المدينة الفاضلة..."وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن"
بقلم : د محمد بدير الجَلب
هل يمكن لنا أن نتصور حاليًا شوارعنا خالية من السب والشتم ؟ وهل يمكن لنا أن نتصور أناس يتحدثون إلى بعضهم بدون ألفاظ تؤذي المشاعر؟ هل ممكن لنا أن نتصور المدارس خالية من التنمر؟ أوالجامعات خالية من العنف اللفظي؟ هل ممكن أن نتصور الاسواق وهي خالية من الحلف الباطل؟
لوتصورنا كل ذلك فإننا بالتأكيد نحلم...حلم يقظه يصعب تحقيقه ، أو يستحيل تحقيقه...يستحيل تحقيقه في ظل تدهور مستمر في الأخلاقيات ، وفي ظل ارتفاع معدلات العنف بين الناس ، وفي ظل غياب أدوار لجهات من وظائفها الحفاظ على الأخلاقيات والقيم والعادات ، وفي ظل طغيان الحياة المادية على مناحي الحياة...
ولكن هذا الحلم قد يأتي يومًا ويتحقق ، وإذا تحقق فإننا سنعيش في "المدينة الفاضلة"، ليست تلك المدينة الفاضلة التي حلم بها الفيلسوف أفلاطون، ولكنها المدينة الفاضلة التي تحكمها آية قرآنية واحدة وهي "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن".
تصور (وأنت مغمض العينين) أن كل فرد في الشارع لا ينطق إلا بالكلام الأحسن ..ردود حسنة عليك عندما تسأل ، سلام عليك عندما تمر ، كلمة رقيقة مجاملة لك ، كلمة اعتذار عن خطأ وقع ضدك ، رد رقيق عندما تطلب خدمة... وزد من تصورك ـ وأنت مغمض العينين ـ أن تجد زوج ينادي زوجته بأجمل الألفاظ ، وزوجة ترد على زوجها بأعذب الكلام، وأخ يتحدث مع أخته الكبرى بكل احترام، وأخت تتكلم مع أخيها في عطف وحنان،وأبناء يعاملون الوالدين باحترام وبدون أن يسمعوا منهم كلمة " أف".
وتصور ـ أرجو ألا تفتح عينيك ـ أطفال في الشوارع يلعبون وهم يسبون بعضهم بأفظع الألفاظ، وشباب "أولاد وبنات" يتخاطبون في الشوارع بأهبط الألفاظ بلا خجل ولاحياء..وتصور مسلسلسلات فضائية ومسرحيات خالية من الألفاظ "الهايفة" "الهابطة" أو النكات "السطحية" التي تفسد الذوق العام.
تصور ـ وأنت مازلت مغمض العينين ـ أن كل من يقابلك يناديك بأجمل الأسماء التي تحبها، ويقدم إليك كل ما تحب ومعها كلمة رقيقة، ويعتذر لك عن كل خطأ وقع ضدك بأسف شديد... وتصور نفسك (أنت) بادلتهم الكلمة الحسنة بكلمة أحسن منها ، وقدمت الاعتذارات عن اخطائك بأحسن ألفاظ الاعتذار، وتحدثت مع كل من يقابلك بأحسن كلام، وكلمت زوجتك وابناءك بأحسن كلام... هل تتصور ذلك؟؟؟ ...
"تصور" وافتح عينيك الآن... وردد " وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن".


















