تغييب الوعي...والإعلام
بقلم : م.أشرف الكرم
لاشك في أن إقبال الجميع كبارًا وصغارًا على وسائل الإعلام، المسموعة منها والمرئية هو أمرٌ واقع ينهل منه العامة والخاصة مصادر الأخبار والتحليلات والآراء المتعددة، والتي تقدمها هذه الوسائل بما فيها من غث وسمين.
وأيضًا أصبح لمنصات التواصل الاجتماعي نصيبُ الأسد في شرائح المتابعين من الداخلين والخارجين من تلك المنصات التي تجمع ملايين من مواطني أي دولة في أيٍ من الكرة الأرضية.
ولانغفل كيف هو سحر تلك الوسائل الإعلامية التي تصب زخمها ليل نهار في عقول المواطنين المتلقين للتحليلات الإخبارية، والتي من خلالها يمكن تشكيل العقل الجمعي للمجتمع، وتوجيه الفكر العام بين القبول والرفض، بما يصل أحيانًا إلى التحرك السلبي صوب الأهداف التي ترسمها هذه الوسائل الإعلامية بدقةوبحرفية عالية ، وبشكل علمي وتقني فاعل في تغييب الوعي الجمعي لدى المجتمعات.
ويصل الأمر كثيرًا إلى وصف من يعمل لصالح دولته ووطنه، ويعمل على استقرارها وبنائها وتقوية إدارتها، بأنه من "حملة المباخر" أو من "المطبلاتية".
وعلى النقيض نجد استساغة وصف من يعمل على تقويض أواصر الدولة وأحيانًا على هدمها و تفتيتها وبث الفرقة أو الإحباط بين أبنائها ، بأنه "مِقدام جَسُور" أو أنه "معارض مناضل" أو أنه من "الوطنيين".
رغم أنه في الأصل، ليست المعارضة إلا تقوية للدولة وشد أزرها بنقد بنّاء يساند و يساعد في الأداء ولم تكن يوما دعوات لتفتيت المجتمع أو هدم ممتلكات الدولة والوطن أوكسر إدارته.
هنا نجد أنفسنا أمام تحدٍ شديد، خاصة وأن التحكم في تلك الأدوات الإعلامية أصبح ضعيفًا، ولايمكن فيه المنع أو القمع من الوسائل التي كانت قد تصلح بالأمس منذ عقود مضت.
غير أن هذا المنع أيضًا ليس مطلوبًا، إذ أن الوعي لا تبنيه الحواجز ولاالإغلاق، بل يجب بناؤه في أبناء الوطن بوسائل الإدراك الفكرية والتثقيفية لتلك لأخطار ، وبالحوارات الواعية بين نخب المجتمع على وسائل الإعلام الوطنية المختلفة، كإعلام وطني مقابل، يرد التحليلات المغرضة ويفند الزيف ويقطع دابر الإشاعات ويوضح المفاهيم المغلوطة للخبر الصحيح.
وعلى الجانب الأهم، نجد علينا نحن كأولياء أمور للأبناء مسئولية بث الروح الوطنية الصحيحة فيهم منذ نعومة الأظافر، والتي تخلق داخلهم بوصلة ذاتية للإنتباه إلى تلك الأنواع الخبيثة من الإعلام الموجه مما يفسد السلام المجتمعي بين أبناء الوطن.
فإذا ما نجح الإعلام الوطني ونجحت الأُسر في بث تلك الروح وزرعه في نفوس العامة والنشء ينجح بالتبعية المجتمع في التصدي لتلك الهجمات الإعلامية التي لن تَرُق حينها لأبناء الوطن الذين تم تقوية إدراكهم لمخاطر مثل تلك الموجات الإعلامية المدفوعة والمأجورة، أوالتي تأتي من الشتات الفكري الضال لدى بعض أبناء المجتمع.


















