الفرق بين الخبير القضائي وقاضي تسوية المنازعات

بقلم : المستشار محمد علوان 

تعريف الخبير القضائي لتسوية المنازعات

أولاً : تعريف الخبير الذي تستعين به المحكمة الدولية. 

- يمكن تعريف الخبير بأنه شخص ذو دراية عالية بعد تكوين طويل وممارسات ميدانية، لذا تجد له إلمام بموضوع فني أو علمي أو عملي، تستعين به المحكمة في أمور تدخل في اختصاصه، ولا يجوز للخبير أن يتجاوز المهمة المكلف بها، ويشترط فيه أن يكون مشهود له إنسانياً واجتماعياً.

ثانياً : الصفة القانونية للخبير أمام القضاء. 

- اختلفت الآراء في تحديد الصفة القانونية للمركز الذي يشغله الخبير أمام القضاء، وهناك آراء عدة أهمها:

- اعتبر البعض أن الخبير يعد شاهدًا حيث أنه يشهد بأمور يتطلب تقديرها تخصصاً فنيا لتفسير العلاقة بين الوقائع والأدلة والنتائج المستخلصة منها، وهذا النوع من الشهادة يساعد القاضي على تكوين رأي في النزاع المعروض، وقد أخذ بهذا الاتجاه القانون الانجليزي البريطاني الذي لا يعرف نظام الخبرة.

- يرى البعض الآخر أن الخبير مساعدًا للقاضي، حيث يعاونه في مرحلة التقدير، إذا كان هناك مسائل فنية أو علمية لا يستطيع القاضي تقديرها بنفسه، فيتدخل الخبير ليكمل معلوماته، ويزوده بالتقدير الفني حتى تتكون القناعة لدى القاضي بالحكم الذي يريد إصداره، والرأي الراجح  هو أن الخبير مساعد وقتي للقاضي في الدعاوى التي تتضمن مسائل علمية وفنية، لا يستطيع القاضي تكوين قناعة قانونية فيها إلا إذا تم تفسير المسائل الفنية والعلمية من قبل أهل الاختصاص. 

ثالثاً : تعريف قاضي تسوية المنازعات.

- هو شخص له ولاية القضاء يحكم وفقًا للقانون بين المتنازعين ويرأس المحكمة. سلطات ووظائف، وطريقة التعيين، والانضباط، وتدريب القضاة تختلف على نطاق واسع من خلال المحاكم الدولية عبر العالم. 

رابعاً : الشروط التي يجب أن تتوفر في قاضي المنازعات:

• أن يكون مؤهلاً ومتخصصاً ودارساً وملماً بمبادئ القانون الذي يحكم به.

• أن يكون واسع الصدر محيطاً بكافّة ملابسات القضية التي يحكم فيها بالعدل.

• أن يكون محمود السيرة وحسن السمعة، بطيء الغضب ولاسيّما حين سماعه لمرافعة المدّعين.

• أن يكون ذا روح عالية لا تجعله يخشى أصحاب القوّة والسطوة.

• عزيز النفس، بعيداً عن أطماع الدنيا، مترفّعاً عن الرشوة.

• من أهل التأمّل والتحقيق ولا يمرّ بسهولة على القضايا، ولا يقضي دون دليل وعلم، ولا يكتفي بسماع الأقوال في إصداره لأحكامه.

• إذا اشتبهت عليه الاُمور وبدت له صعوبتها لم يفقد القدرة على الاحتياط والتأمّل، ولا يتخلّى عن كشف الواقع على أساس الأدلّة والبراهين.

• طلق الوجه مع الخصوم، لا يكلّ عن سماع الخصوم - في نطاق الدعوى.

• الاحتياط لعدم الانخداع بأساليب المكر والحيلة ولا يستهويه التملّق والإطراء.

• أن يكون صارماً في إصدار الأحكام العادلة إذا تكشّفت الحقائق وليس هنالك من يعيقه، فليس في حكمه محاباة لأحد ولا بخس لآخر.

خامساً : واجبات قاضي المحكمة الدولية INCODIR

- يتعين على قاضي المحكمة أن:

▪︎ يكون محايدا. فلا يميل لخصم في المنازعة المعروضة أمامه.

▪︎ يحترم حقوق الدفاع. فلا يجوز للقاضي الحكم علي الخصم بدون سماع دفاعه واطلاعه علي أقواله وإعطائه المهلة اللازمة لإعداد جوابه في سماع هذا الدفاع.

▪︎ عدم الاشتغال بأي عمل مع كيانات أو منظمات مشبوهة أو وهمية تضر بسمعة المحكمة ورصانتها وكرامة القضاء واستقلاله.

▪︎ السلوك الحسن: يجب على القاضي عدم الاشتغال بأي عمل يخل بكرامة القضاء واستقلاله، وأن يراعي في حياته الخاصة الامتناع عن أي سلوك ـ ولو كان في ذاته مشروعاً ـ لا يتفق مع ما يجب أن يكون عليه من هيبة ووقار وبُعد عن الشبهات، كما يجب أن يكون محايداً ونزيهاً وألا يقبل أي تدخُّل أو وساطة أو توصية لصالح أحد الخصوم أو للإضرار به.

▪︎ بالإضافة إلى ذلك فالقضاء الدولي في مختلف الدول والأنظمة يتمتع بالاستقلال عن جميع سلطات الدولة
 فليس للسلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية الحق في التدخل في عمل القضاء أو ترهيبه أو تنتزع من القضاة المحكمة الدولية ما تشاء من منازعات لتفصل فيها.

▪︎ كان القضاة قديماً في فرنسا يشترون هذا المنصب ثم يتولون تحصيل ما دفعوه من الخصوم. ولكن ألغت بعض الدول هذا النظام وأصبح النظام القضائي بالمجان، بخلاف مما تتقاضاه بعض المحاكم الدولية من رسوم ودمغات وطوابع إلي جانب أتعاب المشرفين.

● ملاحظة : يتمتع قضاة المحاكم الدولية عبر العالم بالحصانات الدولية المنصوص عليها بالقانون الدولي. 

■ سادساً : الفرق بين الخبير والقاضي

- يقترب عمل الخبير من عمل القاضي، حيث أن كلاً منهما يطلب منه تقدير المسائل محل البحث والإدلاء برأيه ، إلا أن هناك فروقًا بين عمل الخبير والقاضي، أوجزها فيما يلي:

- الخبراء مختصون في تمييز الحقوق واقرارها، والقاضي مختص في أحكام القضاء والزامها، أي أن خبرة الخبير غير ملزمة بذاتها، وأما حكم القاضي فهو ملزم بذاته.

- إن الخصوم يرفعون دعواهم للقضاة دون الخبراء، ذلك أن الخبراء ليس من وظيفتهم الحكم بين الخصوم، وإنما يقدمون رأيًا للقاضي، يستعين به لإنهاء الخصومة.

-يَفصِل القاضي في النزاع المعروض أمامه، أو يصدر حكما في واقعة معاقب عليها، أما رأي الخبير فليس إلا استشارة فنية. 

- بعد بيان الفروق الجوهرية بين الخبير والقاضي يتبين لنا أن للخبير مركز قانوني خاص فهو مساعد وقتي للقاضي في الفصل بالدعاوى التي تحتاج لتدخل الخبير.