" الحب... ؟ " بقلم دكتور أحمد سماحه
كتب : د / أحمد سماحه
ربما يبدو هذا العنوان عند البعض غريبًا ، أومستهلكًا، لكننا عبر تاريخنا لم نستطع أن نضع تعريفًا محددًا لماهية الحب ، وظل الأمر في تعريف الحب مجرد إشارات ، وإضاءات باهتة للغموض الذي يحيط به، وكنة المشاعر التي يشعر بها المحب أو العاشق ، ولذا كان الأمر في تعريف الحب أشد صعوبة.
وقال البعض من الفلاسفة أن ذلك يعود لمرادفته للعشق وإلي طبيعته الخاصة عند كل فرد ، فالتجربة الذاتية في الحب تتحكم وتؤثر ، ولعل أخبار العشاق منذ قيس وليلي تبدو كالأساطير التي تتضمن كافة الإحتمالات العقلية لإثبات وجود الحب والتي حاول العلماء والموثقين أن يسبروا أغوار النفس البشرية لتأكيد وجوده وأشاروا إلى أن أول حب في العالم كان حب آدم لحواء كما أخبرنا ابن القيم في كتابه "روضة المحبين ونزهة المشتاقين".
وإن كان البعض يقول أن آدم وحواء كانا زوجين ، فمتي بدأت "سنة"الحب بين من ليسا بزوجين؟
إن تاريخنا مليء بقصص وروايات المحبين والتى تشير إلى أن الحب دائمًا قادرًا علي تفسير مايعجز الواقع عن تفسيره ، وأنه قد يؤدي بصاحبه إلي الجنون أو الموت أو القتل.
والشعر العربي مليء بقصص الحب التي تروي حكايات شهداء الحب وشعراءه حتي من المتصوفه وتشير إلى إهتمام العرب بالحب وإن كانوا ليسوا مبتدعين أو مختلفين عن غيرهم من الأجناس والأمم الأخرى ونحن مازلنا نتذكر" روميو وجولييت" وغيرهما من العشاق.
ويخبرنا د. محمد حسن في كتابه "الحب في التراث العربي" أن الحب فكرة وسلوك وأن البحث في ماهية الحب أو حقيقته شغلت الكثير من الباحثين ولكن الجديد في هذه البحوث محدود للغاية وتكاد المفاهيم تُنقل من كِتاب إلى آخر ، وقد يجمع الكِتاب الواحد أكثر من تعريف.
ويؤكد أن ابن داود"الزهرة" يعد رائدًا في البحث عن مفهوم الحب برؤية خاصة قال البعض من النقاد والمفكرين أنها جوهر النظرية العربية في الحب ،وأنها في عمقها غير قابلة للتعميم، وقد سبق الجاحظ ابن داود في الكتابة عن الحب وإن كان قد أختص بلون من الحب أطرافه طبقة أو جماعة معينة في مرحلة معينة ووسط إجتماعي محدد وهو مجتمع القيان والغلمان.
ومن يرجع إلى تراثنا العربي سيجد الكثير من قصص الحب العذري المحروم وكذلك المنهوم ، وإذا تركنا القصص والحكايات والتعريفات وتساءلنا مع ابن داود عن أسباب الحب سنجده يشير إلى أقاويل الشعراء في الهوى أنه يقع ابتداؤه من النظر والسماع وتعانق الأرواح ، وهناك أسباب عديدة منها التفسيرات الفلكية والتفسيرات العلمية أوالمادية،وهو يتلمس الأسباب في نشاط الغدد المستجيبة لحركة الشعور.
إن الحب الذي نبوح به لبعضنا البعض في بساطه إشارة إلى القبول أو الرضا أو الحنين أو غيره... شغل البشرية منذ القدم وحتى الآن ، ولم ندرك له تفسير عقلي أوعلمي ولذا آثرنا أن نبوح به في حالات كثيرة منها الرضا والتواصل ..وغيرها.
وقد ذُكِر الحب في القرآن الكريم مرات عديدة وإن كان العشق لم يُذْكَر إلا مرة واحدة.
وربما يكون لنا مع الحب وقفات أخري.


















