قناة المهاجر العربي في المهجر بقلم الكاتب "مصطفى كمال الأمير"
كتب : مصطفى كامل الأمير
علي مدى سنوات طويلة ظل صوت الإذاعي القدير "أحمد سعيد" يجمع العرب من المحيط الهادىء الي الخليج الثائرقبل نصف قرن مع نداءه الجهوري الشهير (صوت العرب من القاهرة ) لإذاعة نشرة الأخبار والتعليق عليها، أيام جمال عبد الناصر والمد الثوري للقومية العربية وحتى هزيمة يونيو 1967 والبيانات المغلوطة عن اسقاط مصر لمئات من طائرات العدو ( إسرائيل ).
وأننا قد أصبحنا علي بُعد مرمى حجر ومشارف تل أبيب عاصمة الصهاينة، قبل أن نستيقظ علي هزيمة الخامس من يونيو ١٩٦٧، واكتساح اسرائيل للأراضي العربية في فلسطين، سوريا، الأردن ومصر، وهو ما نعاني من تداعياته حتى الآن.
كانت إذاعة صوت العرب وحدها جامعة للشعوب العربية رغم قلة الإمكانات المتاحة في ظل توجيه موارد الدولة للحرب، فقد كانت رائدة إعلاميًا وسياسيًا وثقافيًا فيما يسمي بالقوة الناعمة لمصر العروبة، قبل التراجع لصالح قوي أخري من "مئات" الفضائيات المُريبة والمشبوهةفيها مالذ وطاب ومن دس للسم في العسل ونشر ثقافة الكسل والخرافة والاستهلاك.
تحولنا بعدها إلى مستوى يُرثَى له بعدما كنّا عمالقة، كل هذه القنوات العديدة "ليس" من بينها قناة واحدة خاصة للمهاجرين العرب ، وهو هدف هذا المقال، لأن قيمة تأثيرهم ( عددهم بالملايين ) تظل ضعيفة بالمقارنة مع يهود أوروبا وأمريكا، بل إنهم تحولوا إلى وضعية أشبه ما تكون بالزنوج في أمريكا قبل مارتن لوثر كينج والحقوق المدنية.
لقد سبق المغاربة المشارقة في ذلك بعمل قناة أطلس المغربية والمخصصة للجاليات المغربية في أوروبا وأمريكا وكندا والتي تُعَرَف بالنماذج الناجحة في المهجر في خدمة إعلامية متميزة، لاسيما في رحلة العبور السنوية لملايين المغاربة لقضاء إجازة الصيف مع أسرهم.
وتتوزع هذه الفضائيات العربية بين قنوات عامة وإخبارية ورياضية ودينية وأطفال وأفلام وأيضًا قنوات اللهو من الغناء والرقص الشعبي والتعارف ومعظم هذه القنوات هدفها تجاري بحت لإلهاء وخلخلة أولويات واهتمامات المواطنين ، ولأنها كيانات غير خيرية وهادفة للربح علي خلاف القيم ومباديء وحدة الدم والتاريخ والمصير للوطن العربي.
كان صوت أحمد سعيد من الإذاعة قادرًا علي جمع شمل العرب وتحريك القلوب والعقول للتحرر من الإستعمار الغربي بدعم من مصر الناصرية المُصِدرة للثورة لتسويق القومية والوحدة العربية.
أما اليوم فمن القادر علي أن يوحد صوت العرب؟ فمعظم القنوات تتقاتل جميعها بعد توظيف الدين والمال لخدمة السياسة وأهدافها الآجلة والعاجلة منها كمثال قناة الجزيرة ، وبعد 24 عاماً علي تأسيسها في عام 1996 ، وماتلاها من طوفان القنوات الأجنبية الإخبارية الأوروبية والأمريكية والإيرانية والتركية والروسية والصينية كلها باللغة العربيةالتي هي في حاجة الي مراجعة شاملة لها بعد 30 عامًا علي انطلاقها ودراسة مدي تأثيرها والاستفادة منها لصالح المواطن العربي.
وهنا أقول لماذا لا يعمل المهاجرين العرب بجدية علي توحيد أصوات جالياتهم في الخارج ؟ خاصة في الغرب وذلك بإنشاء قناة فضائية جديدة خاصة للمهاجرين العرب في أوروبا وأمريكا تكون باللغات الأوروبية والعربية لربط الأجيال الجديدة بجذورهم الأصلية، أوإذاعات خاصة باللغات المحلية مع العربية أيضاً للتوعية بحقوق وواجبات ملايين المهاجرين العرب خاصة من دول المشرق والمغرب العربي.
وهناك إذاعات ناجحة عريقة في لندن BBC وفرنسا إذاعة الشرق والشمس وراديو مونت كارلو مع رولا خرسا والأستاذ جورج قرداحي، وفي بلجيكا يوجد راديو الوطن والمنار، ويقوم بخدمة المهاجرين العرب في بروكسل ويبقي دول أخري كثيرة ومنها هولندا وإذاعتها الممولة من الدولة، لكنها في أمَس الحاجة إلى خدمة خبرية وإعلامية للعرب في عملهم أو في سياراتهم لربطهم بالواقع ولتوعيتهم اجتماعيًا ودينيًا وسياسيًا بحقوقهم وواجباتهم خاصة أن تكلفة إنشاء فضائية أو راديو المهاجر لن تكون عالية مع التقدم التقني والثورة الرقمية.
وسيتم إيجاد موارد إعلانية عن طريق فريق عمل إحترافي لكي توجد هذه القنوات لتبقي إلى ما شاء الله.


















