م اشرف الكرم يكتب”“اللامبالاة والنهايات المحزنة”“

تلك هي نهاية كل من يُهمل، فالإهمال والتسيب واللامبالاة، والاتكال على جملة "ربك بيسترها" وحكاية "خليها ع الله"
وقصة "متحبكهاش" وموضوع "كله بيعدي" وجملة وجملة، من الجمل سيئة السمعة،
والتي أرست في ثقافة البعض، أنه ليس مهمًا أن يكون العمل ذا جودة، وإتقان، ودقة، وأمان، وأن "كله بيعدي بالتساهيل".
فكانت النتائج دومًا مؤلمًا والثمن باهظًا، في كوارث وفجائع تحدث، بسبب هؤلاء المهملين المتسيبين على أرض مصر، وفي النهاية تكون النتيجة لهؤلاء المهملين أيضًا مؤلمة، ولمن تضرروا منهم أشد إيلامًا.
أقول ذلك، بعد تأييد محكمة الاستئناف بأكتوبر، لأحكام حبس المهندسين المسئولين عن كارثة إنفجار خط الغاز بطريق الواحات عند مدخل مدينة أكتوبر.
وكان من حيثيات حكم المحكمة التالي:
وأشارت المحكمة إلى أن «المهندس الفني ليس موظفًا عابرًا، بل هو الحارس على سلامة الأرواح والمنشآت، فإذا غابت عنه الدقة وساد الاستهتار، صار وجوده خطرًا على المجتمع، لا عونًا له»، وأقول للحقيقة: صِدقًا قالت المحكمة.
وهنا، كان من اللازم اللازب، أن أتوجه بكلماتي إلى أبنائي المهندسين الشباب، العاملين في شتى ربوع مصر، بأن عليكم التمسك بوسائل الأمن والسلامة تحت عنوان "السلامة أولًا"، ولا عليكم من بعض مديريكم أو رؤسائكم في العمل ممن تعلموا وتعودوا الإهمال في مدرسة اللامبالاة والتسيب، وتعودوا عدم القيام بواجبهم الذي تحتمه علينا جميعًا مهنة الهندسة، ممن سيُهوِّنوا عليكم نتائج الإهمال وسيقللوا في أعينكم أهمية الجودة والأمان والسلامة والإتقان.
هؤلاء المدراء منتشرون وللأسف، حيث يبثون كل تلك الثقافات البالية -التي لا تؤدي إلا إلى الكوارث بالوطن- يبثونها في فرق العمل الجديدة التي تعمل تحت إدارتهم، وأنصحكم بأن لا عليكم من هؤلاء، ولا تستمعون إليهم بل وجِّهوهم بلطف واتزان إلى أنكم لن تفعلوا إلا ما تعلمتموه في كليات الهندسة في الجامعات المصرية العريقة، من حيث المواصفات الفنية والأصول القياسية، وبأنكم لن تنساقوا وراءهم في اللامبالاة التي عاشوا فيها وشربوا أدبياتها، وتسببوا في الوطن بإهمالهم أكبر الكوارث، لأنهم حين تقع الكارثة، لن يجدوا إلا صغار المهندسين ليصبوا عليهم اللوم صبًا، وسيطالبون بأشد العقاب عليهم ليُخلِّصوا أنفسهم من المسئولية ويلوذوا بالفرار.
عليكم يا أبنائي المهندسين الشباب ألا تُصدِّقوا تلك الأقاويل التي يروجها البعض من شعب مصر، والتي تدعو إلى التواكل وعدم القيام بالواجب، وعدم الأخذ بأسباب العلم والمعرفة والجودة، وعليكم أن تكونوا نبراسًا يقود وعي شعب هذا الوطن، نحو تغيير الثقافات السلبية، للوصول بمصر إلى أعلى المراتب الدولية، حتى نزاحم العالم في مجالات الجودة والإتقان والسلامة والعلم والمعرفية، عن طريق مهندسينا في هذا الوطن.