”“القوة الصامتة في معادلة المصريين بالخارج”“ بقلم شيماء إبراهيم
حين يُذكر المصريون بالخارج، غالبًا ما تُسلَّط الأضواء على العلماء ورجال الأعمال والنخب الفكرية، وكأنهم وحدهم يمثلون قوة مصر الناعمة. لكن الحقيقة أن الأغلبية الصامتة من المصريين بالخارج من العمالة البسيطة، والنساء، والأطفال هم الركيزة الأساسية والرصيد البشري الأكبر، الذي يحمل في صمته تأثيرًا عميقًا يفوق كثيرًا ما يُتوقع.
فالعمالة البسيطة ليست مجرد أيدٍ عاملة تساهم في التحويلات المالية، بل هم سفراء يوميون للثقافة المصرية، يعيشون وسط المجتمعات الأجنبية ويعكسون بسلوكهم وأخلاقياتهم صورة عن مصر. لكن هذه الفئة رغم ضخامتها لا تزال تعاني من ضعف الاهتمام المؤسسي، وتحتاج إلى حماية قانونية واجتماعية تليق بدورها ومكانتها.
أما المرأة المصرية بالخارج، فهي قوة مضاعفة: تدير أسرتها، وتساعد في اندماجها بالمجتمع الجديد، وتفتح جسور إنسانية وثقافية مع المحيط، بل إن كثيرًا منهن أصبحن واجهة مشرفة وقيادات في العمل العام بالجاليات.
والأطفال يمثلون الامتداد الأعمق لمستقبل الهوية المصرية، لكنهم الفئة الأكثر عرضة للذوبان إذا لم تتوافر برامج جادة للحفاظ على اللغة العربية وربطهم بثقافة بلدهم الأم. فاستثمار الدولة في أطفال المهجر يعني استثمارًا استراتيجيًا طويل الأجل في قوة مصر الناعمة.
ومع كل ذلك، يظل التحدي الأكبر هو غياب جسور الثقة والتواصل بين هذه الفئات ومؤسسات الدولة أو ممثليهم من النواب. من أبرز أسباب فقدان الثقة شعور المصريين بالخارج أن النواب لا يحاولون التواصل معهم وفهمهم وإيصال صوتهم والعمل على حل مشاكلهم والتحدث بعقلهم ولسانهم إلا فى موسم الانتخابات فقط. فالمطلوب ليس مجرد زيارات موسمية أو خطابات دعائية، بل تواصل حقيقي مستمر، بلغة بسيطة قريبة من وجدانهم، وخطاب يُخاطب عقولهم وواقعهم اليومي، ويجعلهم يشعرون أنهم شركاء حقيقيون في بناء الدولة، لا مجرد أرقام في إحصاءات التحويلات المالية.
فالمصريون بالخارج ليسوا نخبة فقط. فالقوة الصامتة – من عمال، نساء، وأطفال – هي الكتلة الحرجة التي تحتاجها مصر إذا أرادت بناء لوبي عالمي حقيقي. الاهتمام بهم، والاستماع لهم، وكسر الحواجز بينهم وبين ممثليهم من النواب، هو ما سيحوّل هذه الكتلة من مجرد جموع صامتة إلى قوة استراتيجية تعزز مكانة مصر الإقليمية والدولية.


















