د. "محمد فاروق" يكتب : مبارك والتاريخ
بقلم : د.محمد فاروق أبوحشيش
الجزء الأول
سوف يذكر التاريخ الرئيس محمد حسنى مبارك على أنه الرئيس الرابع لجمهورية مصر العربية ، وهو الأطول في فترة حكم مصر بين ملوك ورؤساء مصر منذ محمد على باشا حيث أنه حكم مصر من 14 أكتوبر عام 1981 وحتى 11 فبراير عام 2011 ، أي قرابة الثلاثون عامًا في تاريخ مصر .
وقد خرج علينا الكثير بعد ثورة 25 يناير 2011 ، بالمطالبة بإسقاط اسم مبارك من شتى أمور الدولة المصرية ومن تاريخ مصر كلها ، بل شكك البعض بقيادة مبارك للضربة الجوية في حرب أكتوبر 1973 وأنه لم يكن صاحب الضربة الجوية الفعلي ، ولكن يا سادة التاريخ لا يكتب على حسب الأهواء أو الانتماء فالتاريخ يظل للتاريخ سواء كنت تتفق أو تختلف مع من فيه ، وهو ما أحاول إلقاء الضوء عليه في هذه المقالات .
فمبارك ابن كفر المصيلحة بمركز شبين الكوم محافظة المنوفية ، والذي تخرج من الكلية الحربية عام 1949 برتبة ملازم ثان والتحق بعدها بسلاح المشاة لمدة 3 شهور قبل أن يلتحق بالكلية الجوية والتي تخرج منها في مارس 1950 ثم تتدرج في المناصب والرتب في القوات المسلحة إلى إن وصل اللواء محمد حسنى مبارك قائد للقوات الجوية في حرب أكتوبر 1973 والتي كان لها الأثر الأول في انتصار الجيش المصري واسترداد الأرض ، حتى اختاره الزعيم الراحل أنور السادات بعد ذلك نائبا لرئيس الجمهورية في ابريل 1975 ، ثم وصل إلى حكم مصر في 14 أكتوبر 1981 بعد اغتيال الرئيس السادات .
سنوات حكم مبارك الأولى لم تكن بالسهولة كما يعتقد البعض ، فلم تكن العلاقات العربية لمصر مع أشقائها في أحسن حال ، بل كان هناك مقاطعة لمعظم الدول العربية لمصر بعد اتفاقية كامب ديفيد ، والتي هي الأخرى أصبحت على المحك بعد اغتيال السادات ومحاولات إسرائيل التراجع عن تسليم الأرض ، بالإضافة إلى حالة الانقسام في المجتمع المصري بعد قرارات الرئيس السادات قبل اغتياله في سبتمبر 1981 ووجود حالة استقطاب كبرى بين طوائف الشعب .
ولم يكن مبارك في ذلك الوقت الزعيم الذي يمتلك الكاريزما والخطابة التي تساعد على السيطرة على هذه الأوضاع ولكنه امتلك الحكمة والتي استطاع من خلالها العبور بمصر في هذه المرحلة الخطرة وعمل مصالحة داخلية مع أطياف المجتمع المصري وأيضًا مع الأشقاء العرب .
استطاع مبارك في هذه الفترة أن يعمل إصلاحات اقتصادية وكان موفق في العديد من المشاريع الاقتصادية التي من أهمها مشروع مترو الإنفاق ومشروعات المدن السكنية الجديدة التي تم التخطيط لها في عهد السادات واستكملت في عهد مبارك ، وأيضًا تطوير البنية الأساسية لقطاع السياحة وتطوير مدينة شرم الشيخ.
وعلى المستوى السياسي سيظل يذكر التاريخ القرار الذي اتخذه عام 1982 عندما إدعت إسرائيل بحقها في طابا بعد تمام الانسحاب من سيناء ، فقرر مبارك اللجوء للتحكيم الدولي والذي حكم لصالحنا ، وقام برفع العلم المصري على طابا في 19 مارس 1989 لاسترداد آخر جزء من التراب المصري .
والحقيقة بأن التاريخ سيذكر لمبارك في هذه الفترة من السنوات العشر الأولى لحكمه بأنه اجتهد وأجاد وتمت انجازات على عدة مستويات في بداية فترة حكمه ، وسوف نستكمل بإذن الله ما سوف يذكره له التاريخ أيضًا وما له وما عليه في الأجزاء القادمة .


















