مدارات
بقلم : د.خاطر الشافعي
• في غَمرة سكون الليل والصمت المريب ، عرج الرجل بعينين ساهمتين صوب السماء ؛ بحثًا عن مداراتٍ لأحلامه ، بعدما ضاقت عليه الأرض بما رحبت ، وتنكَّرت له الأمانيُّ بما رسَمَت ووسَمت ، ولم يكَدْ يرى النجوم إلا وقد هوى كما النيازك في حرِّ صيف قائظ!
• من دون الحاجة إلى منبِّهٍ لإيقاظه ، صحا الرجل بعدما استفزَّه ذاك الضوء الشديد وهو يخترق ثقوب ستائر حجرته ؛ فهرول إلى الداخل هربًا من الضوء، وما كاد يفعل حتى هرول كما المذعور نحو أصواتٍ تناديه خارج المنزل ، فإذا هم زملاء العمل يستعجلونه وإلا ذهبوا من دونه، فلم يكد يرد عليهم إلاوانطلق (الباص) ، فارتد الرجل على عقِبَيه مكسورًا محزونًا!
• أمام المِرآة، حدّث الرجل نفسه : أين ذهبت ملامحي ؟! حتمًا ذابت بين همومي، صاح: يا أنا، لم يسمع ردًّا! كرَّر النداء: يا أنا! حَمْلق في المرآة ، هاله الصمت المريب ، بَيْدَ أن صوتًا قادمًا من أعماقه ردَّد الصدى!
• جلس الرجل أمام التلفاز يستمع، ولم يكد يفعل حتى جلس خلف التلفاز!
• ........
• .......
• ..... وكثيرة هي المدارات والمتناقضات!
إنه وسط ما نعيشه نرى صورًا متباينة من الأفعال وردودها، فلم يعُدْ للمدارات نسقٌ يميزها، فما كنا نحسبه يطير بجناحين قد لا يرقى لأن يسيرَ على أربع، وما كنا نحسبه يسير على (قضيبين) قد لا يرقى إلا للسير على (حبال السيرك)!
تلوُّنٌ مَقِيت ومَعِيب عندما تكون (المادة) هي عنوانَ تعاملات الكثيرين - إلا من رحم الله - وأسلوب مقزِّز أن تكون (المصلحة) هي المسيطرةَ على الأفعالِ وردود الأفعال أيضًا في تعدٍّ سافرٍ على القِيَم والمبادئ، وأزمة خطيرة تعيشها (الأخلاق) في ظل فوضى المفاهيم.
ويبقى الحل الذي يضعنا دومًا على مدارات الفِكر الصحيحة، هو تمسُّكنا بما أمَرنا به دِيننا، وأرشدنا إليه نبيُّنا المجتبى صلى الله عليه وسلم، وعدم الانصهار في بُوتقة صراع مَعيبٍ من أجل دنيا لن تغنيَ أبدًا عن آخرة ، نسأل الله الهداية للجميع.


















