثم يدخلهم النار)).

إن هذه الوسائل أصبحت وسيلة مهمة للترويج للعنف ،وتكمن خطورتها في أنها متاحه للجميع من جميع الأعمار وجميع المستويات وفي جميع الأوقات ، مما يهدد الأمن الاجتماعي .

غربةٌ لا تُوصَف للحرف يستشعرها المؤمن في زمن القبض على الجمر، فيستغرق - لا شعوريًّا - في إغفاءة للقلم وسط السطور المُرهَقَة، فتُبلِّل يديه دموعٌ تنزف من الحروف، بعدما كثُر الزيف، تلوَّنت الحروف - كما قوس قُزَح - حسبما يقتضي ظرف المصلحة وحسابات اللحظة!

اللَّهم أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

والحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللَّهم وسلِّم وبارك على الحبيب المصطفى وآله وصحبه ومن تَبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

استطلاع الرأي

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,566 شراء 3,589
عيار 22 بيع 3,269 شراء 3,290
عيار 21 بيع 3,120 شراء 3,140
عيار 18 بيع 2,674 شراء 2,691
الاونصة بيع 110,894 شراء 111,605
الجنيه الذهب بيع 24,960 شراء 25,120
الكيلو بيع 3,565,714 شراء 3,588,571
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الجمعة 07:29 مـ
15 جمادى آخر 1447 هـ 05 ديسمبر 2025 م
مصر
الفجر 05:04
الشروق 06:36
الظهر 11:45
العصر 14:36
المغرب 16:55
العشاء 18:17